السير جيف هيرست: لاعبو إنجلترا الحاليون لا يفخرون بقميص منتخب بلادهم

صاحب هدف الفوز بكأس العالم عام 1966 يرى أن جيله لم يحظ بالتقدير المناسب من مسؤولي اللعبة

TT

كان السير جيف هيرست نجم المنتخب الإنجليزي الفائز بمونديال 1966 يقف في صف طويل في انتظار ركوب سيارة أجرة مؤخرا، وكان يتقدم ببطء تجاه مقدمة الصف. وكان يقف على رأس الصف رجل في بدايات العقد الثاني من عمره، صاح قائلا: «هل ترغب في ركوب سيارة أجرة يا سيد هيرست تفضل؟». إنجلترا مازالت ممتنة لإنجازات الشخصيات البارزة فيها على الإطلاق، وتنتقل ذكريات يوم 30 يوليو (تموز) عام 1966 عندما فاز المنتخب الإنجليزي بكأس العالم من جيل إلى جيل.

ورفض هيرست هذا العرض بأدب، بعدما شكر هذا الشاب.

واستدعى هيرست، 69 عاما، الفائز ببطولة كأس العالم مع الفريق الذهبي للمنتخب الإنجليزي، والذي كان يجلس في أحد الفنادق الراقية بمنطقة كوتسولدز بالقرب من منزله ذكريات هذه الفترة، وتأمل المنتخب الإنجليزي خلال الفترة الماضية، عاقدا مقارنة مع فريق الفترة الحالية، وتذكر زميله «جيمي غريفيز» وأين هو من «واين روني» وأهمية الحركة التطوعية في الحفاظ على القاعدة الشعبية بقوله: «كانت مشاعر الاحترام والتوقير التي عرض علي بها الشاب سيارة الأجرة مؤثرة». وقال هيرست: «لا يمضي أي يوم مطلقا دون أن يتحدث معي بعض الأشخاص عن كأس العالم، إنه أمر مهم جدا. أنا أحاول أن أغير الحديث خلال تناولي لوجبات العشاء لأنه يشبه طريقا أحادي الاتجاه بشكل بسيط، وأنا مهتم بالفعل بما يفعله الأشخاص الآخرون». وهناك تقدير واحترام في إنجلترا للسير هيرست، الرجل الذي يقدر ما منحته الحياة إياه بقوله: «نشأت في بيت فقير. لقد كانت المباراة النهائية أمام ألمانيا الغربية تمثل تجربة حماسية وعاطفية لآبائنا وأجدادنا، حيث حارب والد زوجتي في فرقة المظلات بألمانيا، لذا كانت هناك الكثير من المشاعر القوية لدى العديد من الأشخاص ضمن صفوف الجماهير. ولكن كان هناك احترام كبير بين اللاعبين. وما حققناه في بطولة كأس العالم عام 1966 أصبح أكثر خصوصية بمرور الوقت لأن إنجلترا لم تكن قد فازت بهذه البطولة قبل ذلك التاريخ ولا بعده».

وتصيب قوة الأندية وسطوتها هيرست بالقلق، ويقول: «أصبحت الأندية الإنجليزية أكثر أهمية من المنتخب الوطني، دائما ما يقول لي الناس في الشوارع بأن اللاعبين الإنجليز لا يبدون وكأنهم يفخرون بارتداء قميص المنتخب الإنجليزي. وأنا أشعر بالدهشة عندما يرفض بعض اللاعبين الانضمام إلى صفوف المنتخب». وأضاف: «من الهراء المطلق أن يقول بعض الناس إن بطولة دوري أبطال أوروبا أكبر وأفضل من بطولة كأس العالم. ولا يمكن أن يكون هناك أي شيء أفضل من تمثيل المنتخب الإنجليزي، سواء في لعبة الرماية بالسهم أو الدومينو أو الدراجات الهوائية أو كرة القدم. ولكن أصبح من الواضح بشكل إضافي أن اللاعبين لا يشعرون بهذه الميزة».

وتابع هيرست قوله: «يخسر اللاعبون فرصة تحقيق إنجاز لبلادهم، وقد اشتركنا في شيء مميز خلال عام 1966. وأنا أشعر بالأسى إزاء اللاعبين الذين لم يقتربوا من تحقيق شيء ما للمنتخب الإنجليزي. وفي بطولة كأس العالم الأخيرة بجنوب أفريقيا، لم تكن هناك صداقة حميمة في معسكر اللاعبين، وكانت أجواء التقارب مفقودة بين صفوفهم. روح الفريق أمر حيوي، وخصوصا عندما يكون اللاعبون بعيدا عن الوطن لفترة معينة من الوقت. ولا أعتقد أن المدير الفني فابيو كابيللو كان يفهم ذلك. إنه مدير فني جيد، ولكنه لم ينجح في إدارة المنتخب الوطني خلال بطولة كأس العالم الأخيرة، حيث أخذ اللاعبين مباشرة بعد انتهاء الموسم إلى النمسا، وهو أمر منطقي بسبب ارتفاعها عن سطح البحر، ولكن هذه الخطوة كانت سريعة جدا، وتعرض اللاعبون الإنجليز للملل. لقد كنا نمارس ألعاب الورق لمدة 24 ساعة يوميا أو نذهب إلى السينما، ولكن اللاعبين الحاليين ليست لديهم القدرة على الصمود طوال هذه الفترة مثلنا».

