وزير الخارجية العراقي: تسوية الملفات مع الكويت أولوية.. واستقرار العراق بعودته لمحيطه العربي

زيباري في حديث لـ «الشرق الأوسط»: تسمية وزراء الداخلية والدفاع والأمن العام خلال أيام

TT

أشاد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري بالدور والوجود العربيين في العراق، لافتا إلى أهمية انعقاد القمة العربية في موعدها في مارس (آذار) المقبل. وأكد زيباري، في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن الدول العربية تجاوزت مرحلة «الترقب والتردد» بعد انتهاء الأزمة السياسية وتشكيل الحكومة، وأصبح هناك مزيد من الدعم، واصفا زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية في هذه المرحلة بـ«المهمة».

وقال زيباري: إن بغداد سوف تسمي خلال الأيام القليلة المقبلة وزراء الدفاع والداخلية والأمن العام، التي تركت شاغرة، مشيرا إلى أن حسم حقائب تلك الوزارات يحتاج إلى تفاهمات وضوابط، أهمها الكفاءة وعدم التسييس وإدارة ملف الأمن الذي يتعلق بحياة المواطنين. وأشار زيباري إلى الجدل الذي أثير حول مجلس الأمن الوطني للسياسات الاستراتيجية الذي سيترأسه إياد علاوي، مشددا على أنه من غير الممكن أن تكون هناك «حكومة برأسين» أو بمهام مزدوجة، لافتا إلى أن صلاحية هذا المجلس لن تكون إجرائية أو تنفيذية، كما لن تكون استشارية فقط، لافتا إلى قناعة علاوي بأهمية الشراكة وتأسيس المجلس على أسس واضحة. ونفى زيباري ما تردد بشأن مطالب كردية تدعو للانفصال عن العراق، مشيرا إلى أن ما نقل عن الرئيس مسعود بارزاني في وسائل الإعلام لم يكن دقيقا، وقال: «حدثت أخطاء في الترجمة.. هو قال: إن الأكراد كأمة تعدادها على مستوى العالم نحو 30 مليون نسمة لديها الحق في تقرير المصير ولكن الأكراد في العراق قرروا العيش في العراق الفيدرالي الديمقراطي الموحد». وفيما يلي نص الحوار..

* ما النتائج المتوقعة من زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى العراق؟

- الزيارة مهمة، وجاءت في مرحلة مفصلية، خاصة بعد تشكيل الحكومة العراقية، والهدف الأساسي منها تهنئة الحكومة الجديدة والقيادات على تغليب لغة العقل والمنطق والمصلحة الوطنية على لغة المصالح الشخصية. والعراق نجح في هذا الاختبار بعد 9 أشهر من الأزمة السياسية والخلافات، ثم كانت النتيجة إيجابية وأعطت رسالة للعالم كله بأنه لم يلجأ أحد للعنف وحمل السلاح لحل خلافات تشكيل الحكومة، وإنما حدث التوافق بعد حوار وتفاهم وتنازلات من الجميع، والفائز الأكبر كان الشعب العراقي، وليس هذه الدولة أو تلك.. لا إيران ولا أميركا ولا سورية ولا تركيا. كان الحل عراقيا بعد مباحثات طويلة، وبالتالي أرى أن زيارة الأمين العام مهمة جدا، خاصة أن الجامعة العربية تواصلت مع العراق ومع الحكومات كلها وقدمت مساعدات هائلة، وأتذكر انعقاد مؤتمرين تحت قبة الجامعة العربية هما الوفاق والمصالحة، وكان لهما تأثير هائل في مرحلة العنف والانقسام، ولكن الرسائل التي خرجت من هذين المؤتمرين كانت مهمة وكذلك القرارات التي أصدرتها جميع القمم العربية، وخلال الاجتماعات الوزارية كان موقف الأمين العام والأمانة العامة مع العراق. هذه الشهادة لله والتاريخ، إن الجميع كان مع الاستقرار والمصالحة وعراق فاعل في المحيط العربي. وكذلك تكتسب الزيارة أهميتها لأنها تتناول الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية لاستضافة القمة العربية في مارس المقبل. وسوف نتعاون مع الجامعة ونقدم كل ما هو مطلوب، كما سنطلع الأمين العام على كل تفاصيل العملية السياسية والأمنية والفنية واللوجيستية، ونحن متفائلون بأننا سنعقد القمة في موعدها المحدد، وهناك جهد كبير من كل وزارات الدولة المعنية التي تعمل بمساعدة الشعب العراقي كله لاستضافة هذا العرس العربي الكبير، كما يستمع الأمين العام إلى كل القيادات العراقية لتطورات الأوضاع واستقرارها في البلاد وكذلك مدى جدية الشراكة الوطنية التي تحققت وما المطلوب عربيا لدعم هذا الجهد.

