المشاعر المقدسة: صعيد عرفات يترقب غدا 2.5 مليون حاج بعد قضاء التروية في منى

«الداخلية» السعودية تتوقع تزايد عدد القادمين لأداء المناسك هذا العام

خطة التصعيد إلى مشعر منى من مكة المكرمة سجلت نجاحا ملحوظا («الشرق الأوسط»)
TT

يتجه حجاج بيت الله الحرام مع إطلالة فجر يوم غد (الاثنين) إلى مشعر عرفات للوقوف على الصعيد الطاهر، بعد قضاء يوم التروية في منى اقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي بدأت فيه مناسك الحج شرعيا صباح هذا اليوم، حيث اتجهت جموع حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر منى، للمبيت فيه.

ونيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يتابع الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي، كافة تنقلات الحجاج في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة، وسط تأكيدات النائب الثاني في مؤتمر صحافي أعقب جولته الأخيرة على المشاعر، تسخير بلاده جميع الإمكانات، خاصة الصحية والأمنية وخدمات السلامة والخدمات الأخرى لضيوف الرحمن.

وشدد الأمير نايف بن عبد العزيز على أن القيادة السعودية «لن تتهاون في أي أمر يخص حجاج بيت الله الحرام»، وقال «لا نفرق بين أحد من حجاج بيت الله الحرام، فكلهم جميعا متساوون وسيحظون بكل الخدمات والأعمال التي تمكنهم من أداء حجهم».

من جانبها، وضعت قوات أمن الحج خطة سير خاصة للتصعيد إلى عرفات ومنى ومكة المكرمة، ومنافذ مكة المكرمة الرئيسية، مرتكزة على نشر أفراد قواتها في الطرق والميادين لتنظيم حركة السير، وإفساح المجال أمام حافلات نقل الحجاج، للوقوف أمام المباني لنقل الحجيج بشكل منظم.

فيما وضعت فرق المرور مسارات خاصة وميسرة تسلكها الحافلات مباشرة، بينما وجد رجال الأمن بشكل مكثف في الساحات المحيطة بعرفات تساندهم دوريات أمنية تركز مهامها على توفير مظلة الأمن وتحقيق السلامة واليسر على جميع الطرق التي يسلكها حجاج بيت الله الحرام، إضافة إلى تنظيم عملية حركة المشاة.

من جانبه، أكد اللواء منصور التركي الناطق الرسمي لوزارة الداخلية، أن الخطط المبكرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، هدفت بالدرجة الأولى إلى التحقق من نظامية الحجاج، سواء القادمون من خارج المملكة أو من داخلها، حفاظا على سلامة وأمن حجاج بيت الله الحرام أثناء تنقلهم بين مكة المكرمة والمدينة المنورة ومحافظة جدة، وبقية محافظات المملكة، إلى جانب تنفيذ قرار مجلس الوزراء الذي نص على «منع المركبات التي تقل حمولتها عن 25 راكبا من المشاركة في نقل الحجاج».

وكشف اللواء التركي في أول مؤتمر صحافي لحج العام الحالي عقده أمس بمقر الأمن العام في منى، عن أن منظومة قطار المشاعر ستتاح يوم عيد الأضحى المبارك، بعد اكتمال نقل الحجاج المستهدفين من خدمة القطار، و«سيبدأ تشغيل القطار من مشعر مزدلفة، مرورا بكل المحطات في مشعر منى وحتى منشأة الجمرات، ليتمكن الحجاج من رمي الجمرات من الدور الرابع، الذي سيخفف بدوره الضغط عن الطوابق المتبقية من منشأة الجمرات». وتوقع المتحدث باسم الداخلية السعودية ازدياد عدد الحجاج، استنادا لما أشار إليه الأمير نايف بن عبد العزيز، مع الأخذ بالاعتبار أن هناك ردود فعل سلبية أدت إلى تقلص عدد الحجيج في العام الماضي، بسبب وباء إنفلونزا الخنازير، وأن هذا العام يعتبر استثنائيا، وهو ما عبر عنه بذات السياق بأنه ارتفاع للأعداد في نصابه الطبيعي.

وعن تزييف التصاريح المتعلقة بالحج، أشار اللواء التركي إلى أن هناك تفتيشا مستمرا لمنافذ مكة المكرمة من قبل رجال الجوازات، للتأكد من التصاريح التي يحملها الحجاج القادمون إلى أداء نسك الحج، ويشمل مهام عملهم كشف التصاريح المزورة، وبين أنه في حال تم التأكد من التزوير، ستتخذ الإجراءات اللازمة لذلك، لافتا إلى أن هناك خططا تم إعدادها لإحكام المنافذ من المتسللين ومهربي الحجاج للحيلولة دون التسرب عبرها.

