بعض المتقاعدين الأميركيين يتطلعون إلى الحياة الجامعية

في دور للمسنين داخل الحرم الجامعي.. مع فرص تعليمية وأنشطة ثقافية

تم إنشاء نحو 50 دارا لرعاية المسنين في أنحاء البلاد، ومن المقرر أن يتم إنشاء 50 أخرى (نيويورك تايمز)
TT

غادر الزوجان موري وجيري بيرلماتر قرية وودريدج عام 2007 متجهين إلى إحدى دور رعاية المسنين بجامعة ديوك في درام بولاية نورث كارولينا. أثار هذا القرار دهشة أصدقائهما لعدم وجود علاقات تربطهما بالجامعة أو بأي شخص في درام.

لكن كان من الصعب على الزوجين أن يستمرا في القيام بأنشطتهما الاجتماعية نتيجة البرودة الشديدة خلال فصل الشتاء في شيكاغو. تبلغ موري بيرلماتر من العمر 73 عاما، وكانت تعمل أخصائية اجتماعية، أما زوجها جيري فيبلغ من العمر 78 عاما، وهو طبيب نفساني. وعندما اقتربا من سن التقاعد، سعيا إلى أن يكون لهما اهتمامات جديدة والعثور على مكان يمكن أن يكملا فيه حياتهما.

بدأت دور رعاية المسنين، التي عادة ما تكون بالقرب من الشواطئ أو ملاعب الغولف، تظهر في مكان آخر وهو الحرم الجامعي، وتقدم هذه الدور الموجودة داخل الحرم الجامعي فرصا تعليمية وأنشطة ثقافية ومميزات أخرى تتعلق بالكلية. وتشجع هذا الأنشطة الكثير من كبار السن من الأميركيين على العودة إلى الدراسة.

يقول أندرو كارل، خبير في الصناعة والمدير المؤسس لبرنامج إدارة إسكان المسنين بجامعة جورج مانسون في مدينة فيرفاكس بولاية فيرجينيا: «إنهم يريدون محفزا فكريا مثيرا ويخاطب أجيالا مختلفة، وهذا ما يوفره الحرم الجامعي».

باشر الزوجان بحضور محاضرات وفعاليات ثقافية في دار «ذا فوريست» بجامعة ديوك، بل والاشتراك في مسابقات الجامعة. وتلقت موري دروسا في العلوم وطريق الحرير في معهد «أوتشر للتعلم المستمر» والتحقت العام الماضي بمنتدى علم الأخلاق مع 8 مسنين من دار «ذا فوريست» و8 من الطلاب الجامعيين. تقول موري: «نعلم أن وجودنا في الجامعة سيوفر لنا القيام بأنشطة فكرية وفنون تعبيرية والتعلم المستمر، فنحن هنا من أجل الحياة».

وقد تم إنشاء نحو 50 دارا لرعاية المسنين في أنحاء البلاد، ومن المقرر أن يتم إنشاء 50 أخرى، بحسب تقديرات كارل. ومن الصعب تحديد العدد لأن كل دار تختلف عن الأخرى، فمثلا قد ترتبط إحداها بكلية ما بالاسم فقط، بينما لا تقدم دور أخرى، خاصة تلك التي تصنف بأنها للمسنين البالغين 55 عاما فما فوق، خدمات صحية أو رعاية طويلة الأجل.

ويشير كارل إلى أن أفضل دور رعاية المسنين هي التي يتوفر فيها 5 معايير. ويوضح أن قرب مكانها من العوامل الهامة جدا، حيث ينبغي أن تكون تلك الدور على بعد ميل من الكليات المضيفة. ويضيف أن من بين العوامل الأساسية الأخرى توفير البرامج التفاعلية التي تضمن التفاعل بين النزلاء كبار السن والطلاب، (فعلى سبيل المثال يتدرب الطلاب الذين يدرسون التغذية في مطبخ الدار). من العوامل الهامة أيضا الرعاية المستمرة، مثل مساعدة المسنين على الحياة بشكل لائق وتوفير الجلساء لهم.

