وزير الخارجية اليمني: كيف نكافح الإرهاب وميزانيتنا لا تتجاوز ميزانية جامعة أميركية؟

السعودية تكرر دعوتها لمركز دولي لمكافحة الإرهاب

يمنية تسير في أحد شوارع مدينة عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

هيمن موضوع التوتر الأمني في اليمن على اهتمام المشاركين في أعمال مؤتمر حوار المنامة، فبينما اعتبر وزير الخارجية اليمني أن إمكانات بلاده لا تساعده على مكافحة الإرهاب، مدللا أن ميزانية بلاده السنوية لا تتجاوز ميزانية جامعة أميركية، قال الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية السابق: إن «القاعدة» تشكل التحدي الأمني الأكبر، ليس فقط لدول الخليج بل لدول العالم، وقال: «إن (القاعدة) تشكل خطرا علينا، وعلينا أن نتعاون على الصعيد الدولي لوضع العلاج لمكافحتها».

ودعا الأمير تركي إلى دعم فكرة إنشاء مركز دولي لمحاربة الإرهاب، وهي المبادرة التي أطلقها مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي احتضنته العاصمة السعودية الرياض قبل 5 سنوات بحضور قادة وممثلين لـ55 دولة.

كان الأمير تركي يتحدث في (حوار العربية) الذي أقيم على هامش (حوار المنامة)، وجمعه بوزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، ووزير خارجية اليمن أبو بكر القربي، ووزير الدولة لشؤون الدفاع البريطاني فوكس.

وقال الأمير تركي: إن هناك تقصيرا في العمل المشترك لمكافحة الإرهاب الذي أعتبره (سرطانا) يهدد المجتمعات. وأكد أهمية وجود مركز دولي لمكافحة الإرهاب، والعمل على تبادل المعلومات الاستخباراتية لتقويض الأعمال الإرهابية. وقال: إن هذا المركز يعمل لتوحيد الكفاءات ويجمع الدول التي لديها الإمكانات الكافية لمحاربة الإرهاب، وتلك التي لا تمتلك هذه الإمكانات. شهدت الجلسة تباينا في الآراء بين المشاركين؛ فقد اعتبر الوزير البريطاني، فوكس، أنه لا يوجد نقص في فهم المشكلة الإرهابية، ولكن في التوصل إلى تبادل الحلول بشأنها، وتساءل: كيف أصبحت أفغانستان مصدرا للقلق الدولي وللمشكلات؟ مجيبا: إن ذلك يعود لكون هذه البلاد فقيرة ولا تمتلك سيطرة على حدودها، وبسبب الفراغ السياسي الذي استغلته «القاعدة» وقوى الإرهاب.

وأضاف أن النموذج الأفغاني يمكن أن يطبق في أي مكان آخر، فإذا أصبحت الدولة هشة وضعيفة، وموئلا للفقر والفراغ الأمني، فإن الإرهاب سينتقل إليها. ورد الأمير تركي على الوزير البريطاني، معتبرا أن هناك اختلافا في تحديد المعايير التي تتسبب في نشوء الإرهاب، وقال، موجها كلامه للوزير فوكس: إن بريطانيا واجهت خطر الجيش الجمهوري الآيرلندي على مدى 20 عاما، ولم تكن حكومتها ضعيفة، ولم تعانِ الفقر، أو مشكلات السيطرة على الحدود، معتبرا أن الإرهابيين مجموعات لديها طموح سياسي تسعى لتحقيقه سواء في الأعمال الإرهابية التي قامت في الولايات المتحدة (الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول) أو تلك الأعمال التي شهدتها بريطانيا أو إسبانيا.

وفي رده على مداخلة الأمير تركي، أشاد الوزير فوكس بسياسة الحكومة السعودية الرامية لمناصحة الجماعات المتشددة وإخضاعها لبرامج تأهيلية، من أجل العودة لإدماجهم في المجتمع. وقال: «علينا أن نمعن النظر في تلك البرامج التي تطبقها السعودية لكي نتعرف على وسائل مكافحة الإرهاب».

كان وزير الخارجية اليمني قد قال في بداية الحوار: إن مشكلة النظرة لمشكلة «القاعدة» في اليمن أشبه بمحاولة تعليق قميص عثمان. وقال: إنه لا يمكن لأي دولة أن تحقق نجاحا منفردا في مكافحة تنظيم القاعدة، بل هي بحاجة لمنظومة أمنية مشتركة.

وقال القربي: «أعترض على الفكرة القائلة إن اليمن هي منطلق لـ(القاعدة)»، مؤكدا أن اليمن يمثل بؤرة لهذا التنظيم، ولكن ينبغي التساؤل: من أين جاءت «القاعدة» إلى اليمن؟ وكيف مر أفرادها بالعديد من الدول؟ وتحدث القربي عن المشكلات الاقتصادية التي يعانيها اليمن، قائلا إن هذه المشكلات لا تعطي بلاده الإمكانات الكافية لمكافحة الإرهاب. وقال: إن اليمن يمتلك دخلا محدودا لا يتعدى 15 مليار دولار، وميزانيته العامة لا تتجاوز 7 مليارات (وهي ميزانية جامعة أميركية)، حسب قوله، مضيفا: «كيف نتحدث عن مسؤولية اليمن؟». وقال: نحن نتطلع إلى أصدقاء اليمن للعمل على مساعدة الحكومة اليمنية في مساعيها الرامية لتجفيف منابع الإرهاب عبر توفير الأمن الاقتصادي والثقافي، مضيفا أن التحدي هو في أن نجعل اليمن قادرا على الاندماج في محيطه ولديه القدرة على مواجهة المشكلات. وقال: «سنتصدى لـ(القاعدة)؛ لأنها تهم اليمن قبل غيرها، ولكن اليمن لا يمتلك الإمكانات التي تمتلكها الولايات المتحدة في أفغانستان». وأشار إلى أن «الحديث عن حجم (القاعدة) قضية ثانوية».

من جانبه، شدد الشيخ خالد آل خليفة في هذه الجلسة على مسؤولية الدول الخليجية للعمل سويا على مساعدة اليمن للنهوض بمسؤولياته، وقال: نريد دورا أكبر من دول الخليج، مضيفا أن «مبادرة أصدقاء اليمن بدأت في بريطانيا وهي مبادرة تخص منطقتنا».