إلى ذلك، كشفت إحصائية غرفة العمليات المركزية لهيئة الهلال الأحمر السعودي في العاصمة المقدسة يوم أمس، عن أن الغرفة تلقت أكثر من 701 بلاغ بزيادة عن العام الماضي بـ 108 بلاغات، وأن تلك البلاغات تمت مباشرتها من قبل كافة فرقها الأرضية والجوية حسب نوع الحالة وخطورتها، مبينة أنه تم نقل 326 حالة منها للمستشفيات القريبة من مواقع الحدث و248 حالة تم علاجها في موقع الحدث، بالإضافة إلى 127 بلاغا تم التعامل معها بجدية دون خدمة، حيث تنوعت الحالات ما بين حالات مرضية وحالات ناتجة عن حوادث. من جانب آخر، خصصت وزارة الصحة سيارات الإسعاف الصغيرة المجهزة بالمعدات الطبية الحديثة للتنفس الصناعي وأجهزة الإنعاش القلبي الرئوي على الطرق التي يسلكها الحجاج في طريقهم إلى عرفات، وذلك لتقديم الخدمات الإسعافية الطارئة الفورية لهم تساندها سيارات إسعاف كبيرة، علاوة على اكتمال استعدادات المستشفيات والمراكز الصحية في منى لاستقبال المراجعين وتقديم الخدمات الطبية اللازمة لهم.

إلى ذلك، نشرت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد مواقع كثيرة لإرشاد ضيوف الرحمن وتبصيرهم بأمور دينهم والإجابة عن استفساراتهم، إلى جانب توزيع عشرات الآلاف من الكتيبات والنشرات والمطويات التوعوية بلغات عدة، فضلا عن تنظيم الكثير من المحاضرات والندوات التوعوية التي يلقيها الكثير من العلماء وطلبة العلم المختصين، فيما وضعت مكبرات صوت ليبث من خلالها المواد التوعوية والإرشادية لضيوف الرحمن.

كما قامت أمانة العاصمة المقدسة من جهتها بنشر المعدات والآليات الخاصة بالنظافة وتوفير أعداد هائلة من عمال النظافة وتوزيعهم في الأماكن التي يقطنها الحجاج في مشعر منى، وخصصت أكثر من 13 ألف عامل لنظافة المشاعر المقدسة ومكة المكرمة بالإضافة إلى 1200 معدة وأكثر من 40 ألف حاوية لضمان استمرار أعمال النظافة طيلة فترة الحج. وكشف الدكتور أسامة البار أمين العاصمة المقدسة عن استخدام 131 مخزنا أرضيا و200 صندوق ضاغط للتخزين المؤقت للنفايات وذلك للتغلب على صعوبة حركة السيارات والمعدات أثناء فترات الازدحام.

وفي الجانب الرقابي، نفذت صحة البيئة التابعة لأمانة العاصمة المقدسة منذ وقت مبكر أمس، جولة رقابية على المحلات التجارية في مشعر منى، للتأكد من سلامة الوجبات الغذائية وصلاحيتها للاستخدام، إضافة إلى جولات متواصلة على الدكاكين والمطاعم، وفحص عينات عشوائية من الأغذية والمياه في المختبرات الخاصة بأمانة العاصمة المقدسة.

وكانت خطة التصعيد إلى مشعر منى من مكة المكرمة حتى وقت كتابة التقرير، سجلت نجاحا ملحوظا، إذ رصدت «الشرق الأوسط» اهتمام الحجيج الذي وصلوا باكرا لمشعر منى لقضاء يوم التروية والمبيت فيها والاستعداد للتصعيد إلى عرفات، فيما يرجح مراقبون أن يساعد قطار المشاعر في التنقل في أول مواسم تشغيله. وكانت مكة، شهدت قبل عملية تصعيد الحجاج يوم أول من أمس، هطول أمطار على المشاعر المقدسة شملت منى ومزدلفة، وسط تأكيد أمانة العاصمة المقدسة استعداداتها اليومية المتمثلة في 8 فرق يومية لصيانة ونظافة شبكات تصريف السيول، إلى جانب 10 فرق أخرى لكل مشعر من المشاعر المقدسة. يذكر أن شبكات تصريف السيول في مكة يتجاوز طولها 250 كيلومترا، تغطي كافة أنحاء مكة والمشاعر المقدسة.