«مؤسسة قطر» تنظم أول منتدى للبحوث وتعلن عن 3 معاهد للأبحاث

الشيخة موزة المسند تدعو لعولمة وحرية وديمقراطية البحث العلمي

الشيخة موزة بنت ناصر المسند تلقي كلمة الافتتاح («الشرق الأوسط»)
TT

افتتح في العاصمة القطرية الدوحة أمس، أول منتدى سنوي للبحوث، تقيمه مؤسسة «قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع»، بحضور عدد كبير من العلماء العالميين في حقول الطب والفيزياء والهندسة الوراثية، بينهم حاصلون على جائزة نوبل للطب والعلوم.

وقالت (مؤسسة قطر) إن منتدى البحث السنوي الذي يستمر يومين يسعى إلى تحقيق أعلى مستوى من العلم والبحث، ويهدف إلى جعل دولة قطر كمركز قوي للبحوث في الخليج والمنطقة.

ويقدم الملتقى البحثي أكثر من 150 خلاصة بحثية (ذات أولوية لقطر)، بالإضافة لتقديم 166 مشروعا بحثيا، وشملت ملخصات الأبحاث محاور تراوحت بين تحويل الغاز إلى سائل، ومبادرات المحافظة على البيئة، وتحليل طفرات «دي إن إيه» والشواغل المتعلقة بصحة المرأة.

وبين الأبحاث هناك 58 بحثا مختصا في مجال الطب البيولوجي، و52 في مجال الطاقة والبيئة، و32 في مجال علوم الكومبيوتر، و24 في مجال الفنون والدراسات الإنسانية والاجتماعية. وتم طرح 45 مشروع بحث من قبل طلاب تم قبول 21 منها.

وقال الدكتور ضرار خوري، مدير البحوث المؤسسية بمؤسسة قطر رئيس اللجنة التنظيمية للمنتدى، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الملتقى البحثي يهدف إلى تقديم المبادرات البحثية الجاري تنفيذها في قطر وتمثل انطلاقة للمعايير البحثية الرفيعة التي يقدرون على بلوغها. ومن ثم فقد كان أحد المعايير الرئيسية لاختيار الخلاصات هو أهميتها بالنسبة لقطر.

وأضاف خوري أن مؤسسة قطر وبالتعاون مع شركائها تعمل حاليا على استكمال العمل في 3 معاهد، للأبحاث الطبية الحيوية، والحاسب، والطاقة، وقال إن معهد العلوم الطبية الحيوية بدأ فعلا أبحاثه وهو يتعاون مع مختصين في بريطانيا، بينما معهد الكومبيوتر يعمل حاليا على استقطاب الخبراء، ومن المتوقع أن يبدأ أعماله في يناير (كانون الثاني) المقبل.

وفي كلمتها في افتتاح المنتدى، قالت الشيخة موزة بنت ناصر المسند، حرم أمير دولة قطر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، (مؤسسة قطر) إن الواقع «يبين بوضوح تام أن الاستفادة من الطفرة العلمية ليست شاملة ولا عادلة لكل البشر، إنها بكل بساطة وجه آخر لمعادلة أو توزيع (باريتو) أي 20 إلى 80».

وأضافت: «لأنه قد بات مستساغا ومقبولا الحديث عن العولمة التربوية، الاقتصادية، الثقافية والمعلوماتية فإنه آن الأوان لكي يكون للعولمة البحثية مكانها أيضا».

وأوضحت الشيخة موزة «حينما أتحدث عن العولمة البحثية فإنني أقصد بها تلك التي لا تتوقف عند البحث عن الأسواق واقتناص الفرص المتاحة والمكسب المربح، وإنما أهدف بالذات إلى تلك العولمة التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات ومتطلبات واحتياجات العالم النامي».

ودعت إلى إطلاق حرية البحث العلمي بحيث لا يكون محصورا في قطب واحد يتحكم في أدواته ونتائجه، بل يكون شاملا ديمقراطيا متاحا وفي متناول الجميع.

وقالت: «كما أنادي باستمرار بأن التعليم يجب ألا يستورد أو يفرض وإنما عليه أن ينمو في البيئة المحلية ويترعرع فيها فكذلك البحث العلمي الذي يجب أن يقوم على مراعاة متطلبات المعرفة المحلية وتلبية وخدمة الواقع الاجتماعي».

