لوال دينق: البترول في الشمال أكثر من الجنوب.. ويجب التعاون حتى إذا حدث الانفصال

وزير النفط السوداني أكد لـ «الشرق الأوسط» أنه لا يوجد تلاعب في أرقام الإنتاج من الحقول

أحد آبار البترول التي أنجزت عام 2005 في جنوب السودان، حيث تشكل هذه الثروة أهم معوقات الاستفتاء على مصير الجنوب في يناير المقبل (أ. ب)
TT

حث الدكتور لوال دينق وزير النفط السوداني المواطنين السودانيين على الاهتمام بالاستثمار في مجال الخدمات النفطية مؤكدا أن السودان موعود بثروة نفطية في كل أنحائه (عدا منطقة غرب الاستوائية ذات التربة الكونتنتال) مشيرا إلى أن الشمال موعود بنفط وفير وذلك كما أكدت دراسات أولية، مبينا أن الدراسات جارية في مربعي «إيه. كي. و12 بي» جنوب دارفور، فيما بدأ الحفر في مربع 6. كما تقوم دراسات في مربع 10 الواقع وسط السودان ما بين الجزيرة والقضارف ونهر النيل، ومربع 14 شمالا غرب دنقلا على الحدود مع مصر وليبيا، ومربع 16 بمنطقة حلايب، ومربع 17 حدود أبيي جنوب كردفان فيما بدأ إنتاج غاز طبيعي بصورة تجارية بمربع 8 بمنطقة الدندر والحكومة الآن في طور الاستفادة منه لتوليد الكهرباء وكغاز للاستخدام المنزلي.

جاء ذلك في حوار أجرته «الشرق الأوسط» مع دكتور لوال دينق بفيينا أثناء مشاركته ممثلا لجنوب السودان في مؤتمر تفاكري حول قضايا ما بعد الاستفتاء نظمته مراكز دراسات نمساوية تحت رعاية وزارة الخارجية. وذكر الوزير أن النفط شمالا أكثر منه جنوبا داعيا لضرورة أن يعمل الطرفان على التنسيق والتعاون حتى إذا حدث الانفصال.

هذا وكان وزير النفط السوداني الذي سبق له أن عمل بالبنك الدولي ثم بالبنك الأفريقي حتى عام 1996 قد ترك منصبه مغادرا للغابة متمردا في صفوف الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان حيث عمل خبيرا اقتصاديا ومستشارا للقائد الراحل جون قرنق. وأوضح الوزير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن 10 ولايات على الحدود بين الشمال والجنوب تعتبر مربعات منتجة للنفط حاليا منها 5 جنوبية هي غرب وشمال بحر الغزال واراب والوحدة وأعالي النيل و5 شمالية هي جنوب كردفان وجنوب دارفور والنيل الأبيض وسنار والنيل الأزرق.

وفي سياق مواز أوضح الدكتور لوال أن عددا من الشركات العالمية تقدمت بطلبات ترخيص منها «قطر للبترول» و«توتال» وشركات كويتية وفنلندية فيما أكدت شركات إنجليزية أنها ليست ملزمة بالمقاطعة الأميركية للسودان، هذا إلى جانب الشركات الصينية والماليزية والهندية والسودانية، مشيرا إلى أن الحكومة بعد أن تأكدت أن البلد موعود بثروة نفطية أصبحت تمنح الشركات مساحات أصغر كثيرا مما كان عليه الوضع سابقا، إضافة لوضع قيود أشد لتحديد فترات السماح.

وحول تشجيع المواطن السوداني للاستثمار في مجال الخدمات النفطية الضرورية لصناعة النفط أوضح الوزير أن العمل في قطاع النفط حتى لو اقتصر على توفير حفارات فقط «سيعود بثروات كبيرة على من يدخلون هذا المجال». ضاربا مثالا على ذلك بالقول إنهم بجنوب دارفور حددوا 19 بئرا ما تزال تنتظر وصول الحفارة الوحيدة التي تتنقل من بئر لأخرى.

وبين الوزير أن مجال الاستثمار هذا لا يتطلب أن يكون المستثمرون أثرياء بل يمكن للبنوك والشركات الكبرى أن تمول الاستثمار فيما يعرف اقتصاديا بـ«الشراكة الرأسمالية في الاستثمار venture capitalist».

وحول أكبر المشكلات التي قد تواجه الشمال في حالة انفصل الجنوب، قال الوزير إن المشكلة الكبرى تتمثل في التأثير الذي سيطرأ على الصادرات التي تعتمد اعتمادا شبه كامل على النفط، وأضاف أن النفط مسيطر على الصادرات سيطرة كاملة، حيث بلغ 95% منها العام الماضي. أما من حيث واردات الحكومة فلن تفوق نسبة التأثير 40% وبإمكان حكومة الشمال على المدى القصير أن تجذب عطف العالم العربي للمساعدة في سد العجز كما يمكنها أن تزيد الضرائب. وأشار إلى أنه متأكد أن المواطن العادي سيكون قدر التحدي خاصة أن هذا الوضع سيستمر لفترة محددة إذ بإمكان مربع 6 لو اشتغل ليل نهار أن يصل إنتاجه خلال 3 سنوات إلى نصف مليون برميل يوميا.. هذا في مربع 6 فقط دعك من باقي الآبار مع ملاحظة أن الإنتاج السوداني حاليا 474 ألف برميل يوميا وسيصل إلى 500 ألف الشهر المقبل.

وحول مدى اطمئنانه على مستقبل النفط السوداني قال دينق أنا مطمئن جدا على مستقبله ليس من حيث الإنتاج الذي يمكن مضاعفته بالعمل وبمنح محفزات لشركات الإنتاج حتى تنتج أكثر وأسرع وبفرض مزيد من الضرائب عليها فحسب بل مطمئن كذلك على شفافيته إذ استدعينا 18 سبتمبر (أيلول) الماضي المنظمة البريطانية «غلوبال ويتنس» التي سبق أن قالت إن الأرقام التي تقدمها الحكومة السودانية عن النفط غير صحيحة وإنها تتعارض مع الأرقام والمعلومات التي تقدمها الشركات المنتجة مما أثار مشكلات كبيرة واتهامات بين طرفي الحكومة (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية).

وأشار إلى أن الحكومة وفرت كل المعلومات والأرقام لشركة «غلوبال ويتنس» فدرسوها ومن ثم اعترفوا بعد أن تحققوا أن الفرق في الأرقام سببه أن الحكومة تقدم كما هو متبع معلومات عن الإنتاج الصافي فيما تقدم الشركات أرقام عن الإنتاج الكلي. وقال في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي زارنا فريق من صندوق النقد وبعد دراسة كاملة ودقيقة تأكدوا أن عقود النفط ليس بها غش أو خداع.