كلينتون: لا خطة أميركية.. ولكن إشراف على مفاوضات غير مباشرة لقضايا الحل النهائي

واشنطن تسعى إلى «إطار اتفاقية».. باراك: حل الدولتين وتقسيم القدس هما الضمانة لتطوير الحلم الإسرائيلي

جندي إسرائيلي يحاول منع مصورين صحافيين من التقاط صور عند محاولتهم اعتقال محتجين فلسطينيين خلال مظاهرة بإحدى قرى الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

دخلت عملية السلام مرحلة جديدة منذ مساء أول من أمس، مع إعلان وزيرة الخارجية الأميركية بدء مفاوضات غير مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بإشراف إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما.

لكن هذه المرة المفاوضات ستكون مختلفة من ناحيتين، أولا: ستكون المفاوضات حول قضايا الحل النهائي بدلا من مفاوضات غير مباشرة حول كيفية إطلاق المفاوضات المباشرة كما حدث في السابق، ثانيا: ستكون مفاوضات بين الأميركيين والفلسطينيين من جهة والأميركيين والإسرائيليين من جهة أخرى، بهدف تقريب وجهات النظر. وأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون هذه الصيغة الجديدة في خطاب مطول حول الشرق الأوسط، مساء أول من أمس في واشنطن، مع إطلاق مؤتمر «سابان لسياسات الشرق الأوسط» التابع لمعهد «بروكينغز»، ولكنها في الوقت نفسه أقرت بأن التوصل إلى السلام ما زال صعبا والمواقف صعبة أيضا.

وعبرت كلينتون عن حيرتها الشخصية من تعثر جهود إحياء عملية السلام، قائلة: «مثل الكثير منكم، أشعر بالحيرة بأننا لم نتقدم أكثر أو بسرعة أكثر»، ولكنها قالت إنه من غير المفيد التركيز على الماضي بل النظر إلى الأمام. وأوضحت كلينتون آلية العمل في المرحلة المقبلة، قائلة: «سندفع الأطراف لتوضيح مواقفهم حول القضايا الأساسية ومن دون تأخير وبدقة حقيقية، سنعمل من أجل سد تقليص الفجوات من خلال طرح الأسئلة الصعبة وسنتوقع أجوبة ملموسة».

وبينما أكدت كلينتون أن واشنطن ستكون «مشاركا فعالا» في المحادثات وقد يطرح مسؤولون أميركيون اقتراحات حول سد الفجوات في الرؤى الفلسطينية والإسرائيلية، إلا أنها أوضحت أن إدارة أوباما لن تفرض «خطة أميركية» على الطرفين. وهذا أمر يعارضه الإسرائيليون؛ إذ يرفضون طرح خطة أميركية أو دولية تفرض عليهم. وقالت كلينتون: «لا يمكن لنا فرض حل.. البعض يعتقد أننا نستطيع ولكننا لا نستطيع ذلك، وحتى إن استطعنا لن نفعل ذلك».

وكررت كلينتون الكثير من التحذيرات والمواقف الأميركية حول عملية السلام، من أهمية التفاهم الفلسطيني - الإسرائيلي إلى الحذر من إيران والتطرف. وقالت كلينتون: «يجب أن يبدأ الجهد من خلال النظر إلى العالم من عيني الطرف الآخر.. تجاهل احتياجات الطرف الآخر يؤدي إلى الهزيمة»، مطالبة الفلسطينيين والإسرائيليين بالتعاطف مع بعضهما. وأضافت: «على المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين الكف عن البحث عن إلقاء اللوم للفشل المقبل».

كما كررت كلينتون مطالبة الدول العربية باتخاذ «خطوات تظهر للإسرائيليين والفلسطينيين وللشعبين أن السلام ممكن وأن هناك فوائد ملموسة من تحقيقه». وطالبت كلينتون الإسرائيليين بـ«انتهاز الفرصة التي تمثلها مبادرة السلام العربية ما دامت موجودة»، مؤكدة أن «الوقت قد حان لدعم هذه الرؤية مع الأفعال بالإضافة إلى الكلمات».

وأكدت كلينتون مجددا أن «التزام أميركا بأمن إسرائيل ومستقبلها صلب جدا وثابت ولن يتغير»، ولكن في الوقت نفسه كررت دعمها للسلطة الفلسطينية، خاصة لرئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، الذي حضر الخطاب في واشنطن، والرئيس الفلسطيني محمود عباس. واعتبرت كلينتون أن «لإسرائيل والمنطقة، ربما لا يوجد تهديد استراتيجي أكبر من احتمال إيران مسلحة نوويا.. والولايات المتحدة مصرة على منع إيران من تطوير أسلحة نووية».

وبعد إلقاء كلينتون خطابها، ألقى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك خطابا حول العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، واصفا الولايات المتحدة بـ«أفضل صديق لإسرائيل وحليفها الاستراتيجي». ثم انتقل إلى عملية السلام، مشددا على أمن إسرائيل، وعدد التهديدات أمام إسرائيل، قائلا إنها تأتي من «حزب الله وحماس وإيران وشبكات الإرهاب الدولية». ولكنه اعتبر أن «من دون سلام أو عملية السلام ستستمر عملية توليد العنف». ووجه كلامه إلى الإسرائيليين، قائلا: «العالم تغير.. نحن بحاجة إلى الحكمة السياسية، دولتان لشعبين حول الطريق الوحيد للصهيونية».

وشدد باراك على أهمية حل الدولتين، قائلا: «من الحتمي أن قيام دولة غير يهودية أو غير ديمقراطية، ليس أي منهما الحلم الصهيوني»، مع اعترافه بوجود شعب فلسطيني يجب أن تكون له دولة. وأردف قائلا: «تحقيق السلام ليس جميلا للفلسطينيين، بل ضمان المستقبل الإسرائيلي». وأضاف أن الحل هو: «حل دولتين لشعبين، تحديد حدود لدولة يهودية، وعلى الطرف الآخر دولة فلسطينية من دون جيش، إعادة المستوطنات المنعزلة». وأيد باراك تقسيم القدس بموجب اقتراح الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون عام 2000؛ بحيث «تكون القدس الغربية والأحياء اليهودية لإسرائيل، والأحياء العربية للفلسطينيين». وتابع أن «مناقشة حل للقدس تأتي في النهاية.. والأمر الأهم التوصل إلى اتفاقات أمنية، الشرق الأوسط منطقة صعبة». وأظهر باراك موقفا متصلبا؛ إذ شدد على أن «التوصل إلى اتفاق (سلام) سيأتي من موقف قوة فقط، على خصومنا معرفة أنه لا يوجد طريق لهزم إسرائيل».

وعدد الأولويات التي تخص إسرائيل فيما يخص عملية السلام، وهي بحسب باراك: «إبقاء العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة، زيادة التعاون مع الدول العربية المعتدلة، بناء التعاون مع الفلسطينيين مع عزلة حماس في غزة، التوصل إلى حل سلمي لقضايا الحل النهائي، إزالة سورية من محور الإرهاب، وضع نظام دفاع صاروخي لحماية إسرائيل، منع إيران نووية». وركز باراك في خطابه على إيران، مطالبا بمواجهة برنامجها النووي. وكرر باراك المطلب الإسرائيلي بعدم التخلي عن خيار ضرب إيران من أجل منعها من تطوير برنامجها النووي، قائلا: «إن العقوبات خطوة في الاتجاه الصحيح.. ولكن يجب عدم إزالة أي خيارات من الطاولة».