الخلاف يتفجر بين وزير الداخلية ومدير الأمن الداخلي ويستدعي سجالا حادا بين «المستقبل» والعونيين

قيادي في «14 آذار» لـ «الشرق الأوسط» : بارود يعاقب ريفي مراعاة لخاطر ميشال عون وفريقه

TT

تفجر الخلاف الصامت بين وزير الداخلية زياد بارود (المحسوب من حصة رئيس الجمهورية)، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، على نطاق واسع، وتحول من خلاف على طريقة إدارة المؤسسة الأمنية إلى أزمة سياسية مضافة إلى الأزمة الكبرى الناشئة عن ملف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وجاء ذلك على خلفية بيان صادر عن ريفي، سُرّب إلى إحدى الصحف، يجيب فيه على سؤال نيابي حول توقيف القيادي في التيار الوطني الحر، العميد المتقاعد فايز كرم، المتهم بالتعامل مع إسرائيل، الذي قوبل بقرار من بارود اتخذ فيه عقوبة مسلكية بحق ريفي.

وبرر بارود السبب بأن ريفي تخطاه في البيان المشار إليه، وأدخل نفسه والمؤسسة في قضية هي موضع نزاع سياسي بين الأطراف. وقد استتبع هذا الإجراء سجالا سياسيا طرفاه تيار المستقبل، الذي يغطي ريفي سياسيا، والتيار العوني الذي ما انفك يهاجم ريفي بأبشع النعوت، ويطالب بإقالته بسبب توقيف فايز كرم.

واعتبر وزير الداخلية في تصريح له أنه ليس جزءا من السجال حول الإجراء الذي اتخذه بحق اللواء ريفي، وقال: «أنا أعمل من ضمن المؤسسات، وليس لدي مشكلة مع اللواء ريفي شخصيا، كل ما أقوم به لصالح قوى الأمن الداخلي»، لافتا إلى أن «التدبير الذي اتخذته هو أقل ما يمكن لوزير أن يتخذه في حال تم تخطيه»، وقال: «أنا مع مؤسسة قوى الأمن الداخلي، وعلاقتي ممتازة مع المديرية ككل، ولكن لا أميز بين الشخصي وما حصل البارحة. الذي كان يجب أن يرد على الكتاب الموجه من أحد النواب هو مجلس الوزراء، وما حصل أني بعثت إلى مجلس الوزراء كل التقارير التي وردت من المديرية العامة، مع حرصي على أن لا يكون فيها جزء سياسي، ومع ما أراه مناسبا، لكنني فوجئت ببيان في الصحف من قبل اللواء ريفي»، وأكد دعمه لمؤسسة الأمن الداخلي إلى أقصى الحدود، وحرصه على أن لا تنزلق إلى السياسة، وقال: «إنني أضع هذا الموضوع بين يدي دولة رئيس الحكومة (سعد الحريري)، وأنا على إدراك أنه يعرف كيف يعالج الأمور، وأنا في النهاية وزير في حكومته».

وفي حين لازم اللواء أشرف ريفي الصمت من دون أن يعلق سلبا أو إيجابا على قرار معاقبته، ومارس عمله في مكتبه بشكل طبيعي، استغرب مصدر أمني بارز مسارعة وزير الداخلية إلى معاقبة ريفي، فقط لأنه تجرأ ودافع عن مؤسسة قوى الأمن الداخلي التي يرأسها، وأشار المصدر الأمني لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «صمت وزير الداخلية المطبق حيال الحملات المسعورة التي يشنها النائب ميشال عون ونواب كتلته على مؤسسة الأمن الداخلي ورئيسها (ريفي)، وشعبة المعلومات، ووصف هذه المؤسسة الوطنية بالـ(مافيا والميليشيا) ونعتها بأبشع الأوصاف، أمر يثير الدهشة والاستغراب».

وسأل المصدر: «هل بات الوزير بارود المسؤول سياسيا عن هذه المؤسسة راضيا عما ينسب إليها؟ وهل تنصل من كل إنجازاتها التي فاخر بها طيلة مدة توليه مهام وزارة الداخلية؟ ولماذا استشاط غضبا من بيان اللواء أشرف ريفي، الذي طفح عنده الكيل أمام الحملة العارمة من التجنيات والافتراءات على قوى الأمن؟ ولماذا لم تتحرك حميته لمرة واحدة حول اللواء علي الحاج الموضوع تحت تصرفه، الذي تكاد لا تمر ليلة إلا ويكون فيها ضيفا على شاشات التلفزيون التابعة لفريق 8 آذار؟».

وأبدى المصدر أسفه «لأن قوى الأمن تُعاقب وتدفع ضريبة نجاحها في تفكيك شبكات العملاء وفضح من يقف خلفها»، معتبرا أن «ما يحصل ليس انتقادا لقوى الأمن أو تصحيحا لخلل يدعونه، إنما اعتداء سافر عليها وعلى إنجازاتها». إلى ذلك اعتبر قيادي في 14 آذار أن قرار الوزير بارود «ينطلق من خلفية سياسية وليست إدارية أو مؤسساتية»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «وزير الداخلية أخذ قراره بمعاقبة (اللواء) ريفي مراعاة لخاطر العماد ميشال عون وفريقه، الذي بات يتناغم معه سياسيا، وإن كان (بارود) ينتمي إلى فريق رئيس الجمهورية الوزاري».

واستغرب «وقوف هذا الوزير متفرجا على ما تتعرض له قوى الأمن واللواء ريفي وشعبة المعلومات من افتراءات وتجنيات وشتائم من عون ونوابه، بسبب توقيف فايز كرم، علما بأن بارود يعلم بحقيقة ما ارتكبه كرم واعترافاته الصريحة بالتعامل مع الإسرائيليين، وقد سبق أن أطلع العماد ميشال عون عليها»، وتمنى القيادي أن «لا تكون طموحات الوزير الشاب السياسية سببا للانقلاب على تاريخه، وأن يقبل في الوقت نفسه بالانقلاب على المؤسسات الأمنية وإنجازاتها».

ورأى عضو كتلة المستقبل، النائب أحمد فتفت، أن «بارود يحاول أن يكيل بمكيالين»، وذكّر فتفت بأن «اللواء الحاج (المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي) لا يزال تحت تصرف وزير الداخلية، وهو يصدر تصاريح يوميا، ولم نسمع يوما بإجراء تأديبي بحقه»، وقال: «يجب أن يتصدى وزير الداخلية إلى موضوع الدفاع عن مؤسسة قوى الأمن كي لا يسمح للغير بأن يدافع عنها، أو أن تدافع هي عن نفسها».

من جهته، اعتبر عضو تكتل التغيير والإصلاح (التي يترأسها عون) النائب نبيل نقولا أنه «ليس معقولا على الإطلاق أن يأخذ ضابط مكان القضاة، وأن يصدر الأحكام، وأن يتحدى النواب، فهذا أمر يتخطى المقاييس»، وتعليقا على ما جرى مع ريفي في قضية السؤال الموجه إليه حول ملف العميد كرم، قال نقولا: «لقد أصدر هذا الضابط (ريفي) الحكم قبل أي قرار اتهامي وقبل انتهاء المحاكمة، هذا الضابط الفاسد الذي يعلق صورا لنفسه، فليترك الأمن وليعمل في السياسة، وعندها نتعاطى معه على هذا الأساس»، ودعا إلى «إقالة هذا الضابط ومعاقبته».

كذلك رأى عضو تكتل التغيير والإصلاح، النائب إبراهيم كنعان، أن ما قام به ريفي «يشكل تجاوزا للأصول الدستورية والبرلمانية في التعاطي مع المجلس النيابي»، طالبا من رئيس المجلس «الدعوة إلى جلسة عاجلة للهيئة العامة للبحث في هذه التجاوزات الكبيرة والخطيرة التي يجب أن لا تشكل سابقة في الأداء الحكومي مع المجلس النيابي»، واعتبر أن «إجراء وزير الداخلية، زياد بارود، في حق ريفي يشكل خطوة مهمة بمعانيها ورمزيتها»، مشيرا إلى أن «التمادي في هذه الممارسة من قبل الموظفين في الإدارة بتجاوز سلطة الوصاية على صعيد وزارتي الداخلية أو العدل يحمل الحكومة ورئيسها تبعات هذه الممارسة».