المالكي يدعو المسيحيين إلى البقاء.. ويؤكد: سنقف بحزم ضد محاولات إفراغ العراق منهم

النجيفي يطالب الحكومة بإعطاء الأولوية لحمايتهم.. والحكيم يشارك في قداس

رجال أمن يقفون عند مدخل كنيسة في بغداد، أمس، وأحيطت الكنائس في العاصمة بإجراءات أمنية مشددة تحسبا لوقوع هجمات (أ.ب)
TT

حرص السياسيون العراقيون على إظهار دعمهم أمس للطائفة المسيحية في العراق في ذكرى أعياد الميلاد بعد الهجمات الأخيرة التي استهدفتهم، خاصة مجزرة كنيسة سيدة النجاة التي وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وبعث أبرز القادة العراقيين بتهانيهم للمسيحيين، ومن بينهم الرئيس العراقي جلال طالباني، ورئيس الوزراء نوري المالكي، ورئيس البرلمان أسامة النجيفي، ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، ورئيس حكومة الإقليم برهم صالح.

وفي كلمة وجهها بالمناسبة، دعا المالكي المسيحيين في العراق إلى التمسك بوطنهم والمشاركة في بنائه، مؤكدا وقوفه بحزم ضد محاولات إفراغ البلاد منهم.

وقال المالكي في بيان: «نجدد التأكيد على اعتزازنا بإخواننا المسيحيين في العراق، باعتبارهم إخوة وشركاء لنا في الوطن والمصير وجزءا أساسيا من التنوع الذي يفتخر به الشعب العراقي على مر التاريخ»، وأضاف «ندعوهم بقوة إلى البقاء في وطنهم والتمسك به والمشاركة في بنائه وإعماره أسوة بباقي أبناء الشعب العراقي».

وأكد أن «مغادرة العراق تحت ضغط تهديدات الإرهابيين سيلحق ضررا فادحا بمكون اجتماعي يعتز به جميع العراقيين ويسهم دون قصد في تنفيذ المخططات المشبوهة لتنظيم القاعدة الإرهابي وحلفائه من أزلام النظام البعثي المقبور الذي يهدف لإخلاء العراق من أبنائه المسيحيين».

ورأى المالكي أن «محاولات إبعاد المسيحيين عن وطنهم وأرضهم التي تمسكوا بها عبر القرون، تعد جريمة كبرى بحق الوحدة الوطنية، هدفها تمزيق النسيج الاجتماعي وسلب العراق سمة التنوع الديني والفكري والقومي والمذهبي التي تميز بها عبر التاريخ». وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد أعرب المالكي عن «تصميمه على الوقوف بقوة وحزم في وجه محاولات إفراغ العراق من المسيحيين الذين كان لهم دور مشهود في بناء حضارتنا العريقة». وقال إن «المنظمات الإرهابية التي صبت حقدها الدفين على المساجد والكنائس وجميع دور العبادة إنما كانت تهدف إلى زرع بذور الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد».

ومن جانبه، هنأ طالباني مسيحيي بلاده، في رسالة وجهها لهم، متمنيا لهم «سنة مليئة بالمحبة والسلام وأن تكون فاجعة كنيسة سيدة النجاة مبعثا لتلاحم العراقيين جميعا»، بينما طالب النجيفي في بداية جلسة البرلمان، التي عقدت أمس الحكومة العراقية إلى حماية المسيحيين وإعطاء الموضوع أولوية خاصة.

كما كان بارزاني قد أكد «على أهمية التعايش الأخوي والتسامح الديني في العراق الاتحادي»، ودعا «الحكومة الجديدة إلى أن تضع حماية الأماكن الدينية وحماية الأخوات والإخوة المسيحيين ضمن أولويات مهامها، لأن المسيحيين مواطنون عراقيون أصلاء»، وأكد «أننا سندافع دوما عن حقوقهم وأن أبواب كردستان مفتوحة في وجه هؤلاء المواطنين المسيحيين الذين يفرون من بطش الإرهاب ويتوجهون إلى إقليم كردستان، متخذين منه ملاذا آمنا لهم».

أما برهم صالح فقد أدان الهجمات الإرهابية التي استهدفت المسيحيين، لكنه أعرب عن فخره «بعيش إخوتنا المسيحيين في الإقليم في أجواء ملؤها الحرية والسلم والاستقرار».

