العالم يرحب برفع القيود عن «سيدة رانغون»

زعيمة المعارضة تدعو البورميين إلى «الوحدة».. وأوباما مشيدا بها: إنها بطلتي

TT

أفرجت السلطات البورمية، أمس، عن المعارضة اونغ سان سو تشي، بعد أكثر من سبع سنوات متتالية قيد الإقامة الجبرية، الأمر الذي لقي ترحيبا من قبل قادة عدة دول ومنظمات دولية.

وقبل رفع الإقامة الجبرية عن «سيدة رانغون» كما يسميها أنصارها، وصل مسؤولون رسميون إلى منزلها في شارع الجامعة، حيث تلوا عليها أمر النظام العسكري بالإفراج عنها في آخر يوم من حكم الإقامة الجبرية (18 شهرا). وأكد مسؤول طلب عدم كشف هويته «أنها الآن حرة».

وتجمع نحو ألفي شخص قرب منزل الحائزة جائزة نوبل للسلام، المحرومة من التنقل بحرية منذ مايو (أيار) 2003. وغنى بعضهم، الذين كانوا قد انتظروا طوال يوم أول من أمس، على أمل مشاهدة بطلتهم، وصفقوا بشدة في أجواء من الفرح الصاخب. وما إن أزيلت الحواجز حتى سارعت الحشود إلى منزل سان سو تشي القديم المتداعي.

وبعد أن تبلغت أمر الإفراج عنها، ظهرت سو تشي التي يرى أنصارها أنها تجسد الحل الوحيد أمام النظام العسكري، مبتسمة عند بوابة منزلها لبضع دقائق، وأدلت بكلمات مختصرة أمام حشود صاخبة طغى هتافها وتصفيقها على تصريحها. وقالت: «يجب علينا أن نعمل سويا، متحدين»، وأضافت: «أرجوكم، إذا أردتم الإصغاء فتعالوا ظهر غد إلى مقر الرابطة الوطنية للديمقراطية»، حزبها المنحل الذي خاضت به كامل نضالها منذ دخولها المعترك السياسي في بورما سنة 1988.

وأمضت ابنة الجنرال اونغ سان بطل استقلال بورما، نحو 15 من الأعوام الـ21 الأخيرة محرومة من حريتها، حيث كان النظام العسكري الحاكم دائما يجد مبررا لحبسها بعد كل إفراج عنها. ولم تتمكن من التنقل بحرية منذ مايو (أيار) 2003.

ومع رفع الإقامة الجبرية عنها، حاولت الشرطة احتواء الحشود التي تجمعت أمام الحواجز التي ظلت تقطع الطريق أمام منزلها منذ سنوات. وبلغ عدد الأنصار نحو 700، أمام مقر حزبها (الرابطة الوطنية للديمقراطية)، وحمل بعضهم قمصانا رسمت عليها صورتها، مع شعار يقول: «متضامنون مع اونغ سان سو تشي». وقال الشاب هتين وين، العضو في الرابطة قبل الإفراج عنها: «أتوقع الإفراج عنها لكنني لست متحققا تماما من ذلك، لأن الحكومة عسكرية». ولم تكن السلطات قد حددت ساعة الإفراج عنها، ولا برنامج الحائزة جائزة نوبل للسلام التي تبلغ من العمر 65 سنة.

ورحب قادة عدة دول ومنظمات دولية، بالإفراج عن سان سو تشي، داعين المجلس العسكري الحاكم في بورما إلى الإفراج عن باقي السجناء السياسيين. وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالإفراج عن المعارضة البورمية، معتبرا إياها «نموذجا» يحتذى به بالنسبة للعالم، ودعا السلطات العسكرية البورمية إلى الإفراج عن باقي المساجين السياسيين. وجاء في بيان نشره المتحدث باسم الأمين العام: «إن الأمين العام يأمل في ألا يفرض عليها أي تقييد جديد، ويحث السلطات البورمية على تعزيز هذه البادرة اليوم من خلال الإفراج عن كافة المساجين السياسيين الآخرين».

بدوره، أشاد الرئيس الأميركي باراك بالإفراج عن «بطلته»، مطالبا السلطات العسكرية البورمية بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين. وقال أوباما في تصريح نشره البيت الأبيض: «في الوقت الذي تمادى فيه النظام البورمي في عزل اونغ سان سو تشي وفي إسكاتها، فإنها تابعت كفاحها الشجاع من أجل الديمقراطية والتغيير في بورما»، وأضاف: «إنها بطلتي ومصدر إلهام لكل الذين يعملون من أجل تقدم حقوق الإنسان في بورما، وفي كل مناطق العالم»، مضيفا أن الولايات المتحدة «تعرب عن ارتياحها للإفراج عنها الذي انتظرناه طويلا».

