العونيون مصرون على براءة أحد قيادييهم من التعامل مع إسرائيل.. وحزب الله يعتمد الصمت المطبق

مصدر قضائي لـ «الشرق الأوسط»: القرار الاتهامي مبني على أدلة قاطعة لا تحتمل التشكيك

TT

يبدو أن اتهام القيادي في التيار الوطني الحر، العميد المتقاعد فايز كرم، من قبل القضاء العسكري بالتعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية، مرشح للتفاعل من الآن إلى أن يصدر الحكم بحقه عن المحكمة العسكرية في الأشهر المقبلة. فقد جعل نواب التيار ورئيسه النائب ميشال عون من توقيف كرم قضية سياسية، واستماتوا في الدفاع عنه، مقابل صمت حزب الله، حليف عون، التام عن الموضوع. وكان القرار الاتهامي ضد كرم المستند إلى اعترافاته أمام قاضي التحقيق، قد ذكر أن الإسرائيليين كلفوه بجمع معلومات عن قياديين بارزين في حزب الله وتحركاتهم، وتقاضيه مبلغ 14 ألف يورو لقاء هذه المهمات.

وفي أول موقف له بعد صدور القرار الاتهامي، رأى النائب ميشال عون أن «التحقيقات التي جرت مع العميد كرم لم تراع قانون أصول المحاكمات، إذ إن هناك عدة مخالفات أساسية يمكن انطلاقا منها طلب إعادة التحقيق من جديد، وهي تتعلق بالتعذيب والحجز الاحتياطي المخالف للقانون، وعدم تمكن المتهم من لقاء محاميه بسرية كما ينص القانون»، وطالب بـ«إلغاء التحقيق لأنه لم يراع القوانين اللبنانية ولم يحترم حقوق المتهم». وشكك في «الطريقة التي تم من خلالها التحقيق مع كرم».

وردا على الحملة السياسية بعد اتهام القيادي العوني، أكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن «القرار الاتهامي الذي صدر بحق العميد المتقاعد فايز كرم، مبني على اعترافات موثقة وأدلة قاطعة ومعطيات قوية، وهو بالتالي لا يحتمل التأويل أو التشكيك»، وشدد المصدر على أن «ملف كرم قضائي وليس سياسيا، ومن لديه اعتراضات فليمارس هذا الحق أمام القضاء في الأطر القانونية، وليواكب مجريات المحاكمة أمام هيئة المحكمة العسكرية، بحيث ستكون هذه المحاكمة شفافة وعلنية»، وشدد المصدر على «صدقية التحقيقات الأولية التي أجريت مع كرم وثبتت في اعترافاته الواضحة والصريحة أمام قاضي التحقيق بحضور وكيله القانوني، وبالتالي ليس ثمة وسيلة للطعن في هذه التحقيقات أو المطالبة بإجراء تحقيقات أولية جديدة بعدما أصبح الملف في عهدة المحكمة العسكرية».

وبالتزامن مع استمرار تراشق الاتهامات بالعمالة بين نواب من تيار المستقبل، ونواب من التيار الوطني الحر، على خلفية اتهام كرم والهجوم العوني على قوى الأمن الداخلي وفرع المعلومات، قال قيادي في «14 آذار» رفض ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «دفاع عون عن قيادي لصيق به، وعاش بقربه 14 سنة في باريس، لهو أمر مفهوم ويقبل النقاش، لكن ما هو غير مفهوم ويثير الاستغراب ويطرح الكثير من علامات الاستفهام هو صمت حزب الله المطبق عن قضية بهذا الحجم، وعن متهم بهذه الخطورة كان مكلفا من الإسرائيليين بمراقبة تحركات واجتماعات قياديين من الصف الأول في الحزب، وعلى الرغم من المعلومات الخطيرة التي كشفها القرار الاتهامي».

وأضاف القيادي المذكور «ربما نتفهم أن حزب الله لا يرغب في التعليق على قضية عميل موجودة بمتناول القضاء، علما بأن هذا ليس دأبه، لأنه الأكثر شراسة في التشهير بالعملاء، لكن ما لا يمكن فهمه أن يبقى غير معني بالدفاع المستميت من حليفه الأول ميشال عون وكتلته النيابية كاملة عن هذا المتهم، الذي يعتبر على قدر كبير من الخطورة على لبنان عموما وعلى حزب الله خصوصا، وهذا أقل ما يقال فيه إنه أمر مريب».

وكان القرار الاتهامي كشف في وقائعه أن كرم «اجتمع في فرنسا مع ضابط المخابرات الإسرائيلية رافي لثلاث مرات، بالإضافة إلى تواصله الدائم معه بواسطة الخطوط الأمنية المسلمة إليه، ومن بينها جهاز، على شكل هاتف جوال يعمل بواسطة الستلايت على الأقمار الاصطناعية، وأنه خلال فترة تعامله زود المخابرات الإسرائيلية بأسماء الكوادر الأساسية المؤثرة في التيار الوطني الحر، وأسماء معارفه من قيادات حزب الله، ومنهم الحاج (عضو المجلس السياسي) غالب أبو زينب، والحاج (القيادي) محمد صالح، والحاج (مسؤول جهاز الأمن في الحزب) وفيق صفا، والسيارة التي يستعملها الأول، بالإضافة إلى علاقته مع فريق عمل تلفزيون (المنار) الذي يملكه حزب الله، وأعطى تفاصيل المفاوضات التي كانت تجري بين التيار الوطني الحر وباقي الأحزاب اللبنانية كحزب الكتائب وتيار المستقبل وحزب الله، وكل المعلومات التي كان يحصل عليها بهذه الخصوص بحكم موقعه في التيار. وتفاصيل مشاركة التيار الوطني الحر في الاعتصام بساحة رياض الصلح، ومعلومات حول ما إذا كان المعتصمون سيقتحمون السراي الحكومي، وقدم للإسرائيليين معلومات عن معارفه من كوادر حزب الله، ومن يجتمع بهم منهم، وأين، فمثلا أبلغهم بأنه يجتمع مع الحاج غالب أبو زينب بمطعم الساحة، والحاج محمد صالح بمنطقة الشمال».

وأفاد القرار بأنه جرى سؤال كرم «هل يُعقل أن يقبل الموساد الإسرائيلي بأن تزوده معلومات سياسية عن التيار الوطني وحزب الله، من دون أي معلومات لها قيمة أمنية؟ فأجاب: حسب اعتقادي كانوا يريدون تجنيدي لأمور أخرى، وأن البداية كانت بسؤالي عن الأمور التي ذكرتها. وعن المبالغ التي تقاضاها، أجاب: أربعة عشر ألف يورو على دفعتين».