هل الحياة أفضل من دون كرة القدم؟

لويجي غارلاندو

TT

دعونا في البداية نوضح أننا لا نريد أن نتقمص هنا دور علماء الاجتماع ولا نحاول أن نستخلص حقائق من ترتيب الـ107 مدن الإيطالية فيما يتعلق بنوعية الحياة. لكننا سنحاول فقط النظر إلى هذا الترتيب من وجهة نظر تتعلق بكرة القدم. إن أفضل 10 مدن إيطالية من حيث نوعية الحياة لا تحتوي إلا على مدينة واحدة تلعب أنديتها في دوري الدرجة الأولى وهي مدينة بولونيا. فهل يعني ذلك أن كرة القدم ضارة جدا بالصحة؟ دعونا لا نبالغ فيما يعنيه ذلك.

لكن من الحقيقي أن الدولة التي تخشى من حدوث أزمة في حالة إضراب لاعبي كرة القدم، في إيطاليا التي وزعت مباريات الدوري بها على جميع أيام الأسبوع حتى تستمتع بجزء منه يوميا، يمكن أن يحيا الناس (وبشكل جيد) دون كرة قدم رائعة بالقرب من منازلهم. لقد حصلت مدينة بولزانو على درع أفضل المدن في نوعية الحياة وتلتها تورينتو وسوندريو. إنها أجواء الجبال وليست أجواء الدخان المسيل للدموع.

لقد جاءت مدينة تريتسي في المركز الرابع، وهي مقاطعة لا تهتم كثيرا بكرة القدم لدرجة أنهم اضطروا لاستخدام دمى على شكل متفرجين لملء الاستاد. وقد أوضح مَن قام بالتعليق على أفضل 10 مدن، بالإضافة إلى كفاءة الخدمات العامة في هذه المدن العشر، قدرتها على الإنفاق الجيد لمواردها المتاحة.

وبالطبع تنفق هذه المدن القليل من مواردها على كرة القدم. وتعتمد مدينة بولونيا، التي جاءت في المرتبة الثامنة، على موارد رئيس نادي بولونيا بورشيدا الذي ينتمي لإقليم سردينيا. وجاءت مدن سيينا وأوستا وغوريتسيا زأوريستانو وبيلونو لتكمل عقد أفضل 10 مدن في ذلك الترتيب. وإذا قمنا بإعادة ترتيب أندية دوري الدرجة الأولى طبقا لترتيب مدنها في تصنيف أفضل المدن في نوعية الحياة فسنجد أندية بولونيا وبارما وأودينيزي وفيورنتينا هي الأربعة الأولى وفي منطقة التأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا. إنه أمر متوقع ومنطقي. فكرة القدم الراقية المستوى تعتبر وحشا يحتاج للكثير من الأموال والكثير من الحشود والجماهير حتى تستمر وتزدهر.

وتتضح نوعية الحياة في المدن الكبرى غالبا في الأماكن قليلة السكان. ومن المنطقي أيضا أن تأتي في ذيل القائمة أغلب مدن الجنوب الذي يعاني بصفة دائمة ويجد صعوبة بالغة في اللحاق بباقي إيطاليا. ولهذا السبب نجد بعض المدن التي تلعب أنديتها في دوري الدرجة الأولى بين آخر 10 مدن في التصنيف الخاص بنوعية الحياة. وهذه المدن هي كاتانيا (المركز 99) وباليرمو (المركز 101) ونابولي (107) التي تعتبر الأخيرة بين جميع المدن الإيطالية.

ولا يفوتنا هنا الإشارة إلى التناقض الواضح. فمدينتا نابولي وباليرمو، اللتان تقبعان في مؤخرة ترتيب المدن من حيث نوعية الحياة اليومية، تحظيان بفرق كروية على مستوى عال وتتميز كلتاهما بوجود لاعبين من أصحاب الطموح الكبير مثل كافاني وباستوري، وهما لاعبان قويان وموهوبان تحلم مدينة بولزانو التي تحتل قمة الترتيب أن تحظى بمثلهما. إن الكرة مستديرة، لكنها لا تتغير أبدا. فهي فرحة الجماهير وتسليتهم ووسيلة السيطرة عليهم.