وقالت إن على البحث العلمي «أن يأخذ بالاعتبار حاجيات الدول النامية وألا يبقى مقتصرا على تلبية احتياجات فئة قليلة من البشر. فاحتياجات المجتمعات النامية ما زالت تسعى إلى تحقيق الضروري لحفظ الحياة، بينما هي في المجتمعات المتقدمة تهدف إلى تحقيق الرفاهية».

وأضافت: «من المطلوب ونحن نتحدث عن دمقرطة البحث العلمي أن نفكر في احتياجات ومتطلبات وقدرات أغلبية ساكنة الكون».

وتساءلت الشيخة موزة «كيف يمكن إقناع، وحث وتحفيز صناع القرار، والمراكز البحثية المرموقة، والقطاع الخاص والمؤسسات الكبرى، وهي الأطراف التي ترسم سياسات البحث العلمي وتمسك بزمام تمويله لكي تغير أو على الأقل تعيد ترتيب أولوياتها من تحقيق الربح والفائدة فقط إلى المساهمة في بناء شراكات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال البحث العلمي وذلك بمساعدة مجتمعات تفتقد الوسائل».

وأكدت على أن «توفير التمويل اللازم هو من بين الأولويات لإطلاق بحث علمي واقعي مستجيب للاحتياجات ومحقق للأهداف».

وقالت إن قطر قامت بإحداث «بنية بحثية مفتوحة لكافة الكفاءات وذلك من خلال تأسيس واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا وكذلك المراكز البحثية المتخصصة في البحوث البيولوجية الطبية، تكنولوجيا المعلومات وعلوم البيئة. فضلا عن توفير التمويل اللازم من خلال إحداث صندوق رعاية البحث العلمي والوقف المخصص لنفس الغرض».

وقالت إن «البنية البحثية تحتاج إلى وضع استراتيجية قريبة، ومتوسطة وبعيدة المدى وتحتاج قبل هذا وذاك إرادة سياسية راسخة».

وأضافت أن «التوجه الذي اعتمدناه في قطر، في أفق تحقيق أهداف رؤية 2030، يقوم على إعداد الأطر الوطنية وتأهيلها لبناء شراكات عربية، إقليمية ودولية، وتوجيه البحوث ووضعها في سياق تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية».

وتوقعت «أن يساهم البحث العلمي في قطر في تقديم الحلول لمختلف الرهانات التي قد نواجهها ونحن نعد العدة لاستضافة كأس العالم 2022».

وقال الدكتور عبد العلي الحوضي، نائب رئيس مؤسسة قطر لشؤون الأبحاث، إن قسم البحوث بمؤسسة قطر تم تأسيسه عام 2007 ليخدم رسالة المؤسسة المتمثلة في احتلال مركز لدولة قطر كرائد دولي في مجال البحوث، وتعليم الجيل التالي من القطريين وفق أعلى المعايير الدولية في مجالات مستهدفة، وتصميم برامج تحقق أجندة قطر البحثية.

وأضاف أن قسم البحوث ركز على استحداث برامج للقدرات البحثية بغية تطوير علماء محليين، من ضمنها برنامج قطر للريادة في العلوم، وإنشاء 3 معاهد بحثية تتولى إجراء البحوث التطبيقية والتطوير. مضيفا أن هذه البرامج والمعاهد تركز على مواطن القوة البحثية بمؤسسة قطر والمتمحورة حول مجالات رئيسية تضم الصحة والطاقة وتكنولوجيات المعلومات والاتصالات والعلوم البيئية والبحوث متعددة التخصصات.

وقال إنه يجري حاليا إنشاء 3 معاهد بحثية بالشراكة مع أصحاب مصالح وطنيين مختلفين لتشكيل شبكة من المراكز لتلبية الاحتياجات الوطنية لدولة قطر. وهذه المعاهد الثلاثة هي معهد قطر للأبحاث الطبية الحيوية، ومعهد قطر لبحوث الحاسب، ومعهد البحوث القطري للبيئة والطاقة.

