مباحثات إماراتية ـ فرنسية في باريس شملت السلام وإيران ولبنان

تناولت ما دار في اجتماع «5+1» في جنيف

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدى استقباله ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قصر الالزيه أمس (أ.ب)
TT

توج ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارته إلى فرنسا بلقاء مطول مع الرئيس نيكولا ساركوزي على غداء عمل شارك فيه وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد الذي زار باريس للمرة الثانية في الأيام القليلة الماضية. وسبق اجتماع الإليزيه لقاء مع وزير الدفاع الجديد آلان جوبيه. ولم يدل الشيخ محمد، جريا على عادته في زياراته الباريسية، بأي تصريح، غير أن وزير الخارجية وبعده مصادر القصر الرئاسي كشفا جانبا من مضمون المحادثات من غير إعطاء الكثير من التفاصيل، خصوصا بالنسبة للموضوع الرئيسي الذي يهم فرنسا والذي يتعلق بالمباحثات الجارية لبيع ستين طائرة «رافال» إلى القوات الجوية الإماراتية.

ومازح رئيس الدبلوماسية الإماراتية الصحافيين بقوله إن اللقاء كان «حارا» بعكس الطقس البارد، مشيرا إلى أن البحث تناول كل القضايا التي تهم المنطقة، ذاكرا منها محادثات السلام المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والوضع في لبنان على ضوء زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الأخيرة إلى باريس، والملف النووي الإيراني عقب اجتماع جنيف الأخير بين مجموعة الستة وإيران، فضلا عن المواضيع الأمنية التي لم يخض في تفاصيلها، إلا أنه ذكر أن الحديث بين الرئيس ساركوزي وولي عهد أبوظبي حول لبنان كان فيه «الكثير من التفاؤل».

وتسعى باريس، التي تقوم بحركة دبلوماسية نشطة بخصوص لبنان، إلى المساعدة على بلورة «آلية» تكون قادرة على امتصاص ردود الفعل على القرار الظني المنتظر بخصوص اغتيال الرئيس رفيق الحريري في إطار ما يسمى «الدبلوماسية الوقائية»، وهي تعول على الجهود السعودية - السورية التي تسعى لتوفير رعاية دولية لها.

وفي ملف عملية السلام الشرق الأوسط، نقل وزير خارجية الإمارات قلق باريس وأبوظبي من توقفها، كما أكد قلق الطرفين من الملف النووي الإيراني. وأشارت مصادر فرنسية إلى أن باريس أطلعت الجانب الإماراتي على تفاصيل ما دار في اجتماع جنيف الذي لم يسفر عن نتيجة إيجابية باستثناء معاودة الحوار بين الستة وإيران والاتفاق على لقاء جديد الشهر المقبل في اسطنبول. وفي هذا السياق، أشارت مصادر الإليزيه إلى أن للبلدين «وجهات نظر متقاربة جدا بخصوص النووي الإيراني» وأن الطرفين «يشعران بالقلق نفسه» من مشاريع إيران النووية.

وتلتزم باريس موقفا متشددا من البرنامج النووي الإيراني، وتتهم طهران صراحة بالسعي لتطوير قوة نووية باعتبار أن «لا شيء يبين الغاية السلمية» للجهود النووية الإيرانية. وكانت فرنسا من أشد المنادين بتشديد العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية على إيران، وأبدت باريس منذ البداية شكوكا بنجاعة سياسة «اليد الممدودة» التي اقترحها الرئيس الأميركي أوباما على القادة الإيرانيين، ودعت الدول الأوروبية لفرض «عقوبات إضافية» على طهران. وأكد الرئيس ساركوزي أن غرض العقوبات المفروضة على إيران هو حملها على العودة إلى طاولة المفاوضات.

أما بخصوص الملفات الثنائية، فتؤكد باريس حرصها على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتطويرها في كل المجالات الدفاعية والعسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

وفي موضوع التعاون الاستراتيجي تناول الطرفان مشروع شراء أبوظبي ستين طائرة «رافال» التي تصنعها شركة «داسو للصناعات الجوية». والحال أن هذا الملف الذي يحيطه الكثير من الغموض يراوح مكانه. وحتى الآن لم تجد الطائرة القتالية المذكورة أي طرف خارجي لشرائها. ولم تعط مصادر الإليزيه تفاصيل عن المحادثات، واكتفى الجانب الفرنسي بالقول إن الموضوع «أثير وإن المفاوضات لم تنقطع».

وقالت مصادر صناعية فرنسية إن الصعوبات تتناول من جهة الأسعار التي تطلبها شركة «داسو» ومن جهة أخرى المواصفات التقنية والفنية والتحديثية التي تسعى إليها أبوظبي. وتضيف هذه المصادر أن لائحة المطالبات «لا تنتهي». وكانت أبوظبي عبرت عن رغبتها بشراء 60 طائرة «رافال» وذلك منذ عام 2008. وبعد عام من ذلك التاريخ أشار الرئيس ساركوزي إلى أن المفاوضات «تتقدم». وكانت باريس تأمل في الحصول على عقدين أساسيين من الإمارات؛ الأول في القطاع النووي السلمي «20 مليار دولار» والآخر في السلاح الجوي. لكن شركة كورية جنوبية فازت بالعقد النووي السلمي بينما ملف «رافال» يراوح مكانه، رغم أن باريس قامت بإنشاء قاعدة عسكرية متعددة الأغراض في أبوظبي ويربطها بالإمارات اتفاق دفاعي متقدم.