السويد تعيش صدمة التعرض لأول هجوم انتحاري.. وموقع ينشر هوية منفذه

اعتداء مزدوج خلف جرح اثنين وسط استوكهولم.. وسبقته رسالة تحذيرية بالسويدية والعربية

عناصر من الشرطة يتجمعون في شارع «دروتنيغاتان» وسط العاصمة استوكهولم بعد الانفجار المزدوج الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)
TT

بينما أكدت الشرطة السويدية أن الانفجار المزدوج، الذي وقع في وسط العاصمة استوكهولم الليلة قبل الماضية وأسفر عن مقتل شخص وإصابة اثنين، كان «جريمة إرهابية»، نشر موقع «شموخ الإسلام» على الإنترنت أمس صورة للانتحاري المفترض، وأعلن أن اسمه تيمور عبد الوهاب. وقال الموقع، في بيان مقتضب: «موقع (شموخ الإسلام) يحقق سبقا إعلاميا كبيرا: صورة حصرية لمنفذ هجمة السويد». وأضاف البيان: «إنه المجاهد تيمور عبد الوهاب الذي نفذ العملية الاستشهادية في استوكهولم». ويظهر في الصورة وسط واد أخضر، شاب يرتدي ثيابا غربية سوداء ويضع نظارات سوداء ويضع يديه في جيبيه. ولا يعطي الموقع أي معلومات إضافية حول جنسية الشاب أو عمره أو انتمائه المحتمل لأي تنظيم.

جاء هذا بينما قال أندرس ثورنبورغ، رئيس دائرة الإجراءات الأمنية السويدية: إن جهاز الاستخبارات «سابو» كلف بالتحقيق في «جريمة إرهابية بموجب القوانين السويدية». وأضاف المسؤول، في مؤتمر صحافي صباح أمس: «إذا كان هجوما انتحاريا، فإنه لأمر جديد في السويد».

كان انفجاران متزامنان تقريبا يبعد أحدهما عن الآخر نحو 200 متر، قد وقعا الليلة قبل الماضية، مما أدى إلى سقوط قتيل، يعتقد أنه الانتحاري، وجريحين. وبدأ الحادث عندما اشتعلت النار في سيارة في شارع مزدحم بوسط المدينة، أعقبت ذلك انفجارات من داخل السيارة قالت الشرطة إنها نجمت عن أسطوانات غاز. وأسفر الانفجار الثاني، الذي وقع على بعد 200 متر تقريبا وبفارق 15 دقيقة، عن مقتل رجل وإصابة اثنين.

وقبل ذلك بعشر دقائق، تلقت وكالة «تي تي» وجهاز الاستخبارات السويدية «سابو» رسالة إلكترونية باللغتين السويدية والعربية أفادت بتنفيذ «عمليات» تستهدف «الحرب على الإسلام» التي تشنها السويد، لا سيما في أفغانستان. كما وصفت الرسالة لارس فيلكس، صاحب الرسوم المسيئة للإسلام، بأنه «خنزير».

وقال المسؤول في «سابو»: «لم أقرأ تفاصيل هذه الرسالة لكنني أعلم أن (كاتبها) لا يحب السويد». وأضاف ثورنبرغ: «لدينا قوات عسكرية في بلدان أخرى، وقيلت أمور سيئة حول النبي (محمد)» في إشارة إلى الرسالة.

وذكرت الشرطة أن إحدى فرضيات التحقيق تعتبر التفجيرين مرتبطين ببعضهما. ويقوم خبراء المتفجرات بفحص حقيبة عثر عليها قرب القتيل. ولم يؤثر التفجيران على درجة التأهب الأمني في السويد.

وقال المسؤول القضائي توماس ليندستراند، إن قرار تصنيف الحادث على أنه هجوم إرهابي كان ضروريا، نظرا للخطر المحتمل الذي استشعره الكثيرون ومحاولة «زرع الخوف». وأعلنت شرطة الأمن السويدية الوطنية، أمس، أنها ستواصل التحقيقات. ووعدت بوجود واضح للشرطة، كما ناشدت الشعب الاتصال بالسلطات عند الحصول على أي معلومات.

وذكرت شرطة استوكهولم أنها جمعت أدلة البحث الجنائي من موقع الهجوم، ويجري فحصها حاليا، بالإضافة إلى تحليل الرسالة التي تلقتها وكالة الأنباء السويدية وجهاز الاستخبارات قبل الهجوم بعشر دقائق.

وقال ليندستراند إن عمليات تمشيط جارية في بعض المناطق ولكن لم يلق القبض على أي مشتبه به حتى الآن. وأفادت تقارير الإذاعة السويدية مؤخرا بأن الانتحاري المشتبه به ينحدر من مدينة تراناس، جنوب السويد، وأنه جرى تفتيش منزله.