وبدوره شارك عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وزعيم الائتلاف الوطني، أمس في احتفالات عيد الميلاد التي أقامها المسيحيون بكنيسة انتقال مريم العذراء، في منطقة المنصور ببغداد. وكان الاحتفال برعاية نيافة الكاردينال عمانوئيل دلي، والنائب المسيحي يونادم كنا، وقد ألقيت فيه التراتيل الخاصة بقداس أعياد الميلاد. وبحسب تقرير أوردته وكالة الأنباء الألمانية، فقد عبر الحضور عن شكرهم وسعادتهم بهذه المشاركة التي «تؤكد معاني الأخوة بين العراقيين بغض النظر عن الانتماء الديني أو المذهبي أو الفكري». وكان غالبية المسيحيين قد توجهوا أمس إلى الكنائس القريبة من منازلهم، التي شهدت إجراءات أمنية مشددة، حيث انتشرت قوات من الجيش والشرطة بالقرب منها، كما تم وضع المزيد من الكتل الإسمنتية قرب كنيسة سيدة النجاة في منطقة الكرادة وسط بغداد.

ويشار إلى أن القيادات الدينية المسيحية في العراق كانت قد قررت إلغاء جميع مظاهر الاحتفالات التقليدية في مثل هذه المناسبة السنوية والاقتصار على إقامة الطقوس الدينية في الأديرة والكنائس، كإجراء احترازي لمنع وقوع أعمال عنف قد تطال المسيحيين.

وقال النائب المسيحي يونادم كنا إن «أحداث كنيسة سيدة النجاة ألقت بظلالها على حياة المسيحيين في العراق، وبالتالي فإن احتفالات عيد الميلاد ستقتصر على المراسم الدينية ولا وجود للاحتفالات الأخرى»، وأضاف: «هناك تذمر واشمئزاز داخل الأوساط المسيحية من جراء التهديدات المتكررة من الجماعات الإرهابية».

وذكر النائب المسيحي: «لدينا مخاوف كبيرة من استمرار هجرة العوائل المسيحية، وعلى الحكومة أن تعي خطورة ذلك وتتحمل المسؤولية»، وأوضح أنه «لا توجد إحصاءات دقيقة عن أعداد المسيحيين في العراق، لكن حسب تعداد عام 1987 فإن أعداد المسيحيين في البلاد بلغ مليونا و265 ألف مسيحي، وأعتقد أن المتبقي الآن نحو 700 ألف عائلة في العراق، فهناك موجات هجرة متعددة طوال السنوات الماضية، أكبرها بعد أحداث عام 2003».

وقال كنا «نحن مع وقف هجرة المسيحيين إلى خارج العراق، وعلى الدولة أن تفكر في حلول وسياسات تمنع تهميش المسيحيين وأن يكون لهم تكافؤ في الفرص دون إقصاء في المناصب العليا، حتى لا يشعر المسيحيون بالغربة في بلدهم، فضلا عن المشاركة الواسعة في إدارة البلاد».

وفي تطور لاحق أمس، أكد رئيس الوزراء العراقي قدرة القوات المسلحة العراقية على حماية أمن البلاد، وقال خلال استقباله في مكتبه، رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال جورج كيسي: «لقد أصبحت القوات المسلحة والأجهزة الأمنية العراقية قادرة على تحمل المسؤولية والحفاظ على الأمن، والعمل بمهنية ووطنية».

وبحسب بيان نشر على الموقع الرسمي لحزب الدعوة الإسلامية، فقد أكد المالكي «حرص الحكومة العراقية على تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية في جميع المجالات».

ومن جهته، فقد هنأ الجنرال كيسي المسؤول العراقي، «بمناسبة تشكيل حكومة الشراكة الوطنية، متمنيا لها النجاح في تحقيق جميع تطلعات الشعب العراقي»، كما أشاد «بقدرة وكفاءة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية العراقية في الحفاظ على الأمن والاستقرار، مؤكدا دعم بلاده للحكومة العراقية في جميع المجالات، ومنها التسلح والتدريب»، حسب البيان.

وحضر اللقاء السفير الأميركي لدى العراق جيمس جيفري، وقائد القوات الأميركية الجنرال لويد جي أوستن.