بريطانيا: جدل جديد يحيط بالجماعات الباكستانية.. وسترو يتهم عصابات آسيوية بالاتجار باللحم الأبيض

من تهمة الإرهاب لاستغلال الأطفال والفتيات «البيض»

TT

طوال السنوات الأخيرة، ارتبط البريطانيون من أصول باكستانية بشكل متنام بظاهرة التطرف الإسلامي والإرهاب، إلا أنهم باتوا اليوم معرضين للارتباط بظاهرة جديدة مثيرة للجدل: استغلال الفتيات البيض واغتصابهن.

فبعد أيام على نشر صحف بريطانية يمينية تقارير عن أن معظم المعتدين جنسيا على فتيات بيض قاصرات، هم من أصول باكستانية مسلمة، فجر وزير العدل والخارجية السابق في حكومة حزب العمال جاك سترو، القصة أمس، عندما قال إن «هناك مشكلة محددة فيما يخص الشبان من أصول باكستانية.. الذين يستهدفون فتيات بيضاوات ضعيفات».

وكانت صحيفة «التايمز» اليمينية قد ذكرت في تقرير لها قبل أيام، أنه منذ عام 1997، ومن أصل 17 قضية مقدمة أمام القضاء في قضايا التحرش واستغلال واغتصاب فتيات بيضاوات، تبين أن 53 شخصا من أصل 56 وجدوا مذنبين، هم من أصول آسيوية، 50 منهم مسلمون، و3 فقط بيض.

وكتبت صحيفة «الديلي ميل» اليمينية أيضا موضوعا شبيها، استشهدت فيه بتقرير نشره باحثون في معهد جيل داندو للأمن وعلم الجرائم في كلية لندن الجامعية، ذكر أن ضحايا الاستغلال الجنسي بمعظمهم بيض بينما معظم المعتدين هم باكستانيون. وأشار التقرير إلى أن المعتدين يختارون ضحاياهم لأنهم ضعفاء ويمكن التلاعب بهم بسهولة. وقال الباحثون إن موضوع «العرق هو مسألة دقيقة يجب التعامل معها بطريقة حساسة ولكن من دون تجاهلها».

وما حرك من الجدل القائم أكثر، حكم صدر بعد يومين من نشر التقريرين، على شابين من أصول باكستانية في محكمة بنوتينغهام، في شمال البلاد، بتجريمهما بتهم اغتصاب فتيات قاصرات. والشابان يدعى أحدهما محمد لياقات، والآخر عبيد صديق، يبلغان من العمر 28 عاما و27 عاما. وحرض القاضي على التوضيح في حكمه أنه يعتقد أن عرق المعتدين والمعتدى عليهم هو «صدفة» ولم يلعب دورا في عملية الاعتداء.

وروت «الديلي ميل» في تقريرها كيف يتقرب الشبان الباكستانيون من فتيات بيضاوات يعتبرن هدفا سهلا بسبب صغر سنهن، وسهولة إغرائهن. وذكر التقرير أن الشبان الذين يكونون من فئات عمرية أكبر من الفتيات اللواتي يبلغن عادة بين 11 عاما و16 عاما، يصطادونهن على الطريق ويقنعونهن في البداية بأنهم يريدون إقامة علاقة جدية معهن، ويغرونهن بالهدايا. إلا أن العلاقة تتحول سريعا إلى علاقة ضحية بمغتصب حيث يبدأ الشبان بتزويد الفتيات بالمشروبات الكحولية والمخدرات قبل تمريرهن إلى أصدقائهم ومعاونيهم لإقامة علاقات جنسية معهن.

ونقلت الصحيفة أيضا عن كبير مفتشي المباحث آلن إدواردز قوله: «يتم تمرير هؤلاء الفتيات واستعمالهن كأنهن لحم. لوقف هذا النوع من الجرائم علينا أن ندفع الجميع للحديث عنها، ولكن الجميع خائف من التطرق إلى موضوع متعلق بالعرق». وأضاف «لا أحد يريد أن يقف ويقول إن هناك شبانا باكستانيين في بعض أنحاء البلاد يجندون فتيات بيضاوات صغارا في السن، ويمرروهن إلى أقربائهم لممارسة الجنس معهن، ولكن علينا أن نتوقف عن القلق من التعقيدات العرقية».

وعندما سئل سترو عن رأيه في القضية ليل أول من أمس، لم يتردد في انتقاد المجتمع الباكستاني بشكل مباشر وقاس ونادر.

ودعا سترو المعروف عادة بأفكاره اليسارية، المجتمع الباكستاني لأن يكون أكثر انفتاحا في هذا الأمر والحديث عن التحديات لإيجاد حلول. وقال: «علينا أن نجعل المجتمع الباكستاني يفكر أكثر وبوضوح في الأسباب التي تدفع لحصول ذلك، وأن يكونوا منفتحين أكثر بالحديث عن المشكلات التي تجعل عددا من الرجال من أصول باكستانية يعتقدون أنه مسموح مهاجمة الفتيات البيضاوات بهذه الطريقة».

إلا أن تصريحات سترو لاقت انتقادات حتى من أفراد حزبه. وقال كيث فاز، رئيس لجنة الشؤون الداخلية في مجلس العموم، إنه لا يمكن طبع مجتمع بكامله بصورة نمطية. وأضاف في تصريح أمس: «لا أتفق مع جاك سترو.. لا أعتقد أنه يمكننا أن نقفز إلى استنتاج إلى أن الأمر يعتبر مشكلة ثقافية». ودعا فاز إلى فتح تحقيق في القضية «من دون خوف أو خدمة أي مجتمع».

وفي وقت يستمر فيه الجدل بين السياسيين والجمعيات حول صحة ربط الباكستانيين باستغلال القاصرات، يبدو أن الحزب الوطني البريطاني اليميني المتطرف، الذي يبني شعبيته على الهجوم على المسلمين، قد وجد لنفسه نافذة جديدة يتنفس منها. فقد ذكر على موقعه بعد كل هذه الضجة، أن زعيمه نيك غريفين «كان على حق عندما تحدث عن عصابات مسلمة تستغل الأطفال جنسيا». وغريفين اشتهر بقوله مرة إن «الصينيين خبثاء لا يرحمون والهنود قذرون ورائحتهم كريهة والمسلمين أشرار». وبدأ الحزب المتطرف الذي يؤمن بتفوق العرق الأبيض، حملة جديدة عبر طبع عشرات آلاف المنشورات التي حملت عنوان «أولادنا ليسوا لحما حلالا»، بحسب ما ذكر موقعه. ونظم الحزب مظاهرة أمس ضد هؤلاء المسلمين كرر فيها صيحاته العنصرية، وينوي توزيع منشوراته في دائرة أولدام إيست التي تشهد انتخابات فرعية يوم الخميس المقبل.