ويرى هيرست أن هناك من يقول إن المنتخب الإنجليزي في عام 1970 كان أفضل مستوى من المنتخب الذي خاض بطولة كأس العالم عام 1966. لقد لعب «آلان مولري» دور «نوبي ستايلز» بشكل جيد، وكان «فراني لي» في كامل لياقته البدنية والفنية في خط الهجوم. وكان يمكننا مواصلة طريقنا في بطولة كأس العالم عام 1970، ولكننا خسرنا غوردون بانكس، أعظم حارس مرمى على الإطلاق، قبل مباراتنا مع ألمانيا الغربية وخسرنا هذه المباراة».

وقد مر 45 عاما الآن على فوز إنجلترا ببطولة كأس العالم، وبقي السؤال: هل يمكن أن يكرر المنتخب الإنجليزي ذلك الإنجاز كما حدث في عام 1966؟. يقول هيرست: «في الوقت الحالي، نحن نفقد الكرة بسهولة كبيرة جدا. ومنذ العصر الذي لعبت فيه، كان اللاعب الوحيد الذي يمكن أن ينضم إلى فريقنا الفائز بكأس العالم عام 1966 هو برايان روبسون نجم فترة الثمانينات».

وبسؤاله عن آشلي كول المدافع الأيسر الحالي، هز هيرست رأسه، وقال: «ليس آشلي كول مثل راي ويلسون فالأخير كان لاعبا من طراز عالمي. اللاعب الوحيد الذي يمكن أن أختاره من الموجودين الآن لينضم لنجوم 1966 هو واين روني، ولكن ليس بدلا مني! وقد كنت أتمنى لو لعبت مع واين روني. وأفضل مركز بالنسبة له هو مركز المهاجم الحر، كان يمكن أن نتفاهم مع بعضنا البعض بشكل جيد، كما يفعل حاليا مع ديميتار بيرباتوف».

وفي سياق حديثه عن المهاجمين لم يغفل ذكر زميله جيمي غريفيز، الذي خسر مكانه لهيرست خلال بطولة كأس العالم عام 1966.

ويقول هيرست: «شعر بعض اللاعبين بأننا لعبنا بشكل أفضل لأنني كنت أكبر من الناحية البدنية من جيمي. كان المدافعون يمررون الكرة إلى الأمام، وكان يمكن أن نستحوذ عليها بقليل من الجهد، لقد كان جيمي مستاء جدا في ذلك الوقت، ولكن علاقتنا الشخصية كان جيدة. وكان من طبعه أنه لا يبالي بالأمور. وبعد أن أضاع ركلة جزاء لصالح فريق توتنهام هوتسبير أمامنا (وستهام)، جرى بجواري وقال: «أحيانا تسير الأمور على النحو الصحيح، وأحيانا أخرى لا تسير على النحو الصحيح». وانحرف عقل هيرست إلى مثله الأعلى في مرحلة الطفولة عندما قال: «إنه نات لوفتهاوس. لم يكن لاعبا رائعا فحسب، ولكنه كان إنسانا نبيلا أيضا. وقد سجل لوفتهاوس ثلاثين هدفا خلال 33 مباراة خاضها في صفوف المنتخب الإنجليزي، يا له من معدل رائع». وقال هيرست: «إذا كان لوفتهاوس يلعب الآن، فسوف يكون سعره الأعلى بين الجميع، إنه لا يقدر بثمن. تفتقد كرة القدم اللاعبين الأقوياء القدامى. لا يمكن للاعب دائما أن يشق طريقه في اتجاه المرمى بنجاعة ومهارة، يحتاج المرء إلى لاعبين على غرار آلان شيرار لمجاراة المدافعين الأقوياء. أنا أحب ديديه دروغبا، الذي يتمتع بقوة بدنية. وهذا هو الشيء الذي يفتقده فريق أرسنال الذي يقدم كرة قدم راقية».

ويتفق هيرست في الرأي القائل بأن التركيز الذي تفرضه وسائل الإعلام في الوقت الحالي على اللاعبين وحياتهم الشخصية أكثر حدة بقوله: «كنا نسير من مقر إقامة المنتخب الإنجليزي في هيندون هول وتوجهنا إلى السينما خلال الليلة التي سبقت المباراة النهائية لبطولة كأس العالم دون أن يوقفنا أي شخص، ولم يكن يطاردنا أي فرد يرغب في الحصول على توقعينا، أو أي صحافي أو مصور. وفي صبيحة اليوم التالي من فوزنا ببطولة كأس العالم، كتبت الصحف: «إنجلترا تفوز بكأس العالم، انظر الصفحة الأخيرة». ولو حدث ذلك الآن فسوف يكون التركيز الإعلامي أكبر بمائة ضعف».

وعلى الرغم من امتداحه لمشاعر الدفء التي يلاقيها باستمرار من العامة، يشعر هيرست بالإحباط من أن لاعبي منتخب «الأسود الثلاثة» الذين فازوا بكأس العالم عام 1966 لم يحظوا بالتقدير المناسب من قبل مؤسسة كرة القدم. وقال هيرست: «نحن نتعامل بطريقة محزنة مقارنة بما يحدث في الدول الأخرى، حيث تمجد ألمانيا وإيطاليا الأشخاص الذين شاركوا في الفوز بالبطولات. وبغض النظر عن تريفور بروكينغ، هناك عدد قليل جدا من الأشخاص في الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم الذي مارسوا لعبة كرة القدم على مستوى بارز».