استخدامات الغاز الطبيعي تتزايد في الخليج بسبب النمو السريع ودوره في توليد الطاقة

قطر بدأت الإنتاج من الخط رقم 6 لتحكم سيطرتها كأكبر مصدر

TT

في الوقت الذي كشف تقرير متخصص صدر أمس، أن استخدامات الغاز الطبيعي تتزايد بسرعة كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، واصلت قطر توسعها في إنتاج الغاز المسال لتحكم سيطرتها كأكبر منتج للغاز المسال في العالم. وتستفيد قطر في ذلك من عقود طويلة الأجل وقعتها مع مستهلكين كبار في آسيا من بينهم اليابان وكوريا الجنوبية. وقالت «قطر للغاز» في بيان أمس إنها بدأت الإنتاج من خط الغاز الطبيعي المسال رقم 6. والخط جزء من مشروع «قطر للغاز 3»، وقال البيان إنه يأتي ضمن جهود لتحقيق الهدف الرامي لإنتاج 77 مليون طن سنويا بحلول منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2010. وخط الإنتاج 6 مشروع مشترك بين «قطر للبترول» و«كونوكو فيليبس» الأميركية و«ميتسوي» اليابانية، ويستطيع تصدير 7.8 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا.

وكان وزير الطاقة القطري، عبد الله العطية، قد أبلغ «رويترز» في سبتمبر (أيلول) أن إنتاج الغاز الطبيعي المسال من الخطين 6 و7 قد بيع بالفعل وأن معظمه سيوجه إلى أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية. وقطر أكبر بلد مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وكشف تقرير «الغاز الطبيعي ومواجهة التحديات» الصادر عن شركة «إرنست ويونغ - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» لتدقيق الحسابات أمس، أن النمو الاقتصادي السريع في دول الشرق الأوسط أدى إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي، بسبب رخص أسعاره مقارنة بالنفط في توليد الطاقة، وبسبب استخداماته الأخرى الخاصة بحقن حقول النفط لزيادة طاقتها الإنتاجية، وذلك إضافة إلى العقود الضخمة التي وقعتها دولة قطر مع الدول المجاورة ودول الاستهلاك الكبرى في آسيا. وتوقع التقرير عدم كفاية الإمدادات مستقبلا لتلبية النمو المتوقع في حجم الطلب. وعلى الرغم من أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الغاز بنسبة 1.5% سنويا حتى عام 2030، فإن الحجم الفعلي للطلب سوف يتأثر بعدد من العوامل التي لا يمكن توقعها.

وفي سياق تعليقه على النتائج التي خلص إليها التقرير، قال ديفيد بارينجر، مسؤول خدمات استشارات النفط والغاز في «إرنست ويونغ - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»: «على الرغم من أن استراتيجيات الطاقة التي تنتهجها بعض دول الشرق الأوسط قد تسهم في تعزيز استقلاليتها في مجال الطاقة على المدى البعيد، فإنه لا مناص من تلبية احتياجات المنطقة على المدى القصير عبر استيراد الغاز».

وارتفع إنتاج الغاز في المنطقة بنسبة 95% خلال السنوات العشر الماضية، لكنه لا يزال يشكل نحو 12% فقط من إجمالي الإنتاج العالمي في الوقت الراهن. في المقابل، ارتفع طلب أسواق الشرق الأوسط على الغاز بنسبة تقارب 7% سنويا، ليتفوق على الزيادة المحققة في إنتاج الغاز في دول المنطقة. ومن أبرز أسباب ارتفاع الطلب المحلي على الغاز في دول المنطقة، النمو الاقتصادي وانخفاض أسعار الغاز والتحول من استخدام النفط إلى الغاز في توليد الطاقة الكهربائية، وحقن الغاز في مكامن النفط الجوفية لزيادة إنتاجها النفطي. يضاف إلى ذلك، توقع تزايد الاعتماد على الغاز وقودا لتوليد الكهرباء في دول المنطقة، بمعدل 3.6% سنويا حتى عام 2030.

وتزداد حدة الجدل الدائر في الشرق الأوسط حول منح الأولوية في الغاز المنتج لتلبية احتياجات الأسواق المحلية أو لزيادة عائدات الدول المنتجة عبر إبرام اتفاقيات لتصديره إلى الخارج. وعلى الرغم من أن 41% من احتياطيات الغاز العالمية المؤكدة (التقليدية) تقع في المنطقة، فإنها تتركز بصورة رئيسية وبنسبة 73% في دولتين فقط، هما: إيران وقطر. وتعتبر قطر أكبر منتجي ومصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، إلا أنها أجلت إبرام أي اتفاقيات جديدة لتطوير إنتاج حقل غاز الشمال أو بيع الغاز حتى عام 2014.

