قمة أبوظبي تؤكد على التزام إيران بحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية أو التهديد بالقوة

قادة التعاون يعبرون عن سعادتهم بزوال العارض الصحي العابر لخادم الحرمين الشريفين

الأمير نايف بن عبد العزيز في حديث جانبي مع الأمير سعود الفيصل على هامش القمة الحادية والثلاثين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أمس (واس)
TT

أكدت دول مجلس التعاون الخليجي على أهمية التزام إيران بالمرتكزات الأساسية لإقامة علاقات حسن جوار والاحترام المتبادل وعدم تدخلها في الشؤون الداخلية وحل الخلافات بالطرق السلمية وعدم استخدام القوة أو التهديد بها.

وأعربت دول المجلس في ختام أعمال قمتها الحادية والثلاثين، أمس، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، عن آمالها في استجابة إيران للجهود الدولية التي تبذل لإيجاد حل للملف النووي الإيراني بالطرق السلمية.

ورحبت دول المجلس في البيان الختامي لقمة أبوظبي بجهود مجموعة دول 5+1 لحل أزمة الملف النووي الإيراني بالسبل السلمية، داعية في الوقت ذاته طهران إلى الاستجابة لهذه الجهود.

إلا أن المجلس شدد على «حق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وفق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية» وتطبيق هذه المعايير على كل دول المنطقة بما في ذلك إسرائيل.

كما أكد المجلس على مواقفه «الثابتة بشأن الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية وحل النزاعات بالطرق السلمية وجعل منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك منطقة الخليج خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية».

وكان قادة دول المجلس قد عقدوا صباح أمس جلسة مغلقة ثانية، شارك فيها رؤساء الوفود، بالإضافة إلى عضوين من كل وفد، قبل أن تعقد الجلسة الختامية التي تم خلالها تلاوة البرقية التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، من قبل الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد الرحمن العطية، والتي قال فيها: «إنكم وأنتم تجتمعون اليوم لما فيه الخير - إن شاء الله - لدول وشعوب منطقة الخليج، وقد غاب عن أخيكم أكرم لقاء، وأجل أمانة، تجاه شعوبنا إلا أنها في نفسي ماثلة تستمد مسؤوليتها من ديننا، وعروبتنا، ومصالح أمتنا العربية والإسلامية.

أيها الإخوة: وإننا وإن كنا نتطلع جميعا لتحقيق أهداف، وغايات شعوبنا، فإني وإن غيب وجودي بينكم عارض صحي، إلا أني حاضر معكم روحا، مشاركا معكم آمال وأهداف مسؤولياتنا التاريخية، راجيا من الله العلي القدير أن يوفقكم في مسعاكم، وأن يعينكم - جل جلاله - بعون من عنده، هذا ولكم مني خالص التقدير، شاكرا لكم جميعا ما أبديتموه من مشاعر طيبة شاركتني وخففت عني الكثير من العارض الصحي. هذا، والله يحفظكم ويرعاكم. أخوكم عبد الله بن عبد العزيز آل سعود».

وقد عبر قادة دول مجلس التعاون عن سعادتهم بما أوضحه الأمير نايف بن عبد العزيز عن صحة خادم الحرمين الشريفين وزوال العارض الصحي العابر، داعين الله العلي القدير أن يسبغ عليه دوام الصحة والعافية، وأن يمده بتوفيقه، وأن يعيده سالما معافى، لمواصلة قيادة المملكة العربية السعودية، ودعم مسيرة التعاون المباركة.

وألقى الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس وفد السعودية المشارك في القمة كلمة قال فيها: «صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أصحاب الجلالة وأصحاب السمو.

