مصدر قضائي والوزير حرب: القرار الاتهامي خلال 72 ساعة

المصدر لـ «الشرق الأوسط»: عدم التعاطي مع القرار يرتب على لبنان مسؤوليات

صورة من النظام الاساسي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان موضوعة بجانب صورة لرئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري موجودة في مقبرته (أ.ف.ب)
TT

بينما أدخلت استقالة الحكومة اللبنانية، أو إسقاطها بالثلث المعطل، لبنان في أزمة مفتوحة على شتى احتمالات التصعيد، غير أن الخطر الأكبر من استقالة حكومة سعد الحريري هو التداعيات المرتقبة للقرار الاتهامي الذي يتوقع أن يصدر بين ساعة وأخرى عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وما قد تحمله من تحركات لفريق «8 آذار»، خصوصا حزب الله على الأرض، خصوصا أن إقالة الحكومة مردها إلى إخفاق المساعي العربية وتحديدا السعودية - السورية في إنضاج حل سياسي كان يأمله الحزب وحلفاؤه، يطيح بالمحكمة ويدفن القرار الاتهامي في مهده، ولعل ما زاد المخاوف لدى المواطنين في لبنان وأعاد طرح سيناريوهات مقلقة من قبل فريقي 8 و14 آذار للمرحلة التي ستلي صدور هذا القرار مباشرة، هو المعلومات الواردة من لاهاي، التي أفادت بأن المدعي العام لدى المحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار، سيسلم قراره الاتهامي إلى قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة القاضي دانيال فرانسين قريبا جدا وربما خلال ساعات.

اللافت ما أعلنه أمس وزير العمل في الحكومة المستقيلة بطرس حرب، الذي أكد أن «المراجع العليا في لبنان تبلغت بأن القرار الاتهامي سيرفع خلال 72 ساعة»، وقال: «نعم سيرفع القرار الاتهامي إلى قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية دانيال فرانسين بعد غد الاثنين (غدا)، هذا ما تبلغته بيروت من لاهاي».

في هذا الوقت، أوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن «تسليم بلمار قراره الاتهامي إلى فرانسين لا يعني أن القرار الاتهامي صدر؛ لأن الأخير يحتاج إلى وقت لدراسته وتقدير قوة الأدلة والإثباتات التي يستند إليها». وأعلن أنه «في حال قرر قاضي الإجراءات التمهيدية اعتماد القرار وما يتضمنه من معلومات، سيبادر إلى نشره أولا، إما بكامله وإما جزئيا، ثم ينتقل إلى مرحلة إرسال التبليغات إلى الدول التي لديها متهمون في القضية، وإذا كان لبنان من ضمن الدول التي لديها مواطنون متهمون، سيتم إرسال التبليغات إلى مكتب المحكمة الدولية في بيروت، الذي سيسلمه بدوره إلى القضاء اللبناني لتنفيذ مضمون هذه التبليغات»، وإذ رفض المصدر القضائي «إعطاء تكهنات حول ما سيكون عليه الوضع في حال عجزت المؤسسات الرسمية اللبنانية عن التعاون مع المحكمة وقراراتها»، أكد أن «هذا الامتناع عن التعاون يرتب على لبنان مسؤوليات وتداعيات، وعندها قد تلجأ المحكمة إلى مخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) لإخطاره بعدم استجابة لبنان لطلباتها، وهذا الأمر سيرفعه الأمين العام إلى مجلس الأمن الذي يتخذ قرارا بذلك، لا سيما أن قرار إنشاء المحكمة الدولية جاء تحت الفصل السابع».

واعتبر عضو كتلة «المستقبل» (التي يرأسها سعد الحريري) النائب هادي حبيش، أن «خطوة تسليم بلمار القرار الاتهامي إلى القاضي (دانيال) فرانسين، لن تؤدي إلى تغيير في وجهة الملف؛ لأنه سيبقى متمتعا بطابع السرية إلى أن يصدقه فرانسين وفق إجراءات المحكمة، لكن بمجرد تسليم القرار فذلك يعني أن المدعي العام توصل إلى أدلة». وأكد حبيش لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد أن يصبح القرار بمتناول فرانسين وينتهي من درسه، سيكون الأخير أمام 3 خيارات، الأول: تصديق القرار ونشره، والثاني: أن يعيد إلى بلمار بعضا منه للتدقيق في المعلومات وتثبيتها، والثالث: أن يرده برمته إن لم يقتنع بأدلته وإثباتاته، لإعادة درسه»، وجدد حبيش موقف «14 آذار» بأن «هذا القرار إذا صدر سيخضع من قبلنا إلى قراءة قانونية معمقة، فإذا كان مسيسا وغير مستند إلى أدلة وبراهين قاطعة سنرفضه قبل حزب الله، أما إذا كان مستندا إلى أدلة وإثباتات وبراهين دامغة، فلا أحد يستطيع رفضه، وهذا ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد، ونحن نؤيده بذلك». وقال: «لا أحد يمكنه أن يتكهن بما سيقدم عليه حزب الله عند صدور القرار، لكن قياديي الحزب يقولون إن مرحلة ما بعد القرار ليست كما قبله، فهل يلجأون إلى 7 أيار جديد وإلى قتل الناس؟ هذا شأنهم، لكن باعتقادي أن حزب الله وحلفاءه محشورون بتنفيذ تهديداتهم، وقد توعدوا باحتجاز نواب وخطف شخصيات سياسية وأمنية وقضائية ووضعهم في صناديق السيارات، لكن ذلك كله إن حصل لن يغير في الواقع شيئا، ولن يدفعنا إلى التنازل عن ثوابتنا وفي مقدمتها المحكمة الدولية والعدالة».

أما لجهة موقف حزب الله وفريق «8 آذار»، فأعرب عضو كتلة حزب الله النائب وليد سكرية لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده أنه «إذا صدر القرار الاتهامي في هذه المرحلة بالفعل، تكون الإدارة الأميركية قد حققت مؤامرتها في إحداث فتنة في لبنان وبدأت بعملية تفتيت الساحة اللبنانية من أجل تمرير مشروعها الشرق أوسطي الجديد بالاتفاق مع حليفتها الأولى إسرائيل». وحول التداعيات المحتملة للقرار، أشار سكرية إلى أن «أول هذه التداعيات خلق فتنة سنية - شيعية في لبنان». واستدرك قائلا: «إذا وجه الاتهام إلى المقاومة اليوم، فهذا لا يعني أن الفتنة ستقع غدا، لكن يجب أن نرى ما ستفعله أميركا وإسرائيل، ومن غير المستبعد أن تسعى إلى سلسلة اغتيالات وتفجيرات في لبنان».

وذكر سكرية بأنه «عندما أرادت الإدارة الأميركية من سورية أن تتعاون معها في موضوع العراق اغتيل الرئيس رفيق الحريري وحدثت سلسلة اغتيالات في صفوف قادة (14 آذار)، مما سبب انسحاب سورية من لبنان وإنشاء المحكمة الدولية، وما نخشاه اليوم هو أن تعيد هذه الإدارة السيناريو نفسه بعد القرار الاتهامي فتلجأ إلى الاغتيالات والتفجيرات للضغط على المقاومة وتمرير المحكمة الدولية». وعن الإجراء الذي قد يتخذه حزب الله إثر صدور القرار الاتهامي، قال: «إن هذا أمر تقرره قيادة الحزب والمقاومة في حينه ولا يمكننا أن نستبق الأمور».