مصادر مطلعة لـ «الشرق الأوسط»: تحقيقات بلمار توصلت إلى أدلة قاطعة يستحيل تقويضها

سباق محموم بين المبادرة العربية والقرار الاتهامي وتداعياته المقلقة

TT

لا يزال السباق على أشده بين المبادرة العربية المتمثلة في الأفكار السعودية - السورية، الهادفة إلى نزع فتيل التفجير الذي قد يتسبب فيه القرار الاتهامي المنتظر صدوره عن المدعي العام الدولي القاضي دانيال بلمار، وبين القرار نفسه الذي يبدو أن الجهات القضائية التي تعده غير معنية بالتداعيات السياسية وغير السياسية في لبنان لأنها تعتبر أنها تتعاطى مع تحقيق جنائي في جريمة إرهابية، وإن كانت هذه الجريمة ذات وجه سياسي بالنظر لما كان يمثله رئيس حكومة لبنان الراحل رفيق الحريري، في المعادلة اللبنانية والعربية والدولية.

وفي وقت أشارت فيه مصادر عليمة، إلى أن «لا أحد يعلم بموعد صدور القرار الاتهامي، سوى شخص واحد هو القاضي دانيال بلمار»، أكدت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «الشيء الوحيد الذي يمكن الجزم به، هو أن المدعي العام أنهى مرحلة التحقيق التي استغرقت قرابة الست سنوات». وكشفت أن بلمار «أصبح ملما بكل الأمور والمعطيات المتعلقة بجريمة اغتيال الحريري وبعض الاغتيالات الأخرى التي تلت جريمة 14 فبراير (شباط) 2005، وهو بات مرتاحا أكثر من أي وقت مضى إلى النتائج الحاسمة التي توصل إليها، وهذه النتائج ستمكنه من تقديم اتهامات مبنية على أدلة قوية وصلبة وقاطعة، وسيكون من الصعب، إن لم يكن مستحيلا الطعن فيها أو تقويضها خلال مرحلة المحاكمة».

وليس بعيدا عن سجالات المحكمة الدولية وتداعياتها، رد عضو المكتب السياسي لحزب الله غالب أبو زينب، على تصريحي النائبين أحمد فتفت ومحمد عبد اللطيف كبارة لـ«الشرق الأوسط» وحضا فيهما حزب الله على عدم المكابرة والتهديد بقلب الطاولة وعدم الاستقواء على الدولة ومؤسساتها، فاعتبر أن «كلام أعضاء كتلة المستقبل النائبين محمد كبارة وأحمد فتفت ليس بجديد، وهو محاولة حثيثة لزرع فكرة أن المقاومة تودي بالبلد إلى الهلاك». ورأى أن هذا الكلام تعبير عن «جهل العاجز بعد الفشل في محاولات بث الفتنة وانكشاف أخطاء المراحل الماضية للمحافظة على العصب السياسي في الشارع»، مؤكدا أن «هذا الخطاب الطائفي» لن يؤثر على أهل الشمال، لأن «النظرة لواقع الأمور تغيرت». وفي السياق نفسه، رأى منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار»، فارس سعيد، أن «المحكمة الدولية الخاصة بلبنان باتت أمرا واقعا ولا يمكن إسقاطها أو الالتفاف عليها، وكل الخطوات في مواجهتها سقطت»، لافتا إلى أن البلد اليوم «هو في مرحلة انتظار صدور القرار الظني، وبالتالي، هناك أسبوعان تقريبا لكي يشغل المسؤولون اللبنانيون قنواتهم اللازمة ويخلقون شبكة أمان تحمي البلد ومكوناته السياسية والشعبية». وحذر من أنه «بعد القرار الاتهامي لن يبقى فريقا (14 آذار) و(8 آذار) إذا لم يتدارك هؤلاء المسؤولون الوضع ويعكفوا على تحضير جو ومناخ سياسي يقبض على القرار الاتهامي ويجعله خطوة سياسية في اتجاه مرحلة تأسيسية». وقال: «بعد القرار الاتهامي سيصبح هناك فريق قتلة وفريق ضحايا، فإلى هذا الحد سيصبح الوضع خطرا». وإذ اعتبر أن «جهوزية حزب الله الخارجية أكبر من الجميع»، استغرب «كيف أنه لم يستغل كل ذكائه ليدخل في شبكة أمان داخلية مع اللبنانيين للالتفاف على الأمر الواقع الحتمي والقادم، وذلك عبر تشغيل أصدقائه مثل رئيس (اللقاء الديمقراطي) النائب وليد جنبلاط، ورئيس المجلس النواب نبيه بري لنسج هذه الشبكة»، وأكد أن «الغطاء المسيحي (ميشال عون) سيصبح في لحظة غير موجود بعد صدور القرار الاتهامي لأنه لا أحد يحتمل أن يكون شريكا للقاتل، فهو حقق هدفه واستفاد منه في الانتخابات وغيرها، ولكنه لن يكون قربه حين يكون موضع الاتهام».

بدوره، استبعد نائب «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت حصول أي فتنة أمنية، وأشار إلى أنه «قد تكون هناك أزمة سياسية، ولكننا نتمنى أن لا تطول وأن نجد مخرجا مناسبا لها». وقال إن «المظلة السورية - السعودية يكمن دورها في منع حصول الفتنة، وهي نجحت في تأمين هذا المخرج ونتمنى لها أن تنجح أيضا في شقها السياسي». مؤكدا أنه لا يمكن «إلغاء المحكمة الدولية وتعطيل أحكامها لأنها جزء من أدوات مجلس الأمن، وهي ليست قرارا محليا أو إقليميا، وبالتالي، لا لبنان ولا إيران ولا سورية ولا السعودية، قادرون على إلغائها، كما أنه لا مجال لبحث دستوريتها أو عدم دستوريتها لأنها أقرت وفق قرار صادر عن مجلس الأمن تحت أحكام الفصل السابع». مشددا على «عدم القبول بقرار اتهامي غير معلل».

من جهته، دعا عضو كتلة حزب الله النائب علي فياض، المعنيين في لبنان إلى «أن يلاقوا إرادة الحل الذي يتم العمل على أساسها بين الإخوة السعوديين والسوريين، بحيث لا يجوز أن نطلق مواقف تبدو كأنها تعمل على تشجيع من لا يريدون حلا»، وأكد أن «حزب الله لن ينزلق إلى المنطق والحسابات الطائفية مهما تكن طبيعة التطورات، بل سيبقى في الموقع الوطني الذي يطل على القضايا الخلافية من زاوية وطنية تريد مصلحة الجميع من دون تمييز مناطقي أو فئوي أو طائفي».

ورأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله نبيل قاووق أن «سنة 2010 كانت موعد دفن صدقية محكمة الزور الدولية، لكن في سنة 2011 ستكون موعد دفن قرار الزور الدولي وموعد إنهاء مسلسل الزور الذي أطاح بالحقيقة والاستقرار». معتبرا أن «إسرائيل تريد أن تغتنم فرصة انشغال اللبنانيين بالخلاف حول المحكمة لتكرس أمرا واقعا».