متقي ردا على سؤال لـ «الشرق الأوسط»: ننتظر من واشنطن أفعالا وليس أقوالا.. ورددت تحية كلينتون

حاول تهدئة المخاوف من مساعي بلاده النووية.. ووزيرة الخارجية الأميركية تقر بفكرة السماح لإيران بالتخصيب «بعد التأكد من النيات»

وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متقي، يتحاشى النظر إلى نظيرته الأميركية، هيلاري كلينتون، لدى إلقائها خطابا في افتتاح منتدى المنامة في البحرين، مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

أكد منوشهر متقي، وزير الخارجية الإيراني، أمس في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» خلال تصريحات للصحافيين أدلى بها في المنامة، أن بلاده تنتظر من الولايات المتحدة «أفعالا وليس أقوالا» تترجم رغبتها الجادة في الحوار بين البلدين، وقال في العاصمة البحرينية، حيث يشارك في منتدى «حوار المنامة»: إن بلاده ترحب باعتراف وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في افتتاح المنتدى، مساء أول من أمس، بحق إيران في تطوير برنامج للحصول على الطاقة النووية للاستخدامات السلمية، تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مضيفا أن ذلك يمثل «تطورا» في الرؤية الأميركية تجاه إيران. كما حاول متقي تبديد مخاوف جيرانه العرب من طموحات بلاده النووية قائلا: إن بلاده «قوية»، لكنها «لن تستخدم قوتها ضد جيرانها المسلمين».

وقال متقي ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، عن ملاقاة اليد الممدودة للولايات المتحدة تجاه إيران ودعوتها لاسترجاع ثقة المجتمع الدولي بتأكيد سلمية برنامجها النووي، «البارحة حين كنت أتحدث مع الملك عبد الله الثاني (ملك الأردن) مرت بمحاذاتي وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وحيتني بيدها، وقد رددت التحية عليها، لأن ديننا الإسلامي يأمرنا برد التحية، وكذلك ثقافتنا وأخلاقنا».

وجاءت تعليقات متقي نفيا لما صرحت به وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري للصحافيين على متن الطائرة، أثناء عودتها لواشنطن أمس، حيث قالت «قمت لكي أغادر وكان (متقي) يجلس على بعد مقعدين مني ويصافح الناس، وعندما شاهدني توقف وبدأ يبتعد، قلت له مرحبا أيها الوزير، ولكنه أعطاني ظهره».

ويعتبر لقاء المنامة من الفرص النادرة للقاء الندين، واشنطن وطهران، وجها لوجه.

وقال متقي في تصريحاته للصحافيين أمس: «إننا في حاجة إلى أن تحول الولايات المتحدة اعترافها بحق إيران في تطوير برنامجها النووي للأغراض السلمية إلى وقائع على الأرض، أما الحوار بين البلدين، فينبغي أولا أن يتم تحديد ماهية الحوار، وكونه حوارا وليس إملاء». وكانت كلينتون قد أقرت في حديث لـ«بي بي سي» بفكرة السماح لإيران «في المستقبل» وبعد التأكد من نياتها، بتخصيب اليورانيوم على أرضها بموافقة القوى الكبرى.

وأضاف متقي أن بلاده يمكنها مقاومة العقوبات الدولية، مضيفا «لقد مضى ستة أشهر على تطبيق العقوبات الدولية المفروضة على إيران، ويمكنهم أخذ مزيد من الوقت إذا أرادوا معرفة تأثيرها على الأرض»، مشددا أن تلك العقوبات «لا تؤثر جديا على إيران».

وقال متقي «نحن ذاهبون لاجتماع (5+1) في جنيف هذا الأسبوع، وتوجهاتنا تقوم على تدعيم الحوار والإرادة الجادة، مضيفا أنه لم يتم حتى الآن تقديم الأجندة الخاصة بتلك الاجتماعات». وستستأنف المحادثات النووية غدا في جنيف بين طهران ومجموعة «5+1» بعد عام على انقطاعها.

أما وزيرة الخارجية الأميركية فقد قالت في تصريحات أمس إن كلمتها التي ألقتها في منتدى حوار المنامة كانت تهدف لتمهيد الطريق أمام اجتماع جنيف وتوضيح أن الحوار الحقيقي ما زال ممكنا.

