مفاوضات السلام في مهب الريح.. ولا خطة بديلة في الأفق

مسؤولون بالإدارة الأميركية: واشنطن اتخذت القرار بعد مشاورات بين كلينتون ونتنياهو

TT

بعد ثلاثة أسابيع من المساومات العقيمة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قررت إدارة أوباما التخلي عن جهود إقناع الحكومة الإسرائيلية بتجميد بنائها لمستوطنات يهودية لمدة 90 يوما، حسبما ذكر مسؤول رفيع المستوى بالإدارة، الثلاثاء.

ويترك هذا القرار محادثات السلام بالشرق الأوسط عرضة للتقلبات، مع رفض الفلسطينيين استئناف المفاوضات المباشرة من دون تجميد البناء الاستيطاني، ونضال الولايات المتحدة للوصول إلى صيغة أخرى لإعادتهم إلى الطاولة. ويعد هذا الوضع بمثابة انتكاسة أخرى في حملة أطلقها الرئيس أوباما بدت محكوما عليها بالفشل منذ البداية.

وشرح مسؤولون أن الإدارة قررت وقف جهودها لأنها خلصت إلى أنه حتى إذا أقنع نتنياهو مجلس وزرائه بقبول قرار التجميد - الأمر الذي عجز عنه حتى الآن - فإن 90 يوما من المفاوضات لن تكفي لإحراز تقدم على صعيد قضايا جوهرية اهتمت بها واشنطن منذ البداية.

وقال مسؤول أميركي بارز، رفض كشف هويته لتناوله مشاورات لا تزال تجري داخل صفوف الإدارة: «لقد بذلنا جهودا كبيرة، وحاول الجميع بصدق استئناف المفاوضات المباشرة على نحو مستديم ويحمل معنى حقيقيا، لكن تمديد قرار التجميد لم يكن ليحقق ذلك».

ولم يطرح مسؤولو الإدارة خطة بديلة لإحياء المحادثات، ويرى محللون أنه من غير الواضح ما إذا كان لدى الإدارة خطة بديلة من الأساس، وراء الالتزام العام بالاستمرار في الحديث إلى الإسرائيليين والفلسطينيين بشأن القضايا الكبرى المثيرة للاختلاف بينهما: الحدود والأمن ووضع القدس، بجانب أخرى.

وربما يحمل خطاب وزيرة الخارجية هيلاري رودهام كلينتون حول السياسات تجاه الشرق الأوسط الذي ستلقيه الجمعة أمام «معهد بروكنغز»، نظرة عامة على الخطوة التالية للإدارة. إلا أنه على ما يبدو لم يتم إقرار استراتيجية محددة للإدارة بهذا الشأن بعد.

عن ذلك، قال روبرت مالي، مفاوض بقضية السلام في إدارة كلينتون: «من وجهة نظري، أرى أن الإدارة تذعن بحكمة للواقع. والسيناريو الأكثر احتمالا أن قرار التجميد كان سيكسبهم وقتا قصيرا، ثم يلقي بهم في الأزمة ذاتها التي كانوا فيها من قبل».

ويقول مسؤولون بالإدارة الأميركية إن واشنطن اتخذت القرار بعد مشاورات بين كلينتون ونتنياهو. كان الاثنان قد صاغا من قبل اتفاقا بتجميد البناء الاستيطاني لمدة 90 يوما، لكن نتنياهو أعلن لاحقا عجزه عن إقناع وزرائه بالموافقة عليه من دون تقديم الأميركيين ضمانات أمنية كتابية.

ولم تقدم هذه الضمانات، التي تضمنت 20 طائرة تسلل «F-35» وتعهدا أميركيا باستخدام حق النقض (الفيتو) تجاه أي قرارات ضد إسرائيل داخل الأمم المتحدة، إلى الإسرائيليين قط. وأكد مسؤول أنه في الوقت الذي لم تعد فيه هذه الحزمة مطروحة، فإن الولايات المتحدة ستستمر في حماية أمن إسرائيل ومحاربة الجهود الساعية للطعن في شرعيتها داخل المنظمات الدولية.

ويعتقد محللون أنه على المدى القصير أثار الإخفاق في تمرير الاتفاق الشكوك في قدرة نتنياهو على التفاوض حول اتفاق نهائي. وأعرب دانييل سي. كيرتزر، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، اعتقاده بأن هذا الإخفاق «كشف مدى ضعف ائتلافه. لقد بدا الاتفاق جذابا للغاية في عينيه، ومع ذلك فشل في إقناع مجلس وزرائه بقبوله من دون إلحاق شروط به اعتبرتها واشنطن غير مقبولة».

إلا أن الفلسطينيين بدلوا أيضا موقفهم، حيث أصروا على أن تجميد المستوطنات يجب أن يشمل القدس الشرقية والضفة الغربية، بينما من ناحيتها لم تطلب الولايات المتحدة قط من نتنياهو توسيع دائرة قرار التجميد إلى القدس. ويعتقد محللون أن نتنياهو لم يكن ليتمكن قط من إقناع مجلس وزرائه اليميني بالموافقة على هذا الأمر.

* خدمة «نيويورك تايمز»