تونس: 23 حزبا سياسيا تنتظر الترخيص.. وحديث عن مجلس لحماية الثورة

تواصل رفض المحافظين الجدد جراء انتمائهم إلى حزب الرئيس المخلوع

الرئيس التونسي بالوكالة فؤاد المبزع (يسار) ورئيس الوزراء محمد الغنوشي (الثاني من اليمين) أثناء اجتماع للحكومة أمس(أ.ب)
TT

ينتظر أن تتعزز الساحة السياسية التونسية بالكثير من الأحزاب الجديدة ذات الاتجاهات المختلفة.. فيما تسعى أطراف تونسية إلى بعث فكرة مجلس حماية الثورة، في محاولة لطمأنة التونسيين حول مآل الثورة، وذلك وسط أنباء تتحدث عن تواصل رفض الولاة الجدد جراء انتمائهم إلى حزب الرئيس المخلوع، وتنامي عمليات اقتحام ونهب المحلات والممتلكات.

ولا يزال 23 حزبا تونسيا تنتظر الانخراط القانوني في العمل السياسي، وذلك منذ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، تاريخ فتح الأبواب أمام حرية تكوين الأحزاب بعد الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي.

وحصل 15 حزبا على وصل تسليم الملف، وهي: المؤتمر من أجل الجمهورية، وحزب الديمقراطية المباشرة، وحزب الحرية والكرامة، وحزب الوسط الاجتماعي، وحزب اليسار الحديث، وحزب الإصلاح والعدالة الاجتماعية، وحزب الكرامة والمساواة، وحزب اللقاء الإصلاحي، وحركة النهضة، وحركة الوحدويين الأحرار، وحزب الشباب الديمقراطي، والحركة الوحدوية التقدمية، والحزب الحر الشعبي الديمقراطي، وحركة شباب تونس الأحرار، والحزب السني التونسي.

وبعد 14 يناير تاريخ الإطاحة بابن علي، حصلت أربعة أحزاب على ترخيص قانوني، وهي حركة البعث (يسار)، والحزب الاشتراكي اليساري، وحزب العمل الوطني الديمقراطي (يساري منشق عن حزب العمل الشيوعي التونسي)، وحزب تونس الخضراء (حزب بيئي).

ولا تزال مجموعة أخرى من الأحزاب تنتظر الحصول على وصل الإيداع. ويتعلق الأمر بحركة الشعب، وحزب العدالة، وحزب الحرية من أجل العدالة والتنمية، وحزب الخضر التونسي، وحزب الحرية والتنمية، وحزب العدالة والمساواة، وحزب الجمهوريين الأحرار. وتضاف هذه الأحزاب إلى تسعة أحزاب تونسية كانت تنشط في عهد الرئيس المخلوع بما فيها التجمع الدستوري الديمقراطي الذي جمدت وزارة الداخلية أنشطته، وأغلقت مقراته تمهيدا لحله.

ويتوقع المراقبون أن يتجاوز عدد الأحزاب السياسية في تونس الثلاثين حزبا، ويرون أن زخم تكوين الأحزاب سيمر بسرعة، وسيندثر الكثير منها خلال الفترة القادمة.

ويظل التساؤل مطروحا بشأن مدى إمكانية الترخيص لحركة النهضة بزعامة راشد الغنوشي، التي اعتبر قياديوها أن منح الترخيص لهم ليس مرتبطا بقانون الأحزاب بقدر ما هو قرار سياسي بيد وزارة الداخلية التونسية. ونفس التساؤل يظل مطروحا بالنسبة لحزب العمال الشيوعي التونسي (أقصى اليسار) بزعامة حمة الهمامي.