وقال إن معهد قطر للأبحاث الطبية الحيوية سوف يركز جهوده من خلال شراكته مع الخبرات العالمية لإجراء البحوث في قطر على تطوير العلوم والتكنولوجيا الحيوية من أجل الأولويات الوطنية والإقليمية وهي، السرطان، والسكري، والأمراض العصبية، وأمراض القلب، والأوعية الدموية، والأمراض المعدية.

يذكر أن معهد قطر للأبحاث الطبية الحيوية تم إطلاقه مع مشروعه الأول «مركز قطر لأبحاث القلب والأوعية الدموية» في لندن الشهر الماضي. والمركز عبارة عن جهد تعاوني قائم على خبرة شركاء مؤسسة قطر الطبيين، ومن ضمنهم مؤسسة حمد الطبية وشبكة قطر أسوان لندن المتقدمة للقلب والأوعية الدموية وكلية طب وايل كورنيل في قطر. وهو يركز على برامج أبحاث الطب الحيوي والهندسة والتكنولوجيا التي ستؤدي إلى تطوير دلالات حيوية جديدة واكتشاف العقاقير واللقاحات العلاجية.

وسوف يتم تطوير برامج أخرى لمعهد قطر للأبحاث الطبية الحيوية للتركيز على مرض السكري والسرطان والأمراض المعدية خلال العام أو العامين المقبلين.

كما تم إطلاق البنك البيولوجي الوطني في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي سيخدم المراكز التابعة للمعهد والمراكز الأخرى في عموم قطر.

أما المعهد البحثي الثاني الذي تأسس في إطار قسم البحوث فهو معهد قطر لبحوث الحاسب. وقد أطلق معهد قطر لبحوث الحاسب في أغسطس (آب) الماضي لتحويل دولة قطر إلى مجتمع رقمي حديث، وسوف يركز على بحوث الحوسبة الأساسية التي تتمحور حول تطوير تكنولوجيات اللغة العربية والحوسبة الإنترنتية واستخراج البيانات والاكتشاف العلمي بمساعدة الكومبيوتر.

أما المعهد الثالث الذي سيتم تأسيسه في إطار قسم البحوث فهو معهد البحوث القطري للبيئة والطاقة، حيث يجري حاليا تأسيس هذا المعهد لتناول مجالي الطاقة والبيئة بشكل عام والتركيز على التحديات التي تواجه قطر تحديدا. وهدف المعهد ضمان التنمية المستدامة من خلال تحديد مجموعة متنوعة من مصادر الطاقة النظيفة مع حماية البيئة القطرية واستقصاء التكنولوجيات الواعدة تجاريا وتقييم طرق رفع المعايير القطرية إلى مستوى المعايير الدولية في مجال حماية البيئة.

ومن بين المتحدثين في المنتدى، خلال اليومين، الدكتور إلياس زرهوني، المبعوث الرئاسي الأميركي للعلوم، والمستشار الأول بكلية الطب جامعة جونز هوبكنز، والمدير السابق للمعاهد القومية الأميركية للصحة، أكبر وكالة أبحاث للطب الحيوي والتنمية في العالم. وهو معروف بعمله في تطوير طرق التصوير الكمي المستخدمة في تشخيص السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والرئة. والبروفسور بيتر أجري، مدير معهد أبحاث الملاريا في جامعة جونز هوبكنز. وهو حاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 2003.

والبروفسور السير مجدي يعقوب، الرئيس المشارك لمجلس إدارة المركز القطري لبحوث أمراض القلب والأوعية الدموية ومؤسس ورئيس شبكة قطر أسوان لندن المتقدمة للقلب والأوعية الدموية.

والدكتور مجد صقر، العميد المساعد للبحوث في جامعة كارنيجي ميلون في قطر، والدكتور أحمد المقرمد، مدير معهد بحوث الحاسب الآلي بمؤسسة قطر. والدكتور مارك ويكهولد، عميد جامعة تكساس إيه أند إم في قطر. والدكتورة حصة الجابر، الأمين العام للمجلس الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتور عامر السعدي المستشار البحثي لمؤسسة قطر، والمشرف على مشروع الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، والدكتور تيدو مايني الرئيس التنفيذي لواحة العلوم والتكنولوجيا في قطر والدكتور حسن الدرهم، نائب رئيس البحوث بجامعة قطر.