يسرني أن أقدم الشكر لسموكم ولإخواننا المسؤولين مع سموكم ممثلين في سمو رئيس الحكومة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وسمو ولي عهدكم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على ما لقيناه من حسن استقبال وكرم الضيافة، وهذا أمر ليس بمستغرب عليكم لا أنتم ولا أسرتكم ولا شعبكم، فلكم منا جزيل الشكر والتقدير، وأنا على ثقة أن أصحاب الجلالة وأصحاب السمو يشاركون في هذه المشاعر، ولست بحاجة أن أزيد على ما تفضل به سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - في برقيته الموجهة لكم جميعا وتمنياته لكم بالنجاح والحمد لله، التهنئة لسموكم وإخواني قادة دول مجلس التعاون على ما حققتموه من نجاح في هذه الدورة، وهذا أمر يسجل لكم، ويدل على حسن قيادتكم وإدارتكم لاجتماعاتنا في هذين اليومين هنا في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة. وبتوجيهات دائمة مستمرة من سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي عهده الأمين أكرر التقدير والشكر لسموكم ولحكومتكم ولشعبكم، ويسعدنا وذلك بموافقة وتوجيهات سيدي خادم الحرمين الشريفين وبرغبة من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أن تكون الدورة القادمة في المملكة العربية السعودية بلدكم الثاني، فإضافة لما قدمناه لكم من شكر، فإننا نرحب بكم في بلدكم، ونرجو إن شاء الله أن يتحقق في اللقاءات القادمة ما أنجزتموه هنا وما بقي من قرارات ستحال إلى الجهات المختصة لإبداء مرئياتها وهي قرارات أساسية ومهمة لدول مجلس التعاون.

أرجو من الله لسموكم التوفيق الدائم والمستمر وأن يجمع كلمتكم جميعا وإخوانكم قادة مجلس التعاون على الحق لما فيه خير دولكم وشعوبكم وتطلعاتكم دائما وتطلعات سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين لتقديم أكثر ما يمكن بما يحقق الأمن والاستقرار وما يحقق رفاهية شعوبنا في بلداننا، والحمد لله، وهذا فضل من الله وحسن في القيادة. إنه على الرغم من الظروف الدقيقة والصعبة المحيطة بدولنا فإننا والحمد لله بجميع دول مجلس التعاون نعيش حالة من الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي، فهذا لو لم يكن هناك قيادة راشدة ترسم هذه السياسة وتدعمها لما تحقق ما تحقق فإلى الأمام يا صاحب السمو أنتم وإخوانكم قادة دول مجلس التعاون، والمملكة معكم دائما، وهي جزء منكم ولكم، ودائما توجيهات سيدي خادم الحرمين الشريفين لدعم كل ما يمكن من تعاون لما فيه رفعة وتقدم واستقرار وأمن دول مجلس التعاون.

شكرا يا صاحب السمو لكم ولإخوانكم وأبنائكم والإخوة المسؤولين في دولة الإمارات، وشكرا لقادتنا الموجودين هنا لما قدموه في هذا اللقاء المبارك من جهود موفقة وإلى الأمام دائما، وفقكم الله وأخذ بيدكم لما يحبه ويرضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

وقال الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، في ختام أعمال القمة: «ندعو الله العلي القدير أن يمن على خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة بالصحة والعافية بعد العملية الجراحية التي أجريت لجلالته». وبحسب البيان الختامي الذي وزع في أعقاب ختام القمة، فقد أكد قادة دول المجلس تأييدهم للسلطة الفلسطينية في رفضها العودة للمفاوضات المباشرة مع إسرائيل من دون وقف كامل للاستيطان، بما في ذلك في القدس الشرقية.

وأكد المجلس على دعم السلطة الوطنية الفلسطينية في موقفها الداعي إلى أن «العودة إلى المفاوضات المباشرة تتطلب الوقف الكامل للأنشطة الإسرائيلية الاستيطانية وعلى رأسها ما يتعلق بمدينة القدس الشرقية». وشدد المجلس على أن تحقيق السلام العادل والشامل «لا يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من كافة الأراضي العربية المحتلة إلى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967».

وفيما يتعلق بالإرهاب، أكد قادة دول مجلس التعاون الخليجي على ضرورة تجفيف منابع تمويل الإرهاب ومنع وسائل الإعلام من نشر مواد إعلامية تشجع الإرهاب.

