استمرار تعطيل المؤسسات الرسمية في لبنان بانتظار القرار الظني أو التسوية

ارتفاع أسعار المحروقات.. والاتحاد العمالي يدعو لمظاهرات في الأسابيع المقبلة

TT

مع بداية العام الجديد الذي من المتوقع أن يتخلله استحقاقات كثيرة، لعل أبرزها ما يتعلق بالمحكمة الدولية وقرارها الاتهامي، يستمر التعطيل عنوانا عريضا للمشهد السياسي في لبنان، بدءا من مجلس الوزراء الذي ينتظر حل عقدة «شهود الزور». وتنتظر في أدراج الوزراء وعلى جدول أعمال الحكومة، عشرات الملفات المكدسة والعالقة، منها ما يتعلق بهموم المواطنين اليومية والمشاريع التنموية، ومنها ما يتناول شؤون موظفي الدولة اللبنانية والتعيينات الإدارية في عدد من المناصب، فضلا عن الالتزامات الخارجية للدولة.

ولا تبدو حال مجلس النواب أو هيئة الحوار الوطني في وضع أفضل. وإذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفق ما نقله عنه نواب التقوه الأربعاء الفائت، عازم على الدعوة لعقد جلسة تشريعية قبل نهاية الشهر الجاري إذا «تأمنت المشاريع الكافية لجدول الأعمال، وإلا فستكون جلسة مخصصة للأسئلة والأجوبة»، فإن البحث في إمكانية انعقاد هيئة الحوار الوطني غير قائم أصلا. ووفق أوساط وزارية، فإنه ما من معطيات جديدة حول الموضوع في الوقت الراهن، وبحث الاستراتيجية الدفاعية التي تتضمن البحث في سلاح حزب الله والذي كان مطلبا ملحا في ما مضى، وكل ما عداه من قضايا أخرى، مؤجل إلى مرحلة ما بعد القرار الاتهامي في قضية اغتيال الحريري، وترجمة مفاعيل التسوية المرتقبة.

وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها كل وزير داخل وزارته لتسيير أمورها «بالتي هي أحسن»، فإن لجوء رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري إلى قاعدة «الموافقة الاستثنائية» لتمديد عقود عدد من الموظفين التي شارفت على الانتهاء، إنما يشكل وفق ما قالته مصادر نيابية في «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط»، مؤشرا على إمكانية استمرار مشهد التعطيل خلال الشهر الراهن، في أقل تقدير، معربة عن قناعتها بترابط كل الملفات الخلافية الراهنة على الساحة اللبنانية مع بعضها البعض.

وفي موازاة ذلك، ترتفع أصوات اللبنانيين تدريجيا، احتجاجا على ارتفاع أسعار المحروقات، مع وصول ثمن صفيحة البنزين إلى ما يقارب 24 دولارا أميركيا. وفيما أعلن الاتحاد العمالي العام عن الدعوة لتحرك احتجاجي في النصف الثاني من الشهر الجاري، لم يستبعد وزير الطاقة والمياه جبران باسيل وصول ثمنها إلى ما يزيد على 33 دولارا أميركيا. وأكد تأييده «المشاركة بأي مظاهرة احتجاجا على غلاء المحروقات»، مشددا على أن «الحل يكمن في خفض الرسوم عن المحروقات أولا ثم اللجوء إلى البدائل»، معتبرا أنه «إذا لم يحصل أي تحرك فستقع كوارث على الناس».

واتهم زياد قادري، النائب في كتلة المستقبل التي يتزعمها رئيس الحكومة سعد الحريري، فريق «8 آذار» بتعطيل عمل الحكومة، وقال: «عملية تعطيل عمل الدولة ومجلس الوزراء أصبحت زورا رهن ملف اسمه شهود الزور، والشعب اللبناني كله أصبح شاهدا ملكا على تعطيل فريق 8 آذار لعمل مجلس الوزراء». ودعا إلى «التواضع بعض الشيء والتنازل لمصلحة الناس وتسيير عجلة الدولة وترك الأمور الخلافية جانبا لأنها ستكون في النهاية جزءا من حل يتم العمل عليه»، مشيرا إلى أن «تعطيل عمل مجلس الوزراء ومقاطعة هيئة الحوار وانعدام التلاقي بين اللبنانيين لا يسهل ظروف الحل، لأنه مهما تضافرت جهود دول شقيقة وصديقة وكبرى فهي لن تؤدي إلى نتيجة إن لم يكن هناك جهد داخلي وحلول يتم إنضاجها بين الأفرقاء اللبنانيين».

إلا أن وزير الزراعة حسين الحاج حسن دعا إلى أن «تحل الأزمة السياسية القائمة وتستعيد الحياة السياسية دورتها»، رغم اتهام حزب الله الذي ينتمي إليه، بتعطيل عمل الحكومة. وقال: «على الحكومة إقرار البند اللازم في موازنة وزارة الطاقة والمياه لتمويل السدود.. آن الأوان لإخراج موضوع السدود من التجاذب السياسي، والقيام بالتلزيم لتخزين الكميات الكبيرة من المياه، فالوضع القائم اليوم على هذا الصعيد لم يعد يحتمل».

ولكن النائب علي حسن خليل المنتمي إلى حركة أمل، رفض اتهام «قوى المعارضة»، أي «8 آذار»، بتعطيل عمل مجلس الوزراء. ويصر بعض المنتمين إلى حركة «8 آذار» التي يرأسها حزب الله، على إطلاق لقب «المعارضة» على أنفسهم، رغم أنهم يشاركون في الحكم وهم ممثلون في الحكومة. وقال خليل: «المطلوب أن نتصارح مع بعضنا البعض عما يجب أن نقوم به في الأيام المقبلة.. المسؤولية الكبرى تتحملها الجهات التي تغيب أدوار المؤسسات في اتخاذ القرار خاصة في القضايا التي أسست لأزمات على المستوى الداخل اللبناني وساهمت في خلق التوترات الداخلية وعكرت علاقات لبنان الخارجية كقضية شهود الزور التي يجب أن تحسم».