بريطانيا ستلجأ إلى الحروب الإلكترونية لدعم قواتها المسلحة في العمليات القتالية

وزير القوات المسلحة دعا إلى إخضاعها للقوانين الدولية

TT

أعلن وزير القوات المسلحة في وزارة الدفاع البريطانية، نيك هارفي، أن الحكومة البريطانية تنوي استخدام الفضاء الإلكتروني لدعم قواتها المسلحة في حروب مستقبلية، عبر استغلال نقاط ضعف العدو. وفي خطاب حول «حروب الفضاء الإلكتروني» ألقاه هارفي في معهد تشاتم هاوس في لندن، أمس، قال هارفي إنه «في المستقبل سيتعين على الأمم أن تربح الحروب في الفضاء الإلكتروني إلى جانب الحروب العسكرية التقليدية».

ولكنه أصر على ضرورة اتباع القانون الدولي قبل اتخاذ قرارات لشن هجمات في الفضاء الإلكتروني. وقال: «الخطوات في الفضاء الإلكتروني يجب أن تخضع لحكم القانون الدولي نفسه الذي يحكم الخطوات التي تتخذها الدول ضد بعضها». وأضاف «في ظل الحكومة السابقة، كنا نفضل اللجوء للقانون الدولي لتبرير ما قررناه مسبقا، عوضا عن إخضاع القرار للقانون. يجب أن نعترف بذلك، وأن نحترمه أكثر».

وكانت الحكومة البريطانية قد أجرت قبل بضعة أشهر مراجعة لاستراتيجية الدفاع الخاصة بها، وهي الأولى منذ 10 سنوات، حددت فيها الخطر القادم من الفضاء الإلكتروني على رأس لائحة التهديدات التي تواجه بريطانيا في السنوات الخمس المقبلة، إلى جانب التهديدات الإرهابية. وأطلقت الحكومة الائتلافية برئاسة ديفيد كاميرون برنامجا وطنيا للأمن الخاص بالفضاء الإلكتروني، وخصصت له مبلغ 650 مليون جنيه إسترليني تصرف على مدى 4 سنوات، يهدف إلى حماية الأشخاص والبنية التحتية الوطنية، من اعتداءات عبر الإنترنت.

وشدد هارفي على أن الحكومة «لن تكون وحدها قادرة على مواجهة الأخطار الجديدة القادمة من الاعتداءات عبر الإنترنت، بل سيكون عليها أن تتعاون مع الأكاديميين والاختصاصيين»، مشيرا إلى أن «هذا التعاون سيتم ضمن البرنامج الذي أطلقته الحكومة قبل أشهر». وقال: «أطلقت الحكومة برنامجا لمحاربة جرائم الإنترنت ووضع خطط لكي تتمكن الحكومة من الدفاع عن نفسها بوجه هذه الاعتداءات، ولكن لا يعني ذلك أننا سنتخلى عن الدفاع التقليدي المتمثل في الجيش وهذا لن يتم استبداله أبدا، بل قد نصل إلى مكان يتشابك الأمرين سويا».

وعلى الرغم من أن الوزير البريطاني أشار إلى أن بريطانيا اليوم «هي أكثر أمانا من الماضي»، فإنه أضاف أنها أيضا «أكثر عرضة للخطر». وقال: «أكثر أمانا بمعنى أننا لا نواجه التهديد التقليدي على أرضنا كما في الماضي، ولكننا أكثر ترابطا على الصعيد العالمي ونعتمد على تكنولوجيات بعضنا البعض. هذه علامات قوة اقتصادية ولكن أيضا ضعف». وأشار إلى أن «من يضمر لنا السوء أولئك الذين تقودهم أيديولوجياتهم، قد لا تكون لديهم الإمكانات لتحدينا عبر الوسائل العسكرية التقليدية، بل سيسعون إلى مهاجمتنا عبر طرق أخرى».

وتحدث كيف تحول شكل الحروب في السنوات الماضية، وكيف سيستمر بالتغيير، وقال: «خلال السنوات العشر الماضية، رأينا كيف تحولت الطائرات المدنية إلى قنابل انتحارية ورأينا كيف تطورت العبوات الناسفة بفضل التكنولوجيا لتستعمل ضد قواتنا في أفغانستان وفي مترو لندن والمطارات.. هذه موجة جديدة من الحروب التي تتجنب المواجهة المباشرة والضرب على نقاط القوة، وتوجه ضرباتها إلى نقاط الضعف». ووصف هارفي جهاز الكومبيوتر المحمول بأنه «قد يتحول إلى سلاح بخطر صاروخ كروز إذا وقع في الأيدي الخطأ»، وقال: «الحروب الفضائية تتميز بأنها يمكن للمعتدين أن يستعملوا فيها الأجهزة نفسها التي يستعملها أي شخص لتأدية عمله اليومي. لابتوب على مكتب يستخدم لإجراء حسابات وإرسال رسائل إلكترونية ومشاهدة برامج التلفزيون، هو الأداة نفسها التي يمكن أن تستخدم لشن هجوم على بنيتنا التحتية». وأضاف «جهاز محمول واحد موصول على شبكة الإنترنت، إذا وقع في أيدي شخص خطأ، فإنه سيكون بخطر صاروخ كروز».

وشدد الوزير البريطاني على أن «عواقب لهجوم منظم ومنفذ بشكل جيد على شبكتنا، سيكون كارثيا». وقال: «رأينا كيف ينفذ الإرهابيون في السنوات الماضية اعتداءات على مراكز رمزية عوضا عن عسكرية مثل مركز التجارة العالمي. ولن يكون هناك وقت طويل قبل أن يبدأ الإرهابيون باستعمال الفضاء الإلكتروني لشن حروب إلكترونية بطريقة أكثر مدروسة، ليس فقط كأداة لمنظمة، بل كطريقة إرهاب. ويمكن أن يستعمل قراصنة الإنترنت الفضاء الإلكتروني لشن هجمات كبيرة وتنظيم عدد من الاعتداءات بدلا من اعتداء واحد».

ودعا أيضا إلى شراكة عالمية لمواجهة التحدي الجديد، مشيرا إلى أن العمل ضمن الناتو سيكون أساسيا، وقال: «يجب أن نتوصل إلى تفاهم حول الطريقة الفضلى للدفاع عن أنفسنا في حال وقع هجوم إلكتروني. وسيعلن الناتو أيضا عن مراجعة لاستراتيجيته الدفاعية خلال أسبوعين، وستحدد فيها المخاطر الجديدة التي تواجه الحلف، ومن المتوقع أن يخصص جزء منها للحديث عن التهديدات القادمة من الفضاء الإلكتروني».

وكان رئيس مركز الاستخبارات المتخصص بالاتصالات أيان لوبن، قد أعلن الأسبوع الماضي أن أكثر من ألف رسالة إلكترونية خبيثة ترسل شهريا إلى مقرات حكومية بريطانية كل شهر. وحذر عدد من المسؤولين البريطانيين في الأسابيع الأخيرة من تنامي خطورة الاعتداءات عبر الإنترنت.