اقتصاديات الحج

TT

لا يفصلنا عن يوم عرفة سوى يوم غد الأحد ليقف الحجيج بين يدي الله يوم الاثنين إن شاء الله، أغرب ما في الحج المتكرر كل عام أنه مكلف اقتصاديا للدولة السعودية التي تبذل الغالي والنفيس في سبيل راحة الحجاج دون النظر لمردود مادي. بل إن الحكومة السعودية ترى أن ما تنفقه على مكة والمدينة والمشاعر من بنية تحتية واجب أملته قدسية المكان والزمان، بل إن الحكومة تبذل جهدا في خدمة الحجيج بدءا من توزيع المصحف وانتهاء بالتطبيب المجاني، باختصار، الحكومة تقدم الخدمة ولا تهدف إلى الربح.

على صعيد المواطن فالأمر ينقسم إلى قسمين: قسم ينظر للأمر على أنه فرصة لاقتناص الحسنات فيبدأ بتوزيع المياه مجانا والحليب واللبن بل إن بعض القادرين يوزع وجبات إفطار وغداء وعشاء مجانا، مما يجعل الباحثين عن الربح في هذا الموسم في حالة تذمر. إذن فالقسم الثاني هم الباحثون عن الربح في هذا الموسم الذي يؤمن آلاف الفرص الوظيفية المؤقتة التي من الممكن أن يستفيد منها بالدرجة الأولى طلبة جامعة أم القرى وطلبة جامعة الملك عبد العزيز بجدة وبقية السعوديين - إن تطلب الأمر - فهناك حاجة ماسة للسائقين والأدلاء وغيرها من الوظائف المؤقتة وقد يحتاج الأمر إلى تطوير الآثار الدينية التي تمتلئ بها مكة والمدينة. وأنا على يقين أن معهد أبحاث الحج لديه حصر بهذه الوظائف وأعدادها المتناسبة طرديا مع عدد الحجيج والزائرين.

وعلى كل حال هناك خدمة الإيواء التي تحرك أسعار النزل العقارية وتوظف في الاستقبال وبقية الخدمات من أراد العمل حافظا لكرامته، وكنت أتمنى ما دام يصلنا عشرة ملايين ما بين حاج ومعتمر سنويا أن نسمح لهؤلاء بالتنقل في مدن السعودية وفق شروط أهمها الدخول بنقد مناسب للمدة، وحجز فندقي بعدد أيام الإقامة لنستفيد من هذا العدد ووفق الضوابط التي نريد.

ومن الممكن أن تشترك الجامعات السعودية في بحث مشترك عن اقتصاديات الحج وطرق الاستفادة منها للمواطنين عبر الإعلان عن الوظائف المؤقتة التي تستورد لها الشركات عمالة وافدة مع يقيني أنه يمكن شغلها من الداخل.

* كاتب اقتصادي