* كيف تقيم الدور العربي في العراق؟ وماذا يريد العراق في هذه المرحلة؟

- حدث تطور مهم في الدور العربي.. وبعد تشكيل الحكومة كان أول مسؤول عربي ودولي يزور العراق هو وزير خارجية مصر، صديقي الوزير أحمد أبو الغيط. وبعد ذلك كانت زيارة رئيس وزراء الأردن، يرافقه نصف وزراء الحكومة الأردنية، وهناك زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الكويتي، وزيارة مرتقبة لرئيس وزراء سورية، وكذلك للإخوة في الإمارات، وبعد يومين هناك زيارة لوزير خارجية تركيا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى رشحت دولتان حاليا سفيرين لهما لدى العراق هما اليمن والسودان، وقد وصل السفير اليمني بالفعل. ولدينا وفد ليبي وصل لبحث مسألة إعادة فتح السفارة، وقدمنا له كل التسهيلات، ولدينا تعهدات ووعود من دول عربية شقيقة في شمال أفريقيا لإعادة فتح السفارات، ولدينا عدد من السفراء الممثلين من مصر وسورية والأردن وفلسطين ولبنان والكويت والبحرين والإمارات، وبالتالي فمسألة انفتاح الدول العربية على العراق الجديد حاجة متبادلة بين الطرفين.

* هل ترى أن انعقاد القمة العربية مرحلة جديدة من الدعم العربي للعراق؟

- بالتأكيد؛ لأن العراق واستقراره يعتبران من التحديات للسياسات العربية كلها. والعراق عضو مركزي في المنطقة وفي الإقليم؛ لذلك استقرار العراق واستعادة عافيته مجددا بعد هذه المعاناة كلها يحتاجان إلى دعم عربي متواصل، وتفهم ظروف العراق والتفاعل معه إيجابيا. وأعتقد أن غالبية الدول العربية تجاوزت مرحلة الترقب والتردد نتيجة ما كان يدور في العراق، لكن بعد تشكيل الحكومة هناك قرارات نحو مزيد من الدعم للعراق.

* ما أولوياتك كوزير لخارجية العراق في المرحلة الحالية؟

- الأمن أولا، والتعاون مع دول الجوار كلها. والأولوية الثانية تخص ما بعد تجاوز العراق القرارات الدولية. كان هناك أكثر من 73 قرارا دوليا ملزما تحت الفصل السابع وهو رقم قياسي، وقمنا بإنهاء هذه القرارات، في موضوع أسلحة الدمار الشامل، ونزع السلاح، وبرنامج النفط مقابل الغذاء، والحصانة على الأموال، وتم هذا الإنجاز بعد جهد وعمل قانوني. الأولوية الثانية بعد الأمن إنهاء القرارات التي تتعلق بالحالة بين العراق والكويت، وفتح صفحة جديدة. كان لدينا أمس وفد إعلامي كويتي كبير جدا مكون من نحو 40 رئيس تحرير ومن القنوات الفضائية كلها، وكان الحوار معهم إيجابيا جدا، بعد قيامهم بتفقد بعض المواقع والمناطق في العراق، ونحن نولي في الوقت نفسه الاهتمام بالعلاقة مع الكويت، وأتصور أن النوايا طيبة لدى الجانبين ونترقب زيارة مهمة لرئيس الحكومة الكويتية. كما نهتم أيضا في هذه المرحلة بتوافد الاستثمارات على العراق والعلاقات الاقتصادية والتجارية، والاهتمام بعمل الشركات في مجال النفط وإعادة الإعمار والتأهيل، ومؤخرا أبرمت مصر اتفاقا جيدا تمثل في الوجود المهم في قطاعات الطاقة والكهرباء والطرق والإنشاء والمياه، ونحن نشجع على ذلك. عقد القمة العربية على أرض العراق الأولوية بالنسبة لنا أيضا، والجهود الحكومية والدبلوماسية كلها منصبة على عقدها وإنجاحها، وأتصور أن ذلك سيكون تحولا كبيرا.