وتابعت أن هدفها كان «إلقاء كلمة بطريقة لا يمكن أن يزعموا (المسؤولون الإيرانيون) أنها كانت تنطوي على اتهام أو إدانة أو أي شيء من الأشياء التي دائما ما يقولونها، نحن نعرض التواصل وما زال الباب مفتوحا أمام التواصل، ولكن يجب عليهم أن يظهروا في جنيف ويتفاوضوا على البرنامج النووي، لأن هذا أمر مثار قلق مشروع... إذا استمروا (في عملهم) فسيكون ذلك أمرا مزعزعا للاستقرار».

لكن متقي لم يبد عليه التأثر على الإطلاق بكلمة كلينتون، وبينما كانت تعرض وزيرة الخارجية الأميركية قضيتها بضرورة سعي إيران للتواصل بشكل أكبر مع القوى العالمية كان تركيز نظيرها الإيراني منصبا على تناول العشاء دون أن يعطي أي إشارة إلى أن أحدث رسالة موجهة من واشنطن إلى طهران تلقى آذانا صاغية.

وفي رد ضمني على تسريبات «ويكيليكس» التي كشفت عن مخاوف دول الخليج من طموحات إيران النووية، وكذلك على خطاب كلينتون الذي ألقته أول من أمس، سعى متقي في كلمته أمام منتدى المنامة إلى تبديد تلك المخاوف وقال: «صحيح أن إيران قادرة على أن تصبح قوية جدا، لكننا لن نستخدم قوتنا ضد الدول المجاورة، ولا ننوي أن نفعل ذلك إطلاقا ضد جيراننا المسلمين، بل إن اقتدارنا سيصب في مصلحة دول المنطقة»، وأضاف مخاطبا الدول المطلة على الخليج، «إن كنتم أقوياء، فنحن أقوياء وأن كنا أقوياء، فأنتم أقوياء»، وأضاف: «علينا أن نزيل الشكوك بين الدول وألا تكون هناك مطامع لأي دولة في دول أخرى».

ومن ناحية أخرى، أكد وزير الخارجية الإيراني موافقة بلاده على مشروع قيد الدراسة لإنشاء بنك دولي للوقود النووي، وهي الفكرة التي طرحها وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، صباح أمس، وقال متقي إن بلاده تدعم هذه الفكرة (ما دام أنه سيكون له فرع في إيران).

وكان الشيخ خالد آل خليفة، قد دعا في كلمته صباح أمس لإعادة الحياة لمشروع سبق أن طرحته الولايات المتحدة يقضي بإنشاء مصرف دولي للوقود النووي، مضيفا أن هذا البنك من شأنه أن يلبي طموح المجتمع الدولي، ويهدئ من مخاوف طهران، ويوجد حلا لمشكلة الملف النووي الإيراني.

ولم يضف متقي المزيد من العروض التي تأخذها بلاده إلى حوار جنيف، كما لم يضف مزيدا من التوضيح بشأن المصرف المذكور.

وفي كلمته خلال جلسة التعاون الإقليمي الأمني، التي جمعته بوزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو، ووزير خارجية البحرين الشيخ خالد آل خليفة، دعا متقي دول الخليج إلى تعاون أمني مشترك، مشيرا إلى التزام بلاده بأمن المنطقة واستقرارها. وقال إن حكومته تدعم إنشاء نظام أمني ذي طابع محلي وإقليمي على أساس الثقة والاحترام المتبادل بين الدول وعدم وجود مطامع في الدول الأخرى. وقال إن «إيران تحبذ إنشاء سوق اقتصادية موحدة بين دول الخليج».

ومن جانبه، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، إن بلاده تدعم فكرة إنشاء بنك دولي للوقود النووي، ولكنه أضاف، من المهم العمل على إزالة التوتر، حتى يمكن نجاح مثل هذه المبادرات. وتحدث أوغلو في الجلسة الصباحية عن استراتيجية بلاده في تحقيق الأمن، قائلا إن هذه الاستراتيجية تعرف مفهوم الأمن باعتبار أن القوة العسكرية وحدها لن تكون قادرة على توفير الأمن، كما تركز الاستراتيجية على الأسلوب، معتبرا أن تركيا تنتهج ما سماه السياسة الأمنية (اللينة) عوضا عن السياسة (الخشنة)، مفيدا أن بلاده انتهجت في علاقاتها الخارجية، خاصة على الصعيد الإقليمي، سياسة الأمن الوقائي القائم على مفاهيم أربعة هي: الأمن من أجل الجميع، وتعميق الحوار السياسي على أعلى المستويات، والترابط الاقتصادي، والتعايش متعدد الثقافات.