جاذبية صناديق الأسهم الأميركية تتراجع في أعين المستثمرين

ما يسحبونه منها في المجمل أكثر مما يضخونه

جانب من التداولات في بورصة نيويورك («الشرق الأوسط»)
TT

يبدو أن علاقة المستثمرين الأميركيين الوطيدة بالبورصة قد انتهت. وسيكون العام الحالي الذي يقترب من نهايته رابع عام على التوالي تشهد فيه صناديق الائتمان التي تستثمر بالأساس في أسهم أميركية صافي هروب أموال، بما يعني أن ما يسحبه المستثمرين في المجمل أكثر مما يضخونه.

وحدث هذا على الرغم من ازدهار البورصة خلال العامين الماضيين، حيث حققت قفزة مبتعدة عن مستويات الانخفاض التي شهدتها في ربيع 2009، وسط مخاوف من تحول الركود آنذاك إلى الكساد الكبير الثاني. وبلغ إجمالي عائد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» 26 في المائة عام 2009، مما يشير إلى إعادة استثمار الأرباح على السهم، وهو الآن في طريقه إلى تحقيق أرباح نسبتها تتكون من رقمين خلال العام الحالي. وإذا استقرت الأسعار على وضعها الحالي، فستكون الأفضل خلال أعوام متعاقبة منذ 1998 - 1999.

وتوضح الرسوم البيانية المصاحبة أن المستثمرين حصلوا حتى الآن على 81 مليار دولار من مثل هذا النوع من الصناديق خلال العام الحالي، وهو ما يعد أكثر مما سحبوه عام 2009، لكن يظل أقل من الأموال التي سحبوها عام 2008 الذي شهد انهيار «ليمان برازرز»، حيث بلغت 150 مليار دولار.

وفي مقابل سحب الأموال العام الحالي، تدفقت أموال إلى صناديق الأسهم الأجنبية والصناديق المختلطة التي تستثمر في الأسهم والسندات. ويبدو المستثمرون أكثر ميلا إلى الثقة في الأسواق في الخارج، ويتزايد عدد الذين يختارون صناديق ائتمان من النوع التي تتعهد بها شركات استثمار باختيار المجموعة الصحيحة من الأسهم والسندات على أساس الموعد الذي يتوقع المستثمر أن ينهي به عمله.

هذه الأرقام واردة من معهد «إنفستمنت كومباني» وهي مؤسسة صناديق ائتمان تجمع إجمالي المبالغ منذ عام 1984. وتتضمن هذه الأرقام تقديرات للتداول حتى منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول).

وقبل عام 2007، كان هناك صافي سحب للأموال من صناديق الأسهم المحلية خلال عامي 1988 و2002 فقط. وكان ذلك في أعقاب الانهيار عام 1987 الذي أثار مخاوف الكثير من المستثمرين، حيث انهارت البورصة بنسبة تجاوزت 20 في المائة خلال يوم واحد، لكنها تعافت من خسارتها وحققت ما هو أكثر خلال عام 1988، وتعلم الكثير من المستثمرين من هذه التجربة أن انهيارات البورصة تمثل فرصا للشراء لا دافعا للبيع. وأصبح افتراض حتمية ارتفاع الأسهم على الأقل على المدى الطويل أمرا مقبولا على نطاق واسع. لكن واجهت هذه الثقة تحديا تمثل في انهيار فقاعة الأسهم التكنولوجية عام 2000 و2001؛ في 2002 اتجه الأميركيون مرة أخرى إلى البيع أكثر من الشراء داخل صناديق الائتمان، لكن اتجهت السوق إلى الارتفاع بدءا من أواخر 2002، وعاد الأميركيون بحلول العام التالي إلى الاستثمار في صناديق الأسهم.

ويبدو أن انهيار البورصة عام 2008 وفي بداية 2009 أحدث ضررا نفسيا كبيرا، وربما يرجع تزايده نتيجة حدوث انهيار قيمة المنازل والركود الكبير الذي أصاب البلد وعدم تعافي الكثير من البورصات وعودتها إلى الارتفاع الذي حققته عام 2000. ويبدو أن الكثير من الأميركيين متشائمون بشأن مستقبل بلدهم، ربما للمرة الأولى منذ أواخر السبعينات.

وبالنظر إلى العشر سنوات المنتهية بنهاية 2010، ستحدد الأرقام التي سيتم تسجيلها خلال الأسبوعين الأخيرين من العام ما إذا كان هناك صافي استثمار في صناديق الأسهم المحلية. وتشير التقديرات حتى الآن إلى خروج 4 مليارات دولار. وفي المقابل، ضخ الأميركيون 1.3 تريليون دولار في تلك الصناديق خلال العشر سنوات الماضية.

يشبه المزاج السائد حاليا على نحو ما ذلك المزاج الذي كان سائدا حينها، ففي عام 1979 تضمنت مجلة «بيزنس ويك» مقالا عن «وفاة الأسهم»، الذي أرجعه المقال لحد كبير إلى ارتفاع معدلات التضخم. وبدأ التضخم في الانخفاض بحلول عام 1982 لكن كان البلد يعاني وقتها من ركود كبير، وعندها بدأ ارتفاع الأسعار خلال الثمانينات. ويبدو أن الكثير من المستثمرين لا يثقون في احتمال تجدد التفاؤل هذه المرة.

* خدمة «نيويورك تايمز»