طاجيكستان تضيق فرص الدراسة بالأزهر

عبد المعطي بيومي: الهجوم يستهدف الإسلام المعتدل

TT

رفضت جامعة الأزهر مجددا الدعاوى التي رددتها وسائل إعلام آسيوية باتهامه بـ«بث الفكر المتطرف»، وبينما أعلنت طاجيكستان أمس استعادتها نحو 150 طالبا كانوا يدرسون في الأزهر بمصر للحد من «نفوذ التعليم الديني الأجنبي»، قال الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر إنه لا ينبغي أن تعمد دولة ما إلى إلصاق ما فيها من مشكلات بجامعة الأزهر المعروفة بوسطيتها وكمنبر للإسلام المستنير.

وقالت السلطات الطاجيكية أمس إن الطلاب الذين استعادتهم كانوا قد غادروا البلاد للدراسة في جامعة الأزهر بالقاهرة، وإنهم سافروا إلى مصر بالمخالفة لقوانين البلاد، وإن إعادتهم تأتي في إطار الجهود الرامية للحد من «نفوذ التعليم الديني الأجنبي في طاجيكستان». وأكد مصدر مسؤول بجامعة الأزهر أن الدكتور أسامة العبد نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث التقى بالفعل وفدا من دولة طاجيكستان ترأسه جمعة خان وكيل أول لجنة الشؤون الدينية الطاجيكية، وأن الجانب الطاجيكي شكا من أن عدد الطلاب الطاجيك الدارسين بالأزهر وصل إلى 900 طالب يدرسون بمختلف المراحل الدراسية. وأوضح أن الجانب الطاجيكي أعرب خلال لقائه بوكيل الجامعة أن معظم أولئك الطلاب التحق بالتعليم الأزهري بطرق ملتوية دون علم السلطات في بلاده، مشيرا إلى أنه جاء إلى الجامعة يحدوه الأمل في أن يلتقي مجموعة من الطلبة ليبلغهم أن الدولة تخصص منحا دراسية للطلاب المبتعثين عن طريق القنوات الشرعية.

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن الوفد الطاجيكي التقى أيضا الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر وتشاور معه في دعوة الطلاب غير الرسميين لتعديل أوضاعهم الدراسية بالأزهر لتكون من بوابة المنح الدراسية الطاجيكية.

وقال المصدر إن الأزهر أبدى كل التعاون مع المسؤولين الطاجيك، منوها إلى الدور المحوري الذي لعبته الجامعة في التوعية بالدين الإسلامي في الدول المنفصلة عن الاتحاد السوفياتي وفي كافة بقاع العالم. ووصل الطلاب أول من أمس (الاثنين) العاصمة الطاجيكية دوشنبه بعد مشاورات بين الحكومة الطاجيكية والسلطات المصرية لتسليمهم لبلادهم، حسبما نقلت وكالة الأنباء الهندية عن مسؤولين طاجيك، ولم تذكر الأنباء أعمار الطلاب الذين جرى استردادهم واكتفت بالقول إن الطلاب «صغار السن».

وقال الناطق باسم اللجنة الحكومية الطاجيكية للشؤون الدينية: «استعادت طائرة تابعة للخطوط الجوية الطاجيكية نحو 134 من الطاجيك الذين قدموا من مصر حيث كانوا يدرسون العلوم الدينية»، وقال المسؤول إن الطلاب غادروا البلاد للدراسة بصورة غير مشروعة حيث سافروا بداية إلى روسيا، ومنها توجهوا إلى دولة ثانية، لم يسمها، ومن هناك ذهبوا لمصر بهدف الدراسة في جامعة الأزهر.

من جانبه أكد الدكتور بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر عميد كلية أصول الدين السابق أنه لا ينبغي أن تعمد دولة ما إلى إلصاق ما فيها من مشكلات بجامعة الأزهر المعروفة بوسطيتها وكونها منبرا للإسلام المستنير، مؤكدا أن الجامعة تستضيف منذ عشرات السنين طلابا من الدول المنفصلة عن الاتحاد السوفياتي، فلماذا ظهرت هذه الدعاوى الآن؟

وأوضح بيومي أن طاجيكستان أفقر الدول المنفصلة عن الاتحاد السوفياتي السابق، مشيرا إلى أن الفقر في الفكر هو أساس كل فقر فيما عداه. وأشار الدكتور مصطفى الشكعة عضو مجمع البحوث الإسلامية إلى أن الأزهر في عهد رئيسه الجديد الدكتور أحمد الطيب اتخذ منهجا أكثر اعتدالا، مطالبا بالرد على هذه الحملة التي يبدو أنها موجهة ضد الإسلام المعتدل بشكل شامل وليس ضد الأزهر وحده.

واجتاحت طاجيكستان موجة من العنف خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، حيث تلقي السلطات باللائمة على التشدد الإسلامي بشأن المسؤولية عن تفشي أعمال العنف، وتسببت اتهامات للأزهر وجهتها وسائل إعلام آسيوية خلال الشهر الماضي في اندلاع مظاهرات صاخبة في موسكو، كان من بينها أن جامعة الأزهر تحولت إلى «مفرخة للإرهابيين».

يشار إلى أن هناك نحو ألف من الطلاب الطاجيك يدرسون بالأزهر، بحسب السلطات الطاجيكية، ولكن النزر اليسير منهم فقط يدرس بالأزهر بصورة قانونية. وقالت السلطات الطاجيكية إنها لا تزال تجري المفاوضات لاستعادة من تبقى من طلابها بالأزهر.