طالبان تتحدى الولايات المتحدة في شرق أفغانستان

مساع لإقناع القرويين بوضع ثقتهم في الحكومة بدلا من المتمردين

TT

احتشد أهل القرية على تلال من التراب لمشاهدة المركبات الأميركية المدرعة. وكانت الشوارع ضيقة وعلى جانبيها جدران طينية عالية تستطيع المركبات الضخمة بالكاد العبور من بينها. لم ير أهل القرويين دورية تابعة لقوات التحالف هنا منذ عامين، بحسب ما قالوه للقائد الأميركي عند خروجه من السيارة لتحيتهم.

سأل قائد مجموعة المركبات الكابتن آرون شوينغلير القرويين المحتشدين حوله قائلا: «متى كانت آخر مرة رأيتم فيها المحافظ؟». وأجابه أحدهم من خلال مترجم قائلا: «منذ عشر سنوات». لكن يرى أهل القرية حركة طالبان بشكل يومي، حيث ملأ الفراغ الذي خلفته الحكومة قادة متمردون هنا وفي الكثير من القرى الصغيرة بمنطقة أندار في ولاية غزني التي تعد أحد أكثر الأقاليم الأفغانية اضطرابا. ويقوم هؤلاء القادة بفض النزاعات على الأرض ومصادر المياه ويحددون المقررات المدرسية ويفرضون حظر التجول ويصدرون أوامر لسكان المنطقة بعدم التحدث إلى الأجانب من خلال «رسائل ليلية». يجب أن تحاول قوات التحالف في هذه البيئة أن تقنع القرويين بوضع ثقتهم في حكومة نادرا ما يرونها، ومساعدة قوات التحالف في اقتلاع حركة طالبان من جذورها، وهو ما يعد مخاطرة شخصية كبيرة. وفي حين تزعم قوات «الناتو» بقيادة الولايات المتحدة تحقيق مكاسب في إقليمي هلمند وقندهار بالجنوب، ثبت أن هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية من شرق أفغانستان التي تقع على مفترق طرق من طريق سريع يمتد من كابل إلى قندهار وبطول طرق مؤدية إلى إقليمي باكتيا وباكتيكا، مستعصية. ورغم دوريات مدعومة من قوات التحالف خلال الأشهر القليلة الماضية، ما زال المتمردون يلوذون بهذه المنطقة البعيدة التي تزرع القمح.

رغم رفض مسؤولي «الناتو»، يقول سكان محليون إن قوات التحالف قد فقدت قوتها هنا منذ عامين عندما تخلى الأميركيون عن نشر دوريات وسلموا المنطقة إلى القوات البولندية التي يقول عنها الأفغان إن دورياتها متقلصة بشدة.

مما لا شك فيه أن الأمن تراجع، حيث ارتفعت هجمات المتمردين في أندار بنسبة 113 في المائة منذ عام 2008 وبنسبة 106 في المائة في ديهياك، بحسب الإحصاءات العسكرية. وتدخل الدوريات في تبادل إطلاق النار مع حركة طالبان بشكل منتظم. ويستخدم المتمردون قنابل متطورة قادمة من منطقة القبائل في باكستان تزرع على جانب الطريق، وكذلك وسائل تحكم عن بعد وأزرارا آمنة لتشغيل المتفجرات. وازداد تعرض جنوب غربي الإقليم للاستهداف من جانب مقاتلين من شبكة «حقاني» يتمركزون خارج منطقة شمال وزيرستان في باكستان. ويقول مسؤولون عسكريون إن مقاتلي حركة طالبان تحت قيادة مجلس «شورى كويتا» يستهدفون مناطق أخرى من الإقليم بشكل متزايد.

وتعرض 9 جنود أميركيين في أكتوبر (تشرين الأول) إلى كمين أثناء تناولهم شاي الظهيرة مع أحد القرويين، حيث شن المتمردون على المنزل هجوما بالقنابل الصاروخية والبنادق الآلية، مما أسفر عن إصابة 3 جنود وتلف أجهزة الاتصال اللاسلكية الخاصة بهم. وألقى سيرجنت بول ميتشام علبة من الدخان الأحمر كإشارة طلب المساعدة من قاعدة عمليات قريبة. واستمر القتال لمدة 15 دقيقة حتى وصلت المركبات المدرعة وأبعدت المتمردين. وتعد هذه الكتيبة محظوظة منذ وصولها إلى غزني، فرغم إصابة أكثر من 40 جنديا منها، لم يقتل أحد. واستمر هذا الحظ الجيد حتى 15 ديسمبر (كانون الأول)، أي قبل شهرين فقط من عودتها إلى الوطن عندما قتل المتمردون أحد الجنود أثناء عملية كانت تستهدف طرد حركة طالبان من قرى المنطقة.

* خدمة: «نيويورك تايمز»