بيد أن أجواء الانفتاح السياسي وسهولة تكوين الأحزاب، لم تتمكن من التغطية على الانفلات الأمني الحاصل في عدة مناطق، نظرا لأن تمثيلية تلك الأحزاب غالبا ما تبرز في تونس العاصمة وبعض المدن الكبرى. وعرفت مناطق عدة من تونس عمليات نهب وسرقة واعتداءات على الأملاك العمومية والخاصة. ففي محافظة منوبة القريبة من العاصمة، حاولت مجموعة تتكون من نحو 200 شخص يحملون أسلحة بيضاء وهراوات، صباح أمس، اقتحام مقر المحافظة، مما أجبر قوات الجيش على التدخل للسيطرة على الوضع. وقالت مصادر عسكرية متمركزة بالقرب من مقر المحافظة إن عناصر من المجموعة المسلحة اندست في صفوف المواطنين المتجمعين بدعوى المطالبة بتحسين أوضاعهم الاجتماعية، وأرادت إثارة الفوضى. وقالت المصادر ذاتها إنه تم «طلب تعزيزات عسكرية لتفادي أي تطورات محتملة».

وما زالت ظاهرة السطو والحرق ونهب الممتلكات العمومية والخاصة تسيطر على الوضع في الكثير من بلدات ولاية جندوبة (160 كم شمال غربي العاصمة)، حيث هاجمت مجموعات معملا للملابس المستعملة ونهبت كل ما فيه، كما شهدت نفس المنطقة عمليات سطو وحرق لمعمل لإنتاج الزبدة، ووحدة لتربية الأرانب والنحل. وقال شهود عيان إن رجال الأمن أصبحوا يتجنبون التدخل خشية استهدافهم ومراكزهم بالاعتداء أو الحرق.

وتواصلت الاحتجاجات في الكثير من المحافظات ضد تسمية الولاة الجدد على خلفية انتمائهم إلى النظام السابق. ففي مدنين (440 كم جنوب تونس)، غادر الوالي (المحافظ) الجديد مقر الولاية تحت حماية الجيش جراء احتجاجات المواطنين الذين قدموا من مختلف البلدات.

وفي بنزرت (60 كم شمال العاصمة)، اضطر الوالي الجديد إلى الانسحاب أمام إصرار المحتجين أمام مقر الولاية على رفضه، رافعين لافتات ترفض تعيينه واليا لانتمائه إلى حزب التجمع الدستوري الديمقراطي.

ولم تتمكن التطمينات التي قدمها فؤاد المبزع، رئيس الجمهورية المؤقت، في خطاب ألقاه الليلة قبل الماضية، هو الأول من نوعه منذ تسلمه مقاليد الرئاسة المؤقتة، من عودة الهدوء إلى هذه المحافظات. وأشار المبزع إلى أن نتائج الثورة بدأت تظهر في المجال السياسي.

ولاحظ المبزع أن التحرك الاجتماعي في أغلب القطاعات، الذي رافقته مطالب بمعالجة الأوضاع في نفس الوقت، يعد أمرا مفهوما لأنه إفراز لتراكمات تعود إلى 23 سنة، داعيا المواطنين إلى تفهم الوضع الذي تمر به البلاد، والتحلي بالصبر، وعدم التوقف عن العمل مع مواصلة المطالبة بالإصلاحات بطريقة حضارية وعقلانية ومنظمة تحفظ حقوقهم وتحافظ على المؤسسات.

وأضاف المبزع أن الحكومة ستبدأ قريبا مفاوضات اجتماعية على نطاق وطني تضم كل القطاعات. وقال إن التونسي أثبت أنه يتحلى بالمسؤولية والحس الحضاري، خاصة أن المفاوضات الاجتماعية ستمثل أفضل إطار للتشاور حول السبل الكفيلة بتحسين أوضاع كل الفئات في كل القطاعات.

وفي غضون ذلك، تسعى الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بتنسيق مع الاتحاد العام للشغل، ونقابة المحامين، إلى تكوين مجلس لحماية الثورة والانتقال الديمقراطي، مهمته الأساسية بلورة مبادرات سياسية تعرض على لجنة الإصلاح السياسي، وضمان عدم الالتفاف على مطالب الثورة.

وقال حسين العباسي، الأمين العام المساعد بالاتحاد العام للشغل، إن المناطق الداخلية ستكون ممثلة في تركيبة المجلس، ومن المنتظر أن يشمل المجلس بقية الأطراف السياسية ومكونات المجتمع المدني.

من جهة أخرى