وبعيدا عن إيران وقطر، تتمثل حصة مهمة من احتياطيات الغاز في المنطقة في مكامن الغاز المصاحب للنفط، مما يعني أن إنتاج الغاز من المكامن النفطية التي تحتوي على غاز مصاحب لا يتمتع بالمرونة اللازمة لزيادته أو تخفيضه عند الحاجة. كما أن معظم الغاز الموجود في المنطقة غاز «حامض» تخالطه نسبة عالية من الكبريت، مما يزيد من صعوبة وتكلفة استخراجه ومعالجته. وقد تحتاج أسعار بيع الغاز في الأسواق المحلية والمدعومة حكوميا بنسب متفاوتة، إلى الارتفاع لتغطية النفقات الإضافية للمعالجة وتوفير الاستثمارات اللازمة للبنى التحتية لمنشآت الغاز.

شح الإمدادات الإقليمية وقال التقرير إن مزيجا من الدعم السعري الحكومي والخلافات وإغراءات أرباح للتصدير، أدت إلى تخفيض حجم الغاز المنتج في الشرق الأوسط والمخصص لتلبية احتياجات أسواق المنطقة. ونتيجة لذلك، تتميز البنى التحتية الإقليمية لنقل الغاز الطبيعي بين دول المنطقة بالمحدودية. وقامت كل من دول المنطقة بتطوير استراتيجيات مستقلة لتلبية احتياجاتها المتنامية من الغاز الطبيعي.

وتتطلع السعودية من ناحيتها، إلى زيادة إنتاجها من الغاز بشكل كبير لتلبية احتياجاتها المحلية المتنامية، بينما راحت إمارة أبوظبي تبحث عن مكامن غاز غير تقليدية، في الوقت الذي يزداد فيه استخدام الإمارة للغاز المصاحب في إعادة حقنه في مكامن النفط لتعزيز إنتاجية آبار النفط بالضغط الطبيعي. كما دفع تسارع النمو الاقتصادي والدعم الحكومي الكبير لأسعار الطاقة، إمارة أبوظبي إلى اتخاذ إجراءات بديلة لتلبية الطلب المستقبلي على الغاز.

وذكر التقرير أن احتمالات تأسيس منظمة لمصدري الغاز على غرار منظمة أوبك تتراجع المستقبل في المنظور. ومن المرجح أن تشعر الدول المصدرة كل على حدة، بالتوتر حيال تخفيض الإنتاج إذا لم تخفض سائر الدول المصدرة إنتاجها بالمثل. كما أن شركات النفط والغاز استثمرت مليارات الدولارات في مشاريع إسالة الغاز الطبيعي، وهي بحاجة لتشغيلها بطاقاتها القصوى لتحقيق عائد مُرضٍ على استثماراتها. وإضافة إلى ذلك، لم يتم تصميم الكثير من مصانع إسالة الغاز الطبيعي بأسلوب يتيح لها تخفيض أو زيادة إنتاجها بسرعة ملائمة، استجابة لتقلبات سعرية على المدى القصير. وطبقا لتوقعات الكثير من المحللين، فإنه إذا لم تتحقق وعود إنتاج الغاز من طبقات الصخور الطفلية بكميات تكفي لتغيير قواعد اللعبة، فسوف يؤدي ذلك إلى الإخلال بتوازن القوى النسبي في أسواق الطاقة. وسوف يشكل ذلك عائقا إضافيا أمام تشكيل منظمة للدول المصدرة للغاز على غرار منظمة أوبك.

ورجح التقرير تمركز معظم الزيادة في الطلب على الغاز في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وخاصة في الصين والهند ودول الشرق الأوسط، على الرغم من هيمنة الكثير من عدم التيقن على مدى نمو طلب الغاز في الصين وسائر دول آسيا.

وحيث إن أي زيادة في الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال قد لا تجد مشترين جاهزين لها بالكامل، فسوف يؤدي ذلك إلى حدوث فائض في الغاز غير المتعاقد على بيعه واحتمال اللجوء إلى بيعه في الأسواق الفورية. إلا أن معظم الغاز الطبيعي المسال الذي يتم إنتاجه حاليا، لا يزال يباع بموجب عقود طويلة الأمد ترتبط أسعارها بأسعار أنواع الوقود المنافسة الأخرى. واستبعد التقرير أن تنشأ سوق عالمية حقيقية للغاز إلى أن يتحقق المزيد من المرونة في إمدادات الغاز وتتطور البنى التحتية اللازمة لنقله بين مختلف مناطق العالم، وتزداد بالتالي المنافسة بين المصدرين.