كما رحب الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، بالإفراج عن اونغ سان سو تشي، محذرا السلطات البورمية من «عرقلة حرية الحركة والتعبير» للمفرج عنها، ومؤكدا أن ذلك «سيشكل انتهاكا غير مقبول لحقوقها». وفي بيان صدر بعد الإفراج عنها، أعرب ساركوزي عن «ارتياحه لاستعادة السيدة اونغ سان سو تشي اليوم الحرية التي كان يفترض ألا تحرم منها أبدا»، مؤكدا أن «فرنسا ستولي انتباها شديدا للظروف التي ستتمتع فيها اونغ سان سو تشي بحريتها المستعادة»، محذرا من أن «أي عرقلة لحريتها في الحركة والتعبير ستشكل انتهاكا غير مقبول لحقوقها». وفي لندن اعتبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن الإفراج عن الزعيمة البورمية «كان يجب أن يحصل منذ زمن بعيد»، في حين دعا وزير خارجيته المجلس العسكري الحاكم في بورما إلى الإفراج عن «الـ2100 سجين سياسي الباقين».

وقال كاميرون في بيان أصدره مكتبه: «هذا الأمر كان يجب أن يحصل منذ زمن بعيد. اونغ سان سو تشي مصدر إلهام لنا جميعا، نحن الذين نؤمن بحرية التعبير وبالديمقراطية وبحقوق الإنسان». أما وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ فرحب بانتهاء «الاعتقال الاعتباطي» للزعيمة المعارضة، داعيا السلطات البورمية إلى «الإفراج عن الـ2100 سجين سياسي الباقين»، و«البدء بحوار حقيقي مع اونغ سان سو تشي، وكذلك مع المعارضة بأسرها».

وفي برلين أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن «سرورها وارتياحها» لعودة المعارضة البورمية إلى الحرية، داعية السلطات العسكرية إلى الإفراج عن «أكثر من ألفي سجين سياسي» لا يزالون في المعتقلات البورمية.

وفي بروكسل رحب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو بخطوة السلطات البورمية داعيا إياها إلى أن تسمح للمفرج عنها بأن «تنعم بالحرية المطلقة في الحركة والكلام»، وإلى الإفراج عن جميع السجناء السياسيين. كما قال رئيس البرلمان الأوروبي جيرسي بوزيك: «لقد انتظرنا طويلا، وعانت سان سوتشي الكثير، وهي التي تمثل رمزا يبعث الأمل من أجل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان»، وأضاف بوزيك في بيان: «إننا نرحب برفع الإقامة الجبرية عن زعيمة المعارضة، ويجب أن يكون ذلك دون أي شروط».

بدورها، رحبت طوكيو بالإفراج عن اونغ سان سو تشي، ورأت فيه «خطوة إلى الأمام»، معربة عن أملها في أن ترى السلطات البورمية «تتخذ في المستقبل إجراءات إيجابية أخرى لتحسين وضع حقوق الإنسان وإحلال الديمقراطية وتحقيق المصالحة الوطنية». وفي يوكوهاما قرب طوكيو، حيث تعقد قمة المنتدى الاقتصادي لدول آسيا - المحيط الهادي، قال الأمين العام لرابطة دول شرق آسيا (آسيان) التايلاندي، سورين بيتسوان، أنه يشعر «ببالغ الارتياح للإفراج عن الناشطة البورمية»، معربا عن أمله في أن «يسهم هذا الأمر في المصالحة الوطنية في بورما».

غير أن منظمة «هيومن رايتس ووتش»، التي تدافع عن حقوق الإنسان اعتبرت أن الإفراج عن المعارضة البورمية ما هو إلا «حيلة رخيصة لتحويل أنظار المجتمع الدولي عن الانتخابات غير الشرعية» التي جرت يوم الأحد الماضي.

وبدورها، اعتبرت منظمة العفو الدولية، أن الإفراج عن سيدة رانغون يمثل «نهاية لإدانة ظالمة صدرت بشكل غير شرعي»، مشيرة إلى أنها، وإذ ترحب بهذه الخطوة، فهي تعتبر أنها خطوة «لا تشكل أي تنازل من جانب السلطات» في بورما.