فراغ السلطة في العراق فاقم البطالة وسط مخاوف من تداعياتها على الأمن

مدرسة لغة إنجليزية بالرمادي: ليس هناك حكومة فكيف سيكون هناك عمل؟

طالبات يحضرن درسا في اللغة الإنجليزية في معهد المعلمات بالرمادي (رويترز)
TT

كان فراغ السلطة في العراق على مدى ثمانية أشهر قد أبطأ مشاريع حيوية للتنمية الاقتصادية، وحول الانتباه بعيدا عن تقديم الخدمات الأساسية للعراقيين. وبلغت نسبة البطالة رسميا 15 في المائة في دولة يبلغ تعداد سكانها 30 مليون نسمة، لكن البعض يرفع النسبة إلى 30 في المائة. وعامة الناس غير القادرين على توفير حياة كريمة يهددون الاستقرار السياسي، ويشكلون موردا دائما للجماعات المقاتلة التي تبحث عن مجندين.

رولا عبد الله واجهت نقاط التفتيش التي كثيرا ما تديرها فرق قتل أو أعضاء في تنظيم القاعدة، كما تحدت القتال العنيف في مدينة الرمادي المضطربة في غرب البلاد لتعلم طالباتها الإنجليزية على مدى سبع سنوات ونصف السنة، منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق.

وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، فإن أهم ما يشغل رولا اليوم هو كم من طالباتها، وكلهن إناث، سيجدن فرص عمل بعد تخرجهن؟ وقالت رولا، التي تدرّس الإنجليزية منذ أكثر من 30 عاما في الرمادي: «لدى تخرج الطالبة كمدرسة تبقى في المنزل بسبب عدم وجود فرص عمل. ليس هناك حكومة فكيف ستجد الطالبات عملا؟».

وقال نور البياتي، وهو خريج حديث درس تكنولوجيا المعلومات في جامعة بغداد، إن الشبان يشعرون باليأس. وأضاف البياتي البالغ من العمر 23 عاما، ويعمل سائق سيارة أجرة بسبب عدم عثوره على فرصة عمل في مجال تخصصه: «الشبان أمثالي عندما يحتاجون للمال يتطلعون لأسرهم ليتمكنوا من العيش.. وقد يلجأون لأنشطة مع المتشددين إذا كانت ستوفر لهم ما يحتاجونه من المال»، وتابع: «إذا استثمرت الحكومة في مشاريع البنية الأساسية، وأعادت الحياة للكثير من المصانع والوظائف، فسيجد الناس فرص عمل».

وتباطأ العراق - الذي تضرر بشدة بعد عقود من الحروب والعزلة - في الوقوف على قدميه من جديد، بسبب صراع طائفي أطلقه الغزو، لكنه بدأ في الانحسار الآن. وتحتاج البلاد لاستثمارات ضخمة في جميع المجالات؛ فمحطات الكهرباء تهالكت ولم تعد توفر إمدادات الكهرباء سوى لبضع ساعات في اليوم، وخطوط السكك الحديد تحطمت وعرباتها الصدئة تعبر الصحراء متهالكة، وتحتاج البلاد لمليون وحدة سكنية جديدة.

وبدأت الاستثمارات الأجنبية في التدفق على قطاع النفط العراقي، لكن التنمية في المجالات الأخرى ما زالت بطيئة.

والعراق الذي تشكل صادراته من النفط نسبة 95 في المائة من إيرادات الحكومة، لديه خطة خمسية للتنمية الاقتصادية يأمل أن توفر ما بين ثلاثة ملايين وأربعة ملايين فرصة عمل جديدة بحلول عام 2014. وتهدف الخطة كذلك إلى تنويع الاقتصاد عن طريق المشاركة بين القطاعين العام والخاص والاستثمار الأجنبي. وقال مهدي العلاق، نائب وزير التخطيط العراقي ورئيس الجهاز المركزي للإحصاء، إن الخطة الخمسية التي تمتد من 2010 إلى 2014 تركز على قضية البطالة.

وصرح بأنه إذا نفذت الخطة بطريقة مهنية، فستساعد على توظيف ثلاثة ملايين شخص، وستنهي مشكلة البطالة. وقال العلاق إن 25 في المائة على الأقل من العراقيين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 عاما و29 عاما لا يعملون.

وفي حين أبدى المستثمرون الأجانب اهتماما متناميا بالعراق، فإن الوضع على الساحة السياسية واستمرار الوضع الأمني الضعيف جعلاهم ينتظرون. وظلت الدولة هي التي توفر أكبر فرص عمل في البلاد.

وفي معهد المعلمات في الرمادي في قلب محافظة الأنبار، معقل السنة، حيث تعمل رولا عبد الله، تخرجت 120 طالبة العام الماضي. وتقول مدرستهن إن قلة فقط وجدن فرص عمل. وأضافت رولا: «تخرجت الطالبات على مدى خمس سنوات من هذا المعهد معلمات للغة الإنجليزية، لكنهن حتى الآن لم يحصلن على عمل كمدرسات للغة الإنجليزية في المدارس الابتدائية».