* وماذا عن العلاقة مع أميركا والغرب في هذه المرحلة؟

- لدينا اتفاقية للتعاون والشراكة مع الاتحاد الأوروبي سوف نوقعها قريبا، ومع أميركا العلاقات ممتازة وطيبة، ونحن ملتزمون بالاتفاقية الأمنية، واتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين، وهناك تعاون في المجالات كلها. لدينا تمثيل دبلوماسي جيد على مستوى العالم، هناك نحو 86 بعثة دبلوماسية، ويمكننا القول إن العراق بدأ يستعيد وضعه القانوني الطبيعي، أي الذي سبق فرض العقوبات عليه، وتجاوز قرارات الفصل السابع ساعدنا كثيرا في التعامل بندية واستقلالية.

* إذا تحدثنا عن الوضع الداخلي واستكمال الحقائب الشاغرة في الحكومة.. ما الجديد بهذا الشأن؟

- الحكومة عمليا تم تشكيلها، وأهم شيء في الحكومة، وفي النظام السياسي والدستور العراقي، الاتفاق على الرئاسات الثلاث، أي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان. بدأ مجلس الوزراء يعقد اجتماعاته، والوزراء يعملون، والمتبقي هو حسم حقائب وزارات الداخلية والدفاع والأمن الوطني، وهذه تحتاج إلى تفاهمات في اختيار الوزراء؛ لأن الفكرة والمبدأ يقتضيان وجود ضوابط ومقاييس لشاغلي هذه الحقائب، وأهمها الكفاءة وعدم التسييس وإدارة ملف الأمن الذي يتعلق بحياة المواطنين، وفي تقديري سوف يعلن قريبا، ربما خلال أسبوع أو 10 أيام، عن تسمية من سيشغل الوزارات الثلاث: الدفاع، والداخلية، ووزارة الأمن العام.. وبذلك يمكن القول إن موضوع الحكومة تم إنجازه، بمشاركة الكتل السياسية الأساسية كلها.

* ماذا عن الموقع الذي سيشغله إياد علاوي؟ هل تم تحديد المهام؟

- المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية يعتبر هيئة مهمة، وكان هناك جدل حول ولاية هذا المجلس، هل ستكون تنفيذية أو تشاورية. ووجوب تشريع هذا المجلس من خلال القانون باعتباره هيئة جديدة وغير موجودة في الدستور؛ لذلك تم عرض مشروع قانون بشأنها على البرلمان، وفي تقديري لا يمكن أن تكون هناك «حكومة برأسين» أو بمهام مزدوجة، حتى أكون صريحا، وبالتالي لن يكون من صلاحية هذا المجلس صلاحيات إجرائية تنفيذية مباشرة، ولن يكون أيضا مجلسا استشاريا فقط لإبداء الرأي والنصح؛ لأن عضوية هذا المجلس مشكلة من الرئاسات الثلاث والقيادات الأساسية في العراق والوزارات السيادية، التي تعتبر نواة الحكومة. وعندما يتفق هؤلاء كلهم على سياسة أو برنامج، من الصعب على الحكومة أن تعارض ما يقرر، خاصة أن القيادات والرئاسات كلها لديها امتدادات في الحكومة والبرلمان.

* هل هذا يعني أن القرار الذي يصدره المجلس سيؤخذ بعين الاعتبار؟

- باهتمام كبير، والحكومة لا يمكن أن ترفضه، خاصة في القضايا المصيرية والأساسية، على سبيل المثال من بين القضايا التي يبحثها هذا المجلس: قوانين مهمة مطروحة على البرلمان ومعلقة، منها قضايا تخص العلاقة مع الإقليم، وقانون النفط والغاز، والشراكة الوطنية الحقيقية، ومسألة العلاقة والحالة بين العراق والكويت تحتاج إلى موقف موحد ورأي واضح وصريح وقرار سياسي، وفي موضوعات أخرى مهمة تتعلق بالعلاقات مع دول أخرى مثل إيران وقضية الحدود والتعويضات. وفي تصوري اقتنع السيد إياد علاوي بأهمية الشراكة وتأسيس هذا المجلس على أسس واضحة وسوف يتشكل قريبا، وتوجد مباحثات مع رئيس الوزراء مستمرة ولا توجد أي مشكلات على الإطلاق.

