قمة المناخ: اتفاق حول آليات للحد من الانبعاثات وإنشاء صندوق أخضر

إرجاء البت في مستقبل «كيوتو» عاما آخر مهد للاتفاق.. ووحدها بوليفيا اعترضت

وزيرة الخارجية المكسيكية أسبينوزا (يمين) تتحدث إلى مسؤولة في الأمم المتحدة في ختام قمة كانكون، أمس (أ.ف.ب)
TT

تبنى مندوبو نحو 200 بلد، في ختام قمة المناخ أمس، في كانكون بالمكسيك، نصا يتضمن مجموعة من الآليات لمكافحة التغير المناخي، منها إنشاء صندوق أخضر لمساعدة البلدان النامية. وهذه الخاتمة الإيجابية في المنتجع البحري المكسيكي في ختام لقاء كانت أهدافه متواضعة، تتيح أولا تحفيز عملية التفاوض التي تأثرت كثيرا بخيبة الأمل الكبيرة الناجمة عن قمة كوبنهاغن قبل سنة.

وقالت وزيرة الخارجية المكسيكية باتريسيا اسبينوزا، التي غطى على صوتها التصفيق المتواصل للمندوبين في الجلسة العامة، إن اتفاق كانكون «يفتح عصرا جديدا للتعاون الدولي حول التغير المناخي». وأقر الاتفاق بعد 12 يوما من المفاوضات الكثيفة وأحيانا المتوترة. وأعلنت الوزيرة المكسيكية اسبينوزا إقرار الاتفاق على الرغم من اعتراض بوليفيا التي أرادت مطالبة الدول الغنية بتخفيضات أكثر للانبعاثات قائلة إن سياساتهم إزاء المناخ تؤدي إلى إبادة، حيث يصل عدد الوفيات إلى 300 ألف حالة سنويا. وقال بابلو سولون، مندوب بوليفيا، لاسبينوزا «أدعوكم لإعادة النظر». وردت اسبينوزا، بعد كلمات معادية للرأسمالية من قبل سولون، بأنه سيشار إلى اعتراضات بوليفيا في تقرير نهائي، لكنها لا يمكنها أن تخرج اتفاقا وقعت عليه 190 دولة عن مساره.

وفتح الباب أمام الاتفاق بعد أن أرجأت الوفود حتى عام 2011 خلافا بين الدول الغنية والدول الفقيرة بشأن استمرار بروتوكول كيوتو الذي يلزم نحو 40 دولة متقدمة بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري حتى نهاية عام 2012. وسبب مآل بروتوكول كيوتو، المعاهدة الوحيدة الملزمة قانونيا حتى الآن، توترا حادا في المؤتمر بعد رفض اليابان وروسيا القبول بالالتزام بها لفترة إضافية. وسيسمح مخرج إيجابي للاجتماع، الذي عقد في المنتجع الساحلي المكسيكي في ختام محادثات أهدافها متواضعة، بإنقاذ عملية التفاوض التي تضررت بشدة بفشل مؤتمر كوبنهاغن قبل عام واحد.

وبعد 12 يوما من المفاوضات المكثفة والمتوترة في بعض الأحيان، قدمت وزيرة الخارجية المكسيكية التي ترأست المناقشات، نص تسوية مساء أول من أمس، ولقيت مبادرتها ترحيبا كبيرا وتصفيقا حارا للحضور وقوفا، في حدث نادر في هذا المؤتمر.

والميزة الرئيسية للنص هي أنه كرس عدة نقاط من الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه في كوبنهاغن ولم تقره الدول الـ194 الأعضاء في معاهدة الأمم المتحدة. ويؤكد النص مجددا ضرورة الإبقاء على ارتفاع درجات حرارة الأرض عند درجتين مئويتين، داعيا «الأطراف إلى التحرك بسرعة لتحقيق هذا الهدف على الأمد الطويل».

وكان هذا الخلاف يهدد بنسف نتائج المؤتمر. ووعدت الدول المتطورة في كوبنهاغن بتخصيص 100 مليار دولار كل سنة وحتى 2020 لمكافحة التغير المناخي. وسيكون للصندوق الأخضر الذي سيمر عبره الجزء الأكبر من الأموال، مجلس إدارة تمثل فيه بشكل عادل الدول المتطورة والدول النامية. ويقضي نص كانكون بأن يتولى البنك الدولي إدارته في مرحلة انتقالية تستمر ثلاثة أعوام. لكن التساؤلات الكثيرة عن طريقة تمويل الصندوق تبقى بلا رد. واقترحت لجنة تابعة للأمم المتحدة إيجاد تمويلات بديلة، مثل فرض رسوم على وسائل النقل والصفقات المالية، وكلها ما زالت اقتراحات.

من جهة أخرى، يضع النص أسسا آلية تهدف إلى الحد من انحسار الغابات الذي يسبب 15 إلى 20 في المائة من انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض. ولم ترد في النص إمكانية استخدام سوق الكربون لتمويل هذه الآلية المكلفة التي نوقشت مطولا.

وتحدث مندوبو غالبية الدول الواحد تلو الآخر، في جلسة عامة، ليعبروا عن تأييدهم للنص الذي اعتبر أفضل تسوية ممكنة للملفات التي تجري مناقشتها منذ اثني عشر يوما في كانكون. وقال وزير البيئة الهندي جايرام راميش «الشيء الأهم هو أن عملية متعددة الأطراف حصلت على دفعة بعد أن بلغت تدنيا تاريخيا». من جهتها، قالت المفوضة الأوروبية للمناخ كوني هيديغارد إن «الاتحاد الأوروبي جاء إلى كانكون على أمل الوصول إلى مجموعة (قرارات) متوازنة، وتوصلنا إلى ذلك».

وقال كريس هوهن، وزير الطاقة والتغير المناخي البريطاني، إن قمة كانكون زادت من احتمال أن يشدد الاتحاد الأوروبي من خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى أقل من مستوياتها في التسعينات بنسبة 30 في المائة بدلا من نسبة 20 في المائة الحالية.

وقال جريمي هوبس، المدير التنفيذي لمنظمة «أوكسفام» الدولية، إن الاتفاق «يعطي دفعة للمفاوضات»، مع دعوته المنظمات غير الحكومية إلى التحرك بصورة «عاجلة» من أجل رفع مستوى طموحات خفض الغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض. ويتضمن نص كانكون خطوطا عريضة لمشاريع في عدد من الملفات، لكنه لا يتضمن أي جديد بشأن الطموحات إلى خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون التي يرى الخبراء أنها متواضعة إلى درجة لا تسمح بتحقيق هدف الحد من الإبقاء على ارتفاع الحرارة بمقدار درجتين.