مصر: الحزب الحاكم يدعو الأحزاب السياسية للمشاركة في ترسيخ «الدولة المدنية»

جمال مبارك يعلن عن إصلاحات جديدة.. ويقول «لن نسمح بخلط الدين بالسياسة»

TT

دعا الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) بمصر أمس، الأحزاب السياسية للمشاركة في ترسيخ «الدولة المدنية» ودعم عملية الإصلاح، المتوقع أن تطال الكثير من القوانين بالتعديل، مشددا على رفضه المساس بنسيج الأمة من مسلمين ومسيحيين. وبينما شن الحزب في اليوم الثاني لمؤتمره السنوي أمس، هجوما على جماعة الإخوان المسلمين، التي تتعامل معها الحكومة باعتبارها «جماعة محظورة»، قال جمال مبارك، الأمين العام المساعد أمين السياسات بالحزب، إن المجتمع المصري «وسطي ومعتدل» و«لن نسمح بخلط الدين بالسياسة»، معلنا في الوقت نفسه عما سماه «موجة جديدة من الإصلاح»، لاستكمال مسيرة التطوير والتحديث في عمل الحزب وحكومته وهيئته البرلمانية التي بدأت منذ عام 2005.

وشدد صفوت الشريف، الأمين العام للحزب الحاكم، على أن الحزب لن يهدر وقته في العراك أو الصراع مع الآخرين أو التوقف أمام العويل على فرص ضائعة، في إشارة إلى قوى المعارضة التي تلقت هزيمة قاسية في انتخابات مجلسي البرلمان خلال هذا العام، مما أدى لانتقادات دولية ومحلية بشأن سلامة العملية الانتخابية في البلاد. وقال الشريف «إن الحزب الحاكم يرفض مناقشة الذين يعيشون في الخيال أو الوهم الذي صدقوه من كثرة ترديده».

وأضاف الشريف «أن الحزب الوطني، الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك، حزب يستقوي بعزم الشعب في مواجهة التحديات، ولا يستقوي بمساندة مستوردة أو استجداء تصريحات لا وزن لها من خارج تراب الوطن»، وتابع قائلا: «لا نستجدي شهادة تقدير من خارج مصر.. شهادة نجاحنا من شعبنا وأرضنا، وليست شهادات أجنبية ثقوبها فاضحة لحملتها وأصحابها ومُصدريها».

ودعا جمال مبارك، الذي لفت الانتباه إليه منذ دخوله مع مجموعة ما يعرف بـ«الحرس الجديد» في الحزب منذ عام 2002، إلى بدء موجة ثانية من الإصلاح في البلاد على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي واستكمال بناء الدولة المدنية المعتدلة. وقدم مبارك الابن تقريرا مرتجلا أمام نحو أربعة آلاف من أعضاء الحزب وكوادره وقياداته، عن مجمل عمل أمانة السياسات التي يرأسها في الحزب، وقال: «علينا أن نبدأ موجة ثانية من الإصلاح، يتم فيها الترسيخ لمبادئ الدولة التي تقوم على الوسطية والاعتدال». وأضاف أن الوسطية والاعتدال «من سمات المجتمع المصري، التي حملها رموز مصر (من المفكرين) مثل رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وطه حسين».

وأعرب جمال مبارك عن أمله في أن يتحقق، خلال موجة الإصلاح الثانية التي أعلن عنها أمس، الكثير من الإنجازات خلال السنوات الخمس المقبلة. وقال: «نحتاج إلى تحقيق الكثير خلال السنوات الخمس المقبلة؛ التشغيل والتصدير وزيادة الاستثمارات الصناعية والاستثمارات الأجنبية المباشرة والتوسع في قطاع السياحة ومضاعفة عدد الأسر المستحقة للضمان الاجتماعي وتنمية القرى الأكثر فقرا لإخراج مليون ونصف المليون أسرة من دائرة الفقر والاهتمام بالتعليم واللامركزية والمساءلة والمحاسبة وجودة الخدمات والمرافق».

وتعهد جمال مبارك، النجل الأصغر للرئيس المصري، بالتصدي لأفكار التطرف، وقال: «سنتصدى لكل محاولة لتغيير السمة السمحة للمجتمع المصري، وسنرفض على الدوام كل أفكار التطرف والانعزال التي تدفع بشبابنا للمجهول». وشدد على رفض الحزب الخلط بين الدين والسياسة، مشيرا إلى حرص الحزب الوطني على عدم احتكار مبادرات الإصلاح والتغيير، و«نعتبر الاختلاف في الرأي إحدى نقاط قوة المجتمع المصري».

ودعا جمال مبارك في هذا الصدد جميع الأحزاب السياسية «لكي تشترك معنا في دعم عملية الإصلاح.. نتفق مع الأحزاب ونتمسك بالدولة المدنية والمواطنة ونرفض المساس بنسيج الأمة.. نحرص جميعا على وسطية المجتمع المصري ونرفض الخلط بين الدين والسياسة، ونسعى لأن تكون المرحلة المقبلة مرحلة بناء وتحديث، ونرحب بكل فكر وتوجه يسعى معنا للبناء». وقال: «أتعهد، من خلال مسؤوليتي الحزبية، بأن نتمسك بالنقاش الواسع وأن نشرك الرأي العام في القضايا التي سيتم طرحها في البرلمان».

وقال مبارك الابن: «إن الحزب الحاكم متمسك بالتصدي بكل قوة وحسم لأي جرائم تتعلق بسوء استغلال السلطة والتعدي على المال العام»، لافتا إلى أن الحزب سيقوم بتغيير الكثير من القوانين، بما ييسر حياة المواطنين، منها قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين والمسيحيين، لتحقيق الاستقرار للأسرة المصرية.

وتابع جمال مبارك، موضحا أن الحزب الحاكم سيتخذ خطوات صعبة من أجل تحقيق المزيد من الإصلاحات، وقال: «سيكون علينا اتخاذ بعض القرارات الصعبة لتحقيق ما هو مطلوب منا أكثر من الفترة السابقة.. الحزب أصبح كيانا سياسيا مختلفا عما كان عليه عام 2002. أصبح الحزب من خلال عملية التطوير مؤهلا لإيجاد الحلول الصعبة للمشكلات التي يفرضها الواقع الداخلي، وأصبح الحزب أكثر قدرة على التعامل مع نظام دولي أكثر تعقيدا وتشابكا».