* على ذكر العلاقة مع إقليم كردستان، ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات تتحدث عن تقرير المصير للأكراد.. هل هذا يعني الرغبة في الانفصال؟

- ما قاله الرئيس مسعود بارزاني ليس كما أُعلن في وسائل الإعلام؛ حيث حدثت أخطاء في الترجمة. هو قال: إن الأكراد كأمة تعدادها على مستوى العالم نحو 30 مليون نسمة لديها الحق في تقرير المصير ولكن الأكراد في العراق قرروا العيش بالعراق الفيدرالي الديمقراطي الموحد.

* ماذا عن نتائج زيارة وزير الخارجية الإيراني للعراق؟

- الزيارة أولا جاءت في إطار تقديم التهاني للحكومة العراقية الجديدة، وهو بالمناسبة من مواليد كربلاء في العراق، ويتحدث اللغة العربية بطلاقة وباللهجات العراقية واللبنانية كلها، وكانت هناك فرصة لمناقشة عدد من القضايا، والإعداد لأعمال اللجنة العليا التي ستعقد قريبا، ولجنة عليا لترسيم الحدود البرية والنهرية، خاصة بعد انتهاء أعمال اللجنة الفنية التي تعمل حاليا.. ونحن نعتبر أن هذه اللجنة مهمة جدا في مسألة تثبيت الدعامات الحدودية على طول 1300 كيلومتر. نريد أن ننجز هذا الموضوع لأن هناك تدخلات واختراقات وتجاوزات وخلافا على الحقول النفطية المشتركة وخلافا على مجرى نهر شط العرب، وعلى الرغم من ذلك كله تتعاون إيران معنا من أجل إنجاز هذه الموضوعات كلها، ولدينا موضوع آخر مع إيران يتعلق بمعالجة زيارات الإيرانيين للعتبات المقدسة وهذا موضوع مهم جدا جدا، أمنيا واقتصاديا، وسوف ننظم ذلك من خلال اتفاقيات تحكم ذلك، بالإضافة إلى ذلك تحدثنا في موضوع الوجود الأميركي؛ لأن إيران لديها موقف واضح وصريح في هذا الأمر.. قلنا لهم إن هذا الوجود سوف ينتهي بنهاية هذا العام، وإن هذا الوجود محكوم باتفاقات معلنة بين البلدين.. وبدوري طلبت من وزير الخارجية الإيراني دعم الاستقرار والحكومة في العراق وعدم التدخل، وهذه هي القضايا الأساسية التي نبحثها دائما مع الجانب الإيراني.

* وماذا عن قضية منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة؟

- أوضحت أن هناك في الدستور العراقي فقرة صريحة وواضحة لا يسمح بموجبها بعمل أي مجموعة مسلحة أجنبية على الأراضي العراقية، أو القيام بشن هجمات على الدول المجاورة، وبالتالي فإن هجمات «مجاهدين خلق» كانت تحدث في مرحلة النظام السابق، وقد أكدنا عدم السماح بذلك، ولكن لدينا التزامات إنسانية تجاه أعضاء المنظمة في معسكر أشرف مع عدم السماح بأي تجاوزات، بحيث لا تكون هناك دولة داخل دولة، وأن يخضع هذا الوجود لضوابط وقوانين.

* تنتقد إيران الوجود الأميركي في العراق، والبعض يتحدث عن تنافس أميركي - إيراني على العراق.. كيف ترون الوجود الإيراني في العراق حاليا؟

- حقيقة.. الوجود الإيراني حاصل والتأثير الإيراني موجود أيضا، حتى أكون دقيقا، ولكن مع اختلاف عن السابق، فهو اليوم محدد في قنوات السفارة والقنصليات، والمصالح المشتركة، والتجارة بين البلدين، والزيارات المتبادلة، والمذهب الواحد والقيادات الدينية والمرجعيات الدينية.. هذا كله موجود ولكن في إطار، وطبيعي أننا نؤكد لهم باستمرار أن العلاقات لا بد أن تكون من خلال القنوات الحكومية الرسمية، أي علاقات دولة بدولة.

* على أي مستوى يشارك العراق في القمة الاقتصادية العربية؟

- العراق سوف يشارك، بقوة، كما شارك في القمة الأولى في الكويت، وسوف ندعم المشروع العربي الخاص بالتنمية الاقتصادية، ومن مصلحة الجميع التركيز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية.