لجنة مصرية تدرس اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين قبرص وإسرائيل

تحركات دبلوماسية لحماية «المنطقة الاقتصادية الخالصة» بشرق المتوسط

TT

اتخذت مصر تحركات دبلوماسية في أعقاب إعلان التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين كل من إسرائيل وقبرص، وأكدت الخارجية المصرية أن «اتصالات تتم الآن بين كل من القاهرة ونيقوسيا حول هذا الموضوع».

ولفت السفير حسام زكي، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، في تصريحات صحافية أدلى بها أمس إلى أن مصر تتحرك في إطار اتفاق سبق أن وقعته مع قبرص لترسيم حدودهما البحرية عام 2003.

كانت إسرائيل قد وقعت مع قبرص في السابع عشر من ديسمبر (كانون الأول) الجاري اتفاقا لترسيم حدودهما البحرية بهدف تسهيل الكشف عن الثروات المعدنية الكامنة في قاع شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث كانت شركة «نوبل إنرجي» الأميركية التي تتخذ من ولاية تكساس مقرا لها قد اكتشفت احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي.

وأثارت هذه الاكتشافات حفيظة لبنان التي أكدت أنها تمثل تعديا على مياهها الإقليمية. وتجدر الإشارة إلى أن ذات الشركة تتمتع بحق استغلال حقل بحري إسرائيلي.

وفي أعقاب مراسم توقيع الاتفاقية بالعاصمة القبرصية لم يدل كل من وزير الخارجية القبرصي ماركوس كبريانو ووزير البنى التحتية الإسرائيلي عوزي لانداو بأي تصريحات للصحافيين.

وأثار هذا الاتفاق سخط أنقرة، التي انتقدته في بيان حاد اللهجة صدر عن الخارجية التركية قبل يومين مشيرة إلى أن «القبارصة الأتراك يحتفظون بحقهم الكامل في اتباع كافة الإجراءات القضائية للحفاظ على حقوقهم في المياه المحيطة بجزيرة قبرص» وأردف البيان بأنه ليس من حق حكومة القبارصة اليونانيين أن توقع معاهدات دولية من جانب واحد دون التوصل لحل بشأن انقسام الجزيرة. وأشارت الخارجية التركية إلى أن هذه المعاهدة لن يكون لها سوى تأثير سلبي على مفاوضات السلام الشاملة الرامية إلى توحيد شطري الجزيرة.

ووسط هذا الجدل الدولي، أعلنت مصر أمس عن تشكيل لجنة لإعداد الدراسات الفنية والقانونية اللازمة للتثبت من أن هذا الاتفاق لا يمس المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر في مياه البحر المتوسط.

وأوضحت الخارجية المصرية أن القاهرة «تتابع باهتمام التفاصيل الخاصة بالاتفاق الموقع بين إسرائيل وقبرص لترسيم الحدود البحرية فيما بينهما». مشيرة إلى الاتصالات جارية مع الجانب القبرصي في هذا الخصوص.

الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولي، أكد أن من حق مصر اتباع كافة التدابير لحماية حقها في مياه البحر الأبيض المتوسط لو وجدت أن هذه المعاهدة تمس تلك الحقوق، مشيرا إلى أن المنطقة الاقتصادية الخالصة طبقا للاتفاقية الدولية للبحار لسنة 1982 تمتد لمائتي ميل تحتسب من أول الخط الواصل بين النتوءات البرية في إقليم دولة ما.

وأوضح الدكتور رفعت المتخصص في القانون الدولي للبحار في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن أولى الوسائل الناجعة في مطالبة مصر بحقها في استغلال واستخدام واستخراج الموارد البحرية تتمثل في استعمال وسائل الضغط السياسي، يليها اللجوء إلى القضاء الدولي والوسائل المعروفة لفض النزاعات القانونية الدولية، موضحا أنه ليس من حق دولتين التوقيع على معاهدة تضر بمصالح طرف ثالث.

وأشار الدكتور رفعت إلى أن من حق مصر إذا ثبت إخلال تلك المعاهدة بحقوقها رفع الأمر إلى محكمة البحار المنشأة طبقا للمعاهدة الدولية للبحار أو إلى محكمة العدل الدولية، منوها بأن القضاء الدولي يعيبه أنه اختياري، وأوضح أن وجود علاقات دبلوماسية بين القاهرة ونيقوسيا وتل أبيب قد يذلل الكثير من العقبات ويوفر المزيد من الأدوات المتاحة لممارسة الضغوط الدبلوماسية قبل اللجوء للقضاء أو التحكيم الدوليين.

وأوضح أن ظاهرة النزاع بشأن الحدود البحرية شائعة في العلاقات السياسية الدولية نظرا للاختلاف حول منهج قياس المائتي ميل بحري، فالبعض يرى أن القياس لا بد أن يكون في شكل خط مستقيم والآخر يرى أن يكون القياس بصورة مائلة، كما تثور النزاعات في حالة ما إذا تعددت الدول المطلة على المساحة المائية بشكل لا يمكن أن يفي بمائتي ميل لكل منها.

وقال رفعت إن القنوات الدبلوماسية هي الخيار الأول في حالة ثبوت الإضرار بمصالح مصر الاقتصادية ويلي هذا محاولة الاتفاق لتشكيل لجنة تضطلع بترسيم الحدود وإن لم يكن فاللجوء إلى القضاء الدولي، أو إلى مجلس الأمن، ولكل خطوة من هذه الخطوات حساباتها الخاصة.