إلى دريد لحام.. على مسؤوليتي

TT

اجابة لتساؤل الفنان دريد لحام الذي اضفى الابتسامة الى حياة اكثر من جيل عربي باعماله الرائعة خلال احدى حلقات برنامج «على مسؤوليتي» والتي تذاع على قناة MBC الفضائية حين تساءل عن معرفة اصل كلمة «لوبي» Lobby والتي تستخدم بكثرة في الاوساط السياسية، رأيت انه من واجبي كمعماري ايضاح هذا التساؤل.

لكلمة لوبي الاصلية خاصيتان متميزتان تنفرد بهما كالتالي:

1 ـ لوبي كلمة تعبر عن فراغ معماري تم استخدامه في اللغة الدارجة لكثير من لغات العالم.

2 ـ لوبي كلمة انجليزية (اصلها الماني)، تم اعتمادها باللغة العربية وتستخدم ككلمة عربية حاليا في وسائل الاعلام المختلفة.

وهذا الانصهار للمصطلحات الاجنبية في اللغة العربية لا يعبر (كما يعتقد البعض) عن ضعف اللغة العربية، بل هو تأكيد قوي على مرونتها واستيعابها للمصطلحات الاجنبية ان كانت اصدق للتعبير، امثلة اخرى لكلمات ذات اصول اجنبية مثل كلمات تلفزيون، راديو، ليزر، استراتيجية، ماكينة .. الخ.

اما اصل معنى كلمة لوبي، فاللوبي Lobby معناها المعماري هي تلك الغرفة العامة او البهو بجانب مجلس او صالة اجتماعات خاصة بأي سلطة تشريعية (عادة برلمان او مجلس شعب او امة) وهي كلمة من اصل لاتيني والماني لنفس المعنى. وتطور استخدامها حتى اصبحت تستخدم بصيغة فعل to lobby وغالبا معناها قيام فرد او جماعة بالضغط على احد افراد مجموعة ضمن سلطة تشريعية بالتأثير عليهم لصالح قرار او مصلحة ما، وطبيعي نظرا الى انه لم توجد صيغة فعل توصف بالدقة وبكلمة واحدة طبيعة هذا النشاط، فقد تمت استعارة المكان الذي تم فيه القيام بهذا الفعل وهو اللوبي. وتطور الامر مع نجاح القائمين بهذا النشاط في عمليات التأثير هذه والتي تتم عادة في اوقات الاستراحة ما بين جلسات الاجتماع حتى يتسنى لاصحاب اللوبي «الاستفراد» بفرائسهم للضغط والتأثير عليهم. وبلغ هذا التطور في التسمية حتى اصبحت تطلق كمهنة على الذين يتفرغون للقيام بها وخصوصا عند اجراء انتخابات، فهناك حاليا في الولايات المتحدة مهنة لوبي استراتيجي strategic lobbyist وهو ذلك الشخص المتفرغ لمطاردة النواب المختلفون للتأثير عليهم وكسبهم لمصلحة قرار ما او مصلحة حزب، وفي اماكن وفراغات تعدت ذلك البهو العام.

وهناك ايضا امثلة لتطور استعارة مفردات فراغية معمارية واستخدامها باللغات الدارجة ليس شرطا بأصول اجنبية، مثل «اروقة» وهو جمع رواق وهو ذلك الفراغ المظلل بين حائط مبنى من الخارج وصف اعمدة من جهة اخرى، وتطورت هذه الكلمة في اللغة الانجليزية حتى اصبحت كلمة Arcade تطلق على صالات محلات الالعاب الكومبيوتر، غالبا لان اصل هذا النوع من الانشطة بدأ في فراغات تحيط بها الاروقة.

ويقال ايضا اروقة الجامعة، واروقة السياسة، تعبيرا عن الاماكن او الانشطة الثانوية لكيانات ضخمة.

وايضا كلمة «مظلة»، من التظليل من اشعة الشمس او المطر، اصبحت دارجة وتستخدم لغويا كاستعارة عن اي نشاط يتطلب حماية وامان.

وكذلك كلمة «بلاط» وهي اصلا تلك المادة التي تغطى بها الارضيات، اصبحت تطلق عموما على الفراغ الذي يتجمع فيه الناس حول شخصية كبرى ما.

والى غير ذلك الكثير من المفردات البنائية والمعمارية التي تطورت الى ان اصبح لها معنى عام غالبا مستنبط من الاصل المعماري ونستخدمها في لغتنا الدارجة وانستنا اصولها المعمارية.