وينبغي أن تثبت الكليات المضيفة التزامها ماليا بهذه الدور من خلال استئجار الأراضي وتقاسم المنشآت. ويقول كارل إنه ينبغي على 10 في المائة من النزلاء المسنين أن يكونوا من أعضاء متقاعدين في هيئة التدريس بالجامعة أو خريجين أو آباء لخريجين تربطهم علاقة شخصية بالكلية. لكن الفرص التعليمية من العوامل الهامة التي تجذب النزلاء.

تقول بيث كورنينغ، مديرة التسويق في دار «ذا فوريست» لرعاية المسنين في جامعة ديوك: «ما يقوله الكثيرون هو أن الأمر يبدو مثل العودة إلى الدراسة الجامعية مرة أخرى، لكن دون قلق من الدرجات أو المواعدة أو الرعاية الصحية». لكن بعض النزلاء يخوضون تجربة الدراسة الجامعية لأول مرة، فالزوجان تشارلي وماري كليميك، اللذان لم يلتحقا بجامعة من قبل، باشرا دراسة 9 مواد في دار «ليزيل فيليدج» بجامعة «بين ستيت» لدراسة الأدب والفلسفة وعلم النفس والسينما وموسيقى الجاز. ويقول كليميك البالغ من العمر 85 عاما: «لقد جعلنا هذا نشعر بأننا أصغر عمرا».

تشترط دار «ليزيل فيليدج» في مدينة نيو تاون بولاية ماساتشوستس التعليم النظامي، وهي الدار الوحيدة التي تفعل ذلك. يكمل النزلاء سنويا 450 ساعة من التعلم والأنشطة البدنية، ويعادل هذا عدد الساعات التي يقضيها طالب جامعي في حضور المحاضرات سنويا، من خلال حضور فصول وتوجيه الطلاب والتطوع. تتولى كلية «ليزيل كوليدج» إدارة الدار، التي تقدم رعاية مستمرة، وهما مرتبطتان من الناحية المالية والدراسية والاجتماعية والجغرافية.

ونظرا إلى كل ما تتمتع به هذه الدور من مميزات، ترتفع تكلفة الاشتراك بها، فالمبلغ الذي يدفع للاشتراك يتكون من 6 أرقام، بالإضافة إلى المصاريف الشهرية. وتتراوح تكلفة الاشتراك في دار «ليزيل فيليدج» من 250 ألفا إلى 900 ألف دولار ويتم إعادة 90 في المائة من المبلغ في حالة مغادرة النزيل أو وفاته، بينما تتراوح المصاريف الشهرية من 2800 إلى 7000 دولار.

تشاور الزوجان بيرلماتر مع مخطط مالي قبل الانتقال للعيش في مجتمع «ذا فوريست» بجامعة ديوك التي يتراوح الاشتراك فيها ما بين 90 ألفا إلى 300 ألف دولار، بالإضافة إلى مبلغ شهري يتراوح من 2400 إلى 4000 دولار. وتتراوح مصاريف الاشتراك في «ليزيل فيليدج» بجامعة «بين ستيت» بين 181 ألفا و600 ألف، لكنها تشمل الرعاية الصحية طويلة الأجل، فعندما أصيب كليميك بكسر في الحوض، تمت معالجتها في المركز الصحي التابع للدار. عندما تتضمن دور رعاية المسنين داخل الحرم الجامعي مستويات متعددة من الرعاية الصحية والرعاية طويلة الأجل، فهي تكون دورا تقدم رعاية مستمرة للمتقاعدين.

يقول تشيك كينغ (73 عاما)، الذي انتقل مؤخرا مع زوجته إلى دار «ليزيل فيليدج»: «لقد شعرنا أن هذه هي الطريقة المناسبة لإزاحة الحمل عن كاهل أبنائنا. لن أقلق إذا أصبت بجلطة في المخ، فنحن في المكان الصحيح».

* خدمة «نيويورك تايمز»