«الوزيرـ الوديعة» حسين يسقط حكومة الحريري والأقلية تحكمت في مصيرها بفضل «الثلث المعطل»

قيادي في «14 آذار»: استقالة المعارضة تسقط آخر بنود اتفاق الدوحة

TT

منذ إعلان مرسوم تشكيلة حكومة الرئيس سعد الحريري في الساعة الثامنة من ليل التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، كان كل اللبنانيين من دون استثناء على يقين، بأن هذه الحكومة تحمل بذور التفجير والسقوط في أي لحظة، رغم إلباسها شعار «حكومة الوحدة الوطنية» الفضفاض، لأن هذه التركيبة الحكومية التي كانت إحدى ثمرات اتفاق الدوحة الذي فرض بقوة السلاح من خلال أحداث السابع من مايو (أيار)، تبين منذ اللحظة الأولى أنها حكومة مفخخة بـ«الثلث المعطل» الذي أعطي للمعارضة السابقة على الرغم من الضمانات الإقليمية التي أعطيت للحريري، ومن ضمنها اتفاق الدوحة الذي يقضي بعدم انسحاب أو استقالة أي طرف من هذه الحكومة. وهذا الثلث فجر الحكومة عند أول مواجهة سياسية حادة سببتها المحكمة الدولية، ووضع لبنان أمام المجهول، في مرحلة مصيرية ربما تكون الأدق والأخطر في تاريخه. من المعروف أن الدستور اللبناني حدد ثلاثة شروط تعتبر فيها الحكومة مستقيلة هي: إما سحب الثقة منها في المجلس النيابي، وإما استقالة رئيسها أو وفاته، وإما استقالة ثلث أعضائها زائدا واحدا. وطالما أن الشرطين الأول والثاني غير مؤمنين لفريق «8 آذار» لصعوبة إقناع رئيس الحكومة بالاستقالة، وعدم قدرته على طرح الثقة فيها أمام المجلس النيابي، لأن الأكثرية النيابية هي في يد الحريري وفريق «14 آذار»، لم يكن في وسع المعارضة السابقة إلا الضغط للحصول على ثلث الوزراء زائدا واحدا، وهذا ما أخر تأليف حكومة الحريري أربعة أشهر ونصف الشهر.

من الواضح أنه لم يكن في وسع سعد الحريري وكل مكونات «14 آذار»، على الرغم من فوزهم بالأكثرية في الانتخابات النيابية، إلا القبول بإعطاء الأقلية الثلث المعطل حتى لا يبقى الفراغ الحكومي مستمرا، فكان المخرج الإلزامي لمغادرة دوامة التعطيل، اتفاق شكلي بحيث لا تحصل الأكثرية النيابية (14 آذار) على الأكثرية الموصوفة في الحكومة، فتكون حصتها 15 وزيرا من أصل 30، وأن لا تحصل الأقلية (8 آذار) على الثلث المعطل فتأخذ عشرة وزراء، وتعطى الكفة المرجحة لرئيس الجمهورية ميشال سليمان خمسة وزراء، هذا في الشكل؛ أما في المضمون، فإن المعارضة أخذت الثلث المعطل عبر تسميتها لأحد الوزراء من حصة رئيس الجمهورية كـ«وديعة» لها وهو الوزير الشيعي عدنان السيد حسين، كما حصل فريق «14 آذار» على الأكثرية الموصوفة أي النصف زائدا واحدا، من خلال تسميته لـ«وزير وديعة» من حصة الرئيس سليمان هو وزير الدولة عدنان القصّار. غير أن القنبلة التي فجرها رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، بإعلانه الخروج من «14 آذار» في 8 أغسطس (آب) 2008 والانتقال إلى موقع الوسط، قلب الأمور رأسا على عقب وأفقد الأكثرية أكثريتها الحكومية، ووضع حزب الله وحلفاءه في الموقع الأقوى، وخير تعبير على ذلك ظهور رئيس الحكومة وفريقه في وضع ضعيف عندما طلب حزب الله التصويت على إحالة ما سمي ملف «شهود الزور» إلى المجلس العدلي، بعد التزام جنبلاط الضمني تجاه سورية وحلفائها بأنه سيكون مع إحالة هذا الملف إلى المجلس العدلي إذا ما تقرر التصويت عليه.

وفي وقت كان فيه حزب الله وحلفاؤه، شديدي التمسك باتفاق الدوحة حتى بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، خاصة أن هذا الاتفاق منحهم امتيازات كبيرة، أكد قيادي في «14 آذار» أن «استقالة وزراء «8 آذار» من الحكومة، أسقطت آخر بند من بنود اتفاق الدوحة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن البنود الرئيسية لاتفاق الدوحة نصت على عدم استخدام السلاح في الداخل، وتعهد جميع الأطراف بعدم تعطيل الحكومة وعملها، والتعهد بعدم الاستقالة من الحكومة لأي سبب كان، والالتزام بالمحكمة الدولية»، وذكّر القيادي بأن «حزب الله وملحقاته نسفوا كل اتفاق الدوحة، فهو استخدم سلاحه في الداخل مرتين وروع الآمنين في بيروت من خلال أحداث عائشة بكار في يونيو (حزيران) 2009، وأحداث برج أبو حيدر في أغسطس (آب) 2010، وهو عطل الحكومة لأشهر من خلال فرض شروطه على بنود جلسات مجلس الوزراء، وانقلابه على تأييده للمحكمة الدولية سواء في مقررات طاولة الحوار أم في البيانات الوزارية لحكومة فؤاد السنيورة الثانية وحكومة سعد الحريري، وأخيرا الاستقالة من الحكومة»، وشدد القيادي على ضرورة «العودة إلى اتفاق الطائف والاحتكام إلى ما تفرزه نتائج الانتخابات النيابية عبر أكثرية تحكم وأقلية تعارض»، ورأى أن «بدعة حكومة الوحدة الوطنية خربت الوحدة الوطنية وخلقت فيتوات غير موجودة في كل ديمقراطيات العالم».