إسرائيل تنجح في تطويق حريق الغابات..وزعيم «شاس» يعتبره عقابا من الله

قائد قوات الإطفاء الفلسطينية: مهمتنا إنسانية.. وليس هناك أولى منا بإنقاذ أشجار الكرمل

بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل يتابع عملية إطفاء الحرائق في غابات الكرمل من طرف طائرة الـ«بوينغ 747» الأميركية أمس (رويترز)
TT

أعلنت قيادة الدفاع المدني الإسرائيلية أن قوات الإنقاذ المحلية والدولية نجحت في تطويق الحريق الهائل في غابات الكرمل، وأنها ستتمكن من إخماد الحريق نهائيا في غضون ساعات، خاصة أن السماء بدأت تتلبد بالغيوم إيذانا بهطول الأمطار. ومع إخماد الحريق، تصاعدت الأصوات المطالبة بلجنة تحقيق، مشيرة إلى أن الإخفاقات التي ظهرت في قوة الدفاع المدني تذكر بالإخفاقات التي شهدتها إسرائيل في حرب لبنان الثانية، وأدت في نهاية المطاف إلى الإطاحة بحكومة إيهود أولمرت. ولكن نتنياهو قرر سلسلة خطوات تدل على التهرب من لجنة تحقيق جادة.

ففي جلسة غير عادية لحكومته عقدها في طيرة حيفا المطلة على غابات الكرمل، تقرر التوجه إلى مراقب الدولة، القاضي ميخا لندنشتراوس، بطلب التحقيق في هذا الحريق. كما تقررت تشكيل لجنة لفحص الاحتياجات لإعادة ترميم الغابة والبيوت التي تضررت من الحريق. وبهذه الطريقة، حاول نتنياهو تجنب إجراء تحقيق عبر جهة ذات صلاحيات محاسبة؛ إذ إن مراقب الدولة لا يوصي عادة بفصل مسؤولين مهملين في عملهم. وقصد بذلك صد الانتقادات الحادة الموجهة إليه وإلى حكومته، خاصة إلى وزير الداخلية، إيلي يشاي، المسؤول الوزاري عن جهاز الإطفاء.

وكانت الصحافة الإسرائيلية قد خرجت بمقالات أجمعت فيها على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق، لأن الحريق كشف أن إسرائيل ليست جاهزة لمواجهة حالات طوارئ كبيرة. وقالت سيما كدمون، محررة الشؤون الحزبية في «يديعوت أحرونوت»، إنه «في دولة سليمة، يستقيل رئيس حكومة أو على الأقل وزير داخلية في حالة كهذه». وكتب زميلها في الصحيفة ناحوم بارنياع، أن نتنياهو «يتستر على عورات وزرائه، فهو شخصيا تصرف بحكمة عندما تولى بنفسه قيادة معركة الإطفاء ووصل إلى مكان الحريق يوميا طيلة عمليات الإطفاء وبادر إلى جلب مساعدات دولية بشكل شخصي، ولكنه يتهرب من إجراء تحقيق خوفا من أن يضطر إلى إقالة وزراء وتغيير الائتلاف الحكومي».

وكتب بن كسبيت، كبير المحررين في «معاريف»، أن ما يفعله نتنياهو هو مجرد نشاط إعلاني أمام الكاميرات، ولكنه في الواقع يدير إسرائيل بطريقة صبيانية. ومن حظه أن الحريق جاء حادثا منفردا، «فلو جاء في إطار حرب لكانت النتائج أسوأ من نتائج الحرب الأخيرة في لبنان بالنسبة للجبهة الداخلية».

وتقتصر هذه الحملة ضد الحكومة في الوقت الحاضر على الصحافة، لأن المعارضة تبدو صامتة حتى الآن. ويتوقع أن تبدأ حملة أحزاب المعارضة بعد إخماد النيران، وفي محورها مطلب تشكيل لجنة تحقيق رسمية.

وكانت قوات الإنقاذ الإسرائيلية والأجنبية قد تمكنت من إخماد غالبية الحريق في الساعات الأخيرة من يوم أمس، وتتوقع الانتهاء من إطفائه تماما اليوم، خاصة بعد أن أعلن الراصد الجوي أن أمطارا ستهطل في المنطقة خلال الليل. ولذلك قررت الحكومة وقف تلقي مساعدات من الخارج، حيث الطواقم الموجودة كافية. وبرزت في طواقم الإنقاذ أمس بشكل خاص الطائرة الأميركية الضخمة من طراز «بوينغ 747» التي التحقت بالقوات أمس فقط، والطائرة الروسية «يوشين 76» التي تعمل ليل نهار منذ يومين، وأربع طائرات يونانية تعمل منذ اليوم الأول وتظهر نجاعتها لأنها الوحيدة القادرة على غرف الماء من البحر (20 ألف لتر في كل طلعة) وسكبه فوق الحريق مباشرة. وبرزت أيضا طواقم الدفاع المدني الفلسطيني، التي أخمدت النيران في بلدة بيت أورن بالقرب من قرية عين حوض الفلسطينية، حيث وصلت ثلاث سيارات إطفاء مع طواقمها. وقال قائد هذه القوة، إبراهيم عياش، إنه ورفاقه قدموا بناء على أوامر الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء، سلام فياض، لأداء مهمة إنسانية من دون علاقة بالسياسة. وأضاف: «نحن أيضا عرضة لكوارث طبيعية ونريد إذا وقعت لدينا كوارث، لا سمح الله، أن تأتي إلينا مساعدات من كل مكان». وقال عياش إن هذه المهمة لا علاقة لها بالسياسة ولكنه يتمنى أن تساهم في إحياء مسيرة السلام. وأكد أن «كل فرد في الطاقم الفلسطيني يشعر بالاعتزاز وهو ينقذ أشجار الكرمل، فهي غالية على كل فلسطيني وليس أولى من الفلسطينيين بأن ينقذوها».

إلى ذلك، قال الزعيم الروحي لحركة «شاس» الدينية الحاخام عوفاديا يوسف، إن الحرائق المشتعلة في مناطق متعددة في محيط حيفا ، «هي عقاب من الله» نتيجة لتدنيس «يوم السبت». ونقلت صحيفة «يديعوت أحرنوت» أمس عن يوسف قوله في موعظته الأسبوعية الليلة قبل الماضية: «النار موجودة فقط في أماكن تدنيس يوم السبت»، وأضاف يوسف أنه يجب على الجميع المشاركة في أعمال الخير والتوبة والاحتفال بيوم السبت، مضيفا أن «عدم سقوط الأمطار هي علامة أخرى من علامات البعد الديني».

من ناحية ثانية، تعاظمت المطالب باستقالة كبير وزراء حركة «شاس»، وزير الداخلية الحاخام إيلي يشاي على خلفية تحميله مسؤولية التقصير الذي تمثل في العجز عن إخماد الحرائق. وحث مدير عام «حركة الحفاظ على جودة البيئة الإسرائيلية»، إيلي سولم، رئيس الحكومة الإسرائيلية على إقالة يشاي، وأوضح أن وزارة الداخلية هي المسؤولة الرئيسية عن طواقم الإنقاذ والإطفاء وتجنيد المتطوعين، وبالتالي، فإن الوزير يشاي «يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الفشل، ونطالب بإقالته من منصبه».