وندد الشيخ حسن موسى، إمام جامع «سودرمالم»، أكبر جامع في استوكهولم، بـ«الانفجار» و«كل أشكال الهجمات والعنف والخوف والتهديدات بحق الأبرياء، مهما كانت مبرراتها أو ذرائعها». وتنشر السويد، التي تعتبر عادة دولة حيادية ولم تتعرض للإرهاب، نحو 500 جندي في أفغانستان حاليا، لكن التفويض لهذه القوة ينتهي في الأول من يناير (كانون الثاني) 2011 ويقتضي أن يمدده البرلمان.

واعتبر رئيس الوزراء السويدي فريدريك راينفلدت، أمس، هذه الأحداث «مرفوضة وغير مقبولة» في مجتمع منفتح مثل السويد، محذرا من التسرع في الاستنتاجات. وقال رئيس الحكومة في مؤتمر صحافي إن أمورا كثيرة حصلت مساء السبت «انفجرت سيارة قرب مكان قتل فيه رجل وتلقى (سابو) و(تي تي) معلومات تحمل تهديدات ضد السويد». وكان راينفلدت قال في رد أول إنه «ليس هناك تأكيد على أن ثمة علاقة بين هذه الأحداث جميعا».

لكن وزير الخارجية السويدي كارل بيلت، اعتبر منذ مساء أول من أمس الانفجار المزدوج «هجوما إرهابيا». وقال على موقع «تويتر» إن الانفجار المزدوج «محاولة هجوم إرهابي فاشلة تثير قلقا شديدا في حي مكتظ بوسط استوكهولم، وربما تحولت إلى كارثة حقيقية».

ولم تكشف هوية الانتحاري المفترض، لكن شهادة نشرتها صحيفة «داغنس نيهيتر» على موقعها أفادت بأن الرجل الذي عثر عليه قتيلا في سن الخامسة والعشرين أو السادسة والعشرين، وقد أصيب بجرح بالغ في بطنه وكان ممددا على ظهره، وكانت كوفية تغطي وجهه. وروى باسكال مولاس، من رجال الإغاثة الذي سمع دوي انفجارين عندما كان عائدا إلى منزله، أنه «عندما وصلت ارتعش صدره (الانتحاري المفترض) قليلا لكن قلبه لم يكن ينبض». وأضاف: «أزلت الكوفية الفلسطينية التي كانت تغطي وجهه لمساعدته على التنفس وحاولت إعادته إلى وعيه وتدليك قلبه لكن فات الأوان». وأوضح أن أنبوبا يبلغ طوله مترين وكيسا أحمر واسعا بطول ثلاثين سنتيمترا كانا فوق الأرض على بضعة أمتار من الجثة.

ورجحت كل الصحف السويدية فرضية العمل الانتحاري. ونقلت صحيفة «داجنز نيتر» عن المسعف باسكال قوله: «يبدو أن هذا الرجل كان يحمل شيئا انفجر في معدته». وأضاف: «لم تلحق به إصابات في الوجه أو الجسم بصفة عامة ولم تحدث تلفيات في المتاجر المحيطة». وذكرت صحيفة «افتونبلاديت» نقلا عن مصدر، قوله إن الرجل كان يحمل ست قنابل أنبوبية انفجرت إحداها فقط. ونقلت الصحيفة عن شهود قولهم إن الرجل كان يردد عبارات فيما يبدو باللغة العربية.

ونقلت وكالة «رويترز»، أمس، عن فيكلس قوله، إنه لم يمسسه أذى. وأضاف: «لقد كان عملا ضد الشعب السويدي لإخافته وليس ضدي. الأنباء الطيبة هي أن إرهابيا قتل وليس أي أحد آخر». وقال كيل ليندجرين، المتحدث باسم الشرطة، إنه لم يتضح بعد سبب اشتعال النار التي أدت إلى انفجار أسطوانات الغاز.

إلى ذلك، قالت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي، إن الشعب البريطاني يجب أن يظل «يقظا» عقب الانفجار المزدوج الذي وقع في استوكهولم. وقالت ماي لقناة تلفزيون «سكاي» الإخبارية: «هذا يعني أن أي هجوم ممكن وقوعه، وفي الحقيقة هو أكثر احتمالا». وأضافت وزيرة الداخلية أن السلطات البريطانية على اتصال بمثيلاتها في السويد لمعرفة تفاصيل ما حدث في العاصمة السويدية. وقالت: «لدينا مستوى تهديد عال للغاية من الإرهاب الدولي هنا في بريطانيا، وكما ذكرت فإن الشعب يحتاج إلى أن يكون يقظا».

كذلك، أدان وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي، الاعتداء الذي وقع في السويد، ورأى فيه دليلا على وجوب مواصلة مكافحة الإرهاب من دون هوادة. وقال الوزير الألماني في بيان: «أدين الاعتداء الانتحاري في استوكهولم، وسط عاصمة أوروبية». وأضاف أن «هجمات من هذا النوع تدل على أنه لا يمكننا التراخي في التزامنا بمكافحة الإرهاب».