قوى «14 آذار» تعول على «حكمة» رئيس الجمهورية.. وتطالبه برفض تشكيلة حكومية تستثنيها

هل يكرر سليمان تجربة 2009 ويرفض التوقيع على تشكيلة ميقاتي الوزارية؟

TT

ترمي قوى «14 آذار» اليوم الكرة في ملعب رئيس الجمهورية ميشال سليمان بعد فشل مفاوضاتها مع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي. وتنتظر منه خلال أيام، تكرار تجربة عام 2009 حين رفض التوقيع على تشكيلة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري باعتبار أنها «لا تحظى بتوافق كافة القوى اللبنانية». حينها نقل عن الرئيس سليمان أنه «لن يتصرف على أنه ملزم بتوقيع مشروع المرسوم الذي أعده الرئيس المكلف وسلمه إياه، بل سيتعامل معه على أنه مسودة مشروع تشكيلة حكومية، يحتاج إلى نقاش مع بقية القوى في البلاد لتحويله إلى حقيقة». ما كان في الـ2009 يشبه إلى حد بعيد المشهد اللبناني العام اليوم مع قلب الأدوار، فالفريق الأكثري قبل عامين أصبح أقلية جراء إعادة تمركز رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في صفوف قوى «8 آذار» التي أصبحت بدورها تشكل الأكثرية النيابية التي كلفت الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة.

ويعول نائب رئيس تيار المستقبل أنطوان أندراوس على «حكمة الرئيس سليمان الذي هو حارس الدستور» مطالبا إياه «بلعب دوره كاملا كمصدر للسلطات وخاصة بما خص تمرير تشكيلة الرئيس ميقاتي الحكومية». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة كان إجراء غير طبيعي وديمقراطي». ويضيف: «نعلم تماما أنه جرى جراء ضغوطات خارجية لذلك نتكل على الرئيس لتحسين أدائه ولعب دور الحكم الذي يسهر على تفاصيل الحياة السياسية في لبنان».

ويشير أندراوس إلى أن «أمل قوى (14 آذار) كبير بأن يرفض الرئيس سليمان أي تشكيلة حكومية تضم وجوها استفزازية وألا يقبل أي ممارسات كيدية أو انتقامية في العمل الحكومي المنتظر». ويضيف: «الأهم بالنسبة لنا أن يحرس لنا المحكمة الدولية ويسعى لعدم فك ارتباطنا بها فنحن نعلم تماما أنه حريص كل الحرص على عدم وضع لبنان بمواجهة المجتمع الدولي والأمم المتحدة».

ويعتبر أندراوس أن «لا مشكلة بتوقيع الرئيس سليمان على حكومة من لون واحد كونها إحدى قواعد اللعبة الديمقراطية لكن المشكلة هي في الطريقة التي تمت فيها التسميات وكلف من خلالها الرئيس ميقاتي» ويقول: «كفى استخفافا بعقولنا وعقول اللبنانيين فكلنا نعلم أن الرئيس ميقاتي ليس مرشحا وسطيا بل هو مكلف من قبل حزب الله وسورية التي تجمعه بها وبنظامها الحاكم علاقات وثيقة».

في المقابل، يشدد النائب حكمت ديب (كتلة ميشال عون) على أن «هناك فارقا كبيرا بين الظروف الحالية والظروف التي كانت سائدة عام 2009، خاصة أن قوى (14 آذار) هي من ترفض اليوم المشاركة». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «في عام 2009 رفض الرئيس سليمان توقيع مرسوم الحكومة لأنه كان هناك طائفة مستثناة من الحكم وأخرى ممثلة تمثيلا هزيلا أما اليوم فكل الطوائف ستكون ممثلة بأفضل تمثيل وخاصة الطائفة السنية إذ كنا حريصين على الإتيان بشخصيات سنية لديها حيثيتها الشعبية والمناطقية وهي سليلة عائلات عريقة في التاريخ اللبناني كعائلات الصلح وميقاتي والصفدي وغيرها». ويؤكد ديب على أن «التشكيلة الحكومية التي سيحملها الرئيس ميقاتي إلى قصر بعبدا لن تكون منقوصة التمثيل أو غير ميثاقية بل دستورية وميثاقية 100%» لافتا إلى أن «الرئيس سليمان لن يكون محرجا في التعاطي معها خاصة أنه مطلع تماما على أجواء التحضير للولادة الحكومية».

وعن حصة رئيس الجمهورية يقول ديب: «نحن لم نكن يوما ضد إعطاء حصة للرئيس لأننا نعلم تماما أن كل الوزراء يجب أن يكونوا تابعين له فهو في النهاية الحكم. ولا شك أنه حصل على حصة في الحكومة المنتظرة خاصة أن شكل وحجم الحكومة يسمح بإعطاء كل صاحب حق حقه».

وفيما ترفض مصادر رئيس الجمهورية التعليق على موضوع إمكانية عدم توقيعه على مراسيم الحكومة الجديدة باعتبارها لا تمثل كل الفرقاء، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن بانتظار أن نطلع على التشكيلة لنبني على كل شيء مقتضاه والرئيس الذي لم يحد يوما عن دوره التوافقي لن يحيد اليوم».

بدوره، يشدد الخبير القانوني حسن الرفاعي على أهمية دور رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «اتفاق الطائف أناط صلاحيات واسعة للرئيس في هذا الإطار تفوق صلاحيات رئيس الحكومة المكلف خاصة أنه يعود له شخصيا رفض أي تشكيلة حكومية يرى أنها لا تؤمن المصلحة الوطنية العليا». ويستهجن الرفاعي ما يحكى عن حكومة ميثاقية وغير ميثاقية لافتا إلى أن «عباقرة السياسة في لبنان وضعوا القوانين والدساتير جانبا ليخرجوا بفتاوى على قياسهم» وأضاف: «كل ما ينص عليه الدستور وفي مادته 95 هو ضرورة أن تتمتع أي حكومة بتوازن طائفي ومذهبي فقط لا غير».

يشار إلى أنه بعد توقيع مرسوم التأليف من قبل رئيس الجمهورية، يدعو رئيس الحكومة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، ويكلف لجنة وزارية بمهمة صياغة مسودة البيان الوزاري، ومن ثم يتوجه أعضاء الحكومة الجديدة في اليوم التالي إلى القصر الجمهوري لالتقاط الصورة التذكارية مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب باللباس الأبيض، وفقا لما يقتضيه البروتوكول. وبعد الانتهاء من صياغة بيانها الوزاري، تتوجه الحكومة إلى البرلمان لعرضه على مجلس النواب لتنال الثقة على أساسه وتباشر مهامها كسلطة تنفيذية.