نحو 5 ملايين سيارة تعوق خطة جديدة لازدحام المرور في بكين

كثرة السيارات في العاصمة الصينية ستدفعها للسير بسرعة الدراجات بحلول 2015

سرعة السيارات خلال ساعة الذروة تراجعت بنسبة 4% خلال عام بسبب الازدحام في بكين (نيويورك تايمز)
TT

خلال الأسبوع الماضي كشف مسؤولون في بكين عن خطة تهدف للتعامل مع مشكلة الازدحام المروري، تشمل إنشاء 280 ألف منطقة جديدة لإيواء السيارات و1000 محطة دراجات عامة وخط مترو أنفاق جديد يمتد لمسافة 348 ميلا وشوارع جديدة يبلغ طولها 125 ميلا وإنشاء أنفاق تمتد لمسافة 23 ميلا و9 مراكز نقل جديدة. ويأتي مع ذلك تعهد باستخدام التقنية الحديثة كحل شامل.

وفي الواقع، لا يمكن لأحد الزعم بأن الصين، التي تفخر بشراء أكثر من نصف الإسمنت على كوكب الأرض، تفكر على نطاق محدود. ولكن يستثنى من ذلك هذه المرة. ويقول تشاو جي، وهو خبير في مجال النقل والمواصلات لدى أكاديمية الصين للتصميم والتخطيط العمراني: «لقد قمنا ببناء الكثير من الجسور والطرق المعدة للنقل السريع وأنفقنا الكثير من المال على الأنفاق وخطوط الحافلات، وربما تعد أجور الحافلات في بكين الأقل نسبة في العالم. ومع ذلك، توجد محفزات أقوى تدفع الناس إلى السعي لامتلاك سيارات».

وصاغ دوان هايزو، وهو سائق تاكسي (26 عاما)، الأمر بطريقة أكثر أناقة أثناء محاولته التغلب على ازدحام مروري في يوم قريب بينما كان داخل سيارة هيونداي قائلا: «لا تقترب وتيرة بناء الطرق بأي حال من وتيرة شراء المواطنين للسيارات. ولن يتوقف الناس عن شراء السيارات».

وفي الواقع، فإنه من غير المتوقع أن تخف وتيرة شراء السيارات. ومنذ بداية ديسمبر (كانون الأول) أحصت بكين 4.7 مليون سيارة مسجلة، مع انضمام 2000 سيارة جديدة إلى هذا الازدحام كل يوم. وهناك أكثر من 700.000 سيارة جديدة خلال العام الحالي، وهو العدد الذي تجاوز 550.000 سيارة جديدة سجلت العام الماضي، و376.000 سيارة جديدة خلال العام الأسبق، و252.000 سيارة جديدة قبل ذلك بعام.

ويقدر باحثون في مجال المرور أنه عندما يبلغ العدد 6.5 مليون سيارة، ستكون شوارع بكين وصلت إلى حد الإشباع. ويمكن أن يقول البعض إن عدد السيارات وصل إلى هذا الرقم بالفعل. وفي يونيو (حزيران) صنف مسح أجرته شركة «آي بي إم» شمل 20 عاصمة عالمية، المرور في بكين بأنه الأسوأ في العالم، إلى جانب الازدحام المروري في مكسيكو سيتي.

ومن ناحية أخرى، يمكن النظر إلى ذلك على أنه حدث آخر مهم في النهضة الاقتصادية في الصين. وخلال العام الحالي، أصبح ثلث العائلات في الصين ضمن الطبقة المتوسطة بدخل سنوي يتراوح ما بين 5000 دولار و15.000 دولار. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 45 في المائة بحلول 2020، وفقا لما أوردته شركة «يورومونتور إنترناشونال»، وهي شركة متخصصة فيما يعرف باسم «استخبارات الأعمال».

ويرغب المعظم منهم في الحصول على سيارات، وتقوم الحكومة بتحقيق ذلك لهم. وفي سعي لمواجهة الانهيار الاقتصادي العالمي، قامت الحكومة الوطنية بتقليل ضريبة المبيعات على السيارات ذات المحرك الصغير، وهي السيارات التي يفضلها من يشترون سيارة لأول مرة، إلى النصف. كما أنفقت مليارات من أجل دعم شراء سيارات في المناطق الريفية وتحديث السيارات.

وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ارتفعت مشتريات السيارات بنسبة 34 في المائة، مقارنة بنسبة المشتريات خلال نفس الفترة من عام 2009، وذلك حسب ما ذكرته رابطة شركات السيارات الصينية. وكانت المبيعات خلال 2009 أعلى بنسبة 46 في المائة، مقارنة بمبيعات 2008.

ويقول وانغ لي مي، الأمين العام لرابطة مواصلات الطرق في الصين: «قبل 15 عاما، نادرا ما كان هناك من يتحمل شراء سيارة. وحاليا، يستطيع الجميع القيام بذلك. وقد تطور الوضع، وفي كل يوم يأتي المزيد من السيارات، وفي كل أسبوع يتم بناء المزيد من الطرق».

وهناك قلة من المدن تستطيع التعامل مع مشكلة الزيادة الكبيرة في عدد السائقين على نحو أفضل مما تقوم به بكين. وقبل 20 عاما كانت بكين مدينة الدراجات والأحياء القذرة، وكان هناك طريق سريع وحيد يمتد على شكل مستطيل غير منتظم حول «المدينة المحرمة» و«ميدان تيانانمان».

وحاليا، تمتد خمس طرق سريعة واسعة عبر المدينة، وتمتد ثمانية أخرى من الضواحي إلى وسط المدينة. ومن المنتظر أن يمتد خط المترو لمسافة تفوق مسافته عام 1990 بعشر مرات. وقد سعت الحكومة أيضا إلى التخلص من الازدحام المروري في مركز المدينة، وتمنع السيارات من الدخول إلى وسط المدينة بناء على الأرقام الأخيرة على لوحات أرقام السيارات.

وفي يوليو (تموز) قال مسؤولون بالمدينة إن السرعة خلال ساعة الذروة تراجعت بنسبة 4 في المائة خلال عام واحد، لتصل إلى متوسط 15 ميلا في الساعة وتتجه إلى 9 أميال في الساعة بحلول 2015. وهذه تقريبا سرعة الدراجة.

ويرجع جزء من المشكلة إلى التخطيط السيىء. ومن المثير للاستغراب أن المدينة التي يوجد بها أكثر من 6 ملايين سائق لا توجد بها إشارة توقف، مما تسبب في كثرة المشكلات عند نقاط التقاط الطرق. وتظهر مداخل الطرق السريعة قبل مخارج الطرق مما يتسبب في فوضى عندما تحاول سيارات خروج فيما تحاول أخرى الدخول.

ولا يساعد السائقون في بكين على تجاوز ذلك، حيث يمكن تشبيه أسلوب قيادة السيارات في المدينة بالمبيعات عقب الإجازة، حيث يتدافع عشرات المشترين من خلال مكان واحد، وفي هذه الحالة يتدافع العشرات عبر حي واحد يحتمل أن تسده سيارة أجرة بأي صورة.

ويتذكر دوان، سائق سيارة أجرة، ازدحاما مروريا في فبراير (شباط) الماضي بقي بسببه عالقا في نفس المكان لقرابة ثلاث ساعات. ويقول: «كان السبب في ذلك الأمطار ورغبة الجميع في الخروج للإجازة قبل مهرجان الربيع». وفي سبتمبر (أيلول) كانت هناك عملية خروج كبيرة أخرى وهذه المرة من أجل مهرجان الخريف وتسبب ذلك في إغلاق المدينة بالكامل مما أدى إلى 140 توقفا مروريا خلال ساعة الذروة المسائية.

وحسب ما أفاد به صحافي في أحد المنابر الإعلامية الرسمية، فإنه بسبب ذلك تدخل الرئيس هو جين تاو ورئيس الوزراء ون جيا باو، وسألا مسؤولين في بكين وقيادات من الحزب الشيوعي عما يجب القيام به. وقال الصحافي، الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفا من تبعات ذلك، إن قيادات في بكين اقترحت وقف النمو السكاني في بكين ووضع حد على عدد السيارات الجديدة. وقيل إن الرئيس رفض مقترحات أكثر تقييدا، معتبرا إياها أمرا غير مرحب به في عاصمة وطنية تقدمية. وفضلت المدينة وضع مزيد من ضباط المرور في الشوارع.

ومن ثم جاءت مسودة المقترح الجديد، وهي تسوية من أجل الوصول إلى منظومة مواصلات أفضل وتوفير أنفاق أطول وطرق للدراجات وأماكن لإيواء السيارات، وهذا ما يتوق إليه المجتمع في بكين. ويلمح المقترح إلى إجراءات تفرض قيودا بدرجة أكبر، بينها حصر شراء السيارات الجديدة على المشترين الذين يثبتون إقامتهم في بكين أو وضع حد على السيارات التي يمكن تسجيلها سنويا.

* خدمة «نيويورك تايمز»