وشدد المجلس على «أهمية العمل على تجفيف مصادر تمويل الجماعات الإرهابية وإفشال توجهاتها الإجرامية المتمركزة في الخارج ومحاولات قياداتها المستمرة لإيجاد موطئ قدم لعناصرها في الداخل لنشر أفكارها التكفيرية ومخططاتها لضرب الأمن والمقدرات الوطنية».

كما شدد المجلس على ضرورة «عدم إفساح وسائل الإعلام أو غيرها لنشر أو بث كل ما من شأنه تشجيع وتأييد الأعمال الإجرامية ومرتكبيها». وأكد قادة دول مجلس التعاون على مواقفهم «الثابتة والمعروفة التي أكدت عليها كافة البيانات السابقة من خلال دعم حق سيادة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث وعلى المياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الإمارات».

وأعرب القادة في البيان الختامي عن الأسف لعدم إحراز الاتصالات مع إيران أي نتائج إيجابية من شأنها التوصل إلى حل قضية الجزر الثلاث مما يسهم في تعزيز أمن واستقرار المنطقة.

وأقر القادة قرارا بالسماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في دول المجلس، كما توجه اللجان الوزارية والأمانة العامة للعمل على تنفيذ ما جاء في رؤية البحرين لتطوير مجلس التعاون وكذلك رؤية قطر لتفعيل المجلس، وأعرب المجلس الأعلى عن ارتياحه لأداء اقتصاديات دول المجلس.

وأما ما يتعلق بمكافحة الإرهاب فأكد المجلس الأعلى وفق البيان على مواقف دول المجلس الثابتة لنبذ العنف والتطرف المصحوب بالإرهاب مؤكدا تأييده لكل جهد إقليمي أو دولي يهدف إلى مكافحة الإرهاب، ودعا المجتمع الدولي إلى تفعيل ما تنادي به دول المجلس من إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب لتبادل المعلومات والخبرات والتنسيق لرصد تحركات المنظمات والعناصر الإرهابية وإحباط مخططاتها.

وأشاد البيان بكفاءة الأجهزة الأمنية في كل من البحرين والسعودية في كشف وتفكيك المخططات والخلايا الإرهابية، وأكد أهمية العمل على تجفيف مصادر تمويل الجماعات الإرهابية ومحاولات قياداتها في الخارج إيجاد موطئ قدم لعناصرها في الداخل ونشر أفكارها.

ومع اقتراب الذكرى الثلاثين لإنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وانطلاقا من حرص قادة دول المجلس على تعزيز مسيرة التعاون المشترك، والدفع بها إلى آفاق أرحب وأشمل، استعرض المجلس الأعلى حصيلة العمل المشترك في المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعسكرية، والأمنية، والثقافية، والإعلامية، وعبر عن ارتياحه لما حققته المسيرة الخيرة من إنجازات منذ الدورة الماضية، مثمنا ما تحقق من إنجازات ومكتسبات في مجال العمل الخليجي المشترك، ومؤكدا العزم على مواصلة تعزيز هذه المسيرة المباركة لما فيه مصلحة وخير دول المجلس ورفاهية مواطنيها.

كما أعرب المجلس الأعلى عن ارتياحه وتقديره لتنفيذ ما جاء في مقترحات خادم الحرمين الشريفين بشأن تسريع الأداء وإزالة العقبات التي تعترض مسيرة العمل المشترك. وكذلك ورقة دولة الكويت بشأن التحديات الإقليمية والدولية الراهنة. وعلى الجانب الاقتصادي، أعرب المجلس الأعلى عن ارتياحه لأداء اقتصاديات دول المجلس، وما شهدته دوله من تنمية اقتصادية واجتماعية، وتحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي.

واستعرض المجلس الأعلى مسيرة التكامل الاقتصادي في إطار مجلس التعاون، من خلال ما رفع له من تقارير وتوصيات من اللجان الوزارية المختصة، والمجلس الوزاري، والأمانة العامة، بشأن الجوانب الاقتصادية في كل من رؤية مملكة البحرين لتطوير مجلس التعاون، ورؤية دولة قطر بشأن تفعيل مجلس التعاون، وما تضمنته من تشجيع الاستثمارات المشتركة لا سيما في مجالي التعليم والصحة، وأصدر المجلس توجيهاته بهذا الشأن.

وجدد المجلس الأعلى تأكيده على أهمية تعزيز الحوار بين أتباع الحضارات والأديان والثقافات المختلفة، والحرص على بناء جسور التلاقي بين الشعوب والحضارات، وهو ما جسدته مبادرة خادم الحرمين الشريفين وأكدته المؤتمرات الكثيرة التي عقدت ضمن هذه المبادرة.

وأكد المجلس الأعلى على أن الحوار بين أتباع الحضارات والأديان هو السبيل الأنجع لتعزيز التفاهم والتعاون العالمي، بما يسهم في جلب الأمن، والقضاء على أسباب الصراع، وتوحيد الجهود لمعالجة المشكلات التي يعاني منها العالم.

في الشأن العراقي، ثمن المجلس الأعلى نداء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للقيادات العراقية للالتقاء تحت مظلة جامعة الدول العربية.

وأكد المجلس الأعلى مجددا مواقفه بشأن احترام وحدة العراق، واستقلاله، وسلامته الإقليمية، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والحفاظ على هويته العربية والإسلامية، مؤكدا أن تحقيق الأمن والاستقرار في العراق يتطلب الإسراع في إنجاز المصالحة الوطنية العراقية الشاملة، بما يحقق مبدأ الشراكة بين كافة الأطراف والكتل السياسية العراقية.

وشدد المجلس الأعلى على ضرورة استكمال العراق تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، ومنها الانتهاء من مسألة صيانة العلامات الحدودية، والتعرف على من تبقى من الأسرى والمفقودين من مواطني دولة الكويت، وغيرهم من مواطني الدول الأخرى، وإعادة الممتلكات والأرشيف الوطني لدولة الكويت. وحث الأمم المتحدة والهيئات الأخرى ذات العلاقة على الاستمرار في جهودها القيمة لإنهاء تلك الالتزامات.

في الشأن اللبناني، جدد المجلس الأعلى دعمه الكامل لاستكمال بنود اتفاق الدوحة بين القوى اللبنانية، الذي تم التوصل إليه برعاية الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر، مؤكدا على ما اتفقت عليه الأطراف اللبنانية في اتفاقية الطائف، ومشيدا بجهود الحكومة اللبنانية لدعم الأمن والاستقرار في لبنان، وتعزيز وحدته الوطنية. وحث كافة الأطراف اللبنانية على تحمل مسؤوليتها التاريخية، وتغليب مصلحة لبنان، من خلال الحوار البناء الهادف لحل المشكلات القائمة وفق أسس دستورية، بعيدا عن لغة التوتر والتصعيد، وبمنأى عن أي تدخل خارجي.

وأشاد المجلس الأعلى بالزيارة التاريخية التي قام بها للبنان خادم الحرمين الشريفين والرئيس السوري بشار الأسد، دعما لتعزيز الوفاق الوطني والاستقرار الداخلي في لبنان، وتحسينا لفرص النمو الاقتصادي والاجتماعي فيه، وتضامنا معه في مواجهة التهديدات الإسرائيلية.

في الشأن السوداني: أعرب المجلس عن ترحيبه بالمراحل التي وصلت إليها عملية سلام دارفور في الدوحة عقب الاتفاقيات الإطارية التي تم توقيعها بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في الدوحة، برعاية الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر مشيدا بالجهود الخيرة التي تبذلها دولة قطر في إطار اللجنة الوزارية العربية الأفريقية المعنية بتسوية النزاع في دارفور، وجهود الوسيط المشترك للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحل النزاع.

وقرر المجلس الأعلى تعيين الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، من مملكة البحرين، أمينا عاما لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، اعتبارا من أول أبريل (نيسان) 2011، متمنيا له التوفيق والسداد في مهامه الجديدة.

ورحب قادة دول مجلس التعاون بالدعوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين لعقد الدورة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون في المملكة العربية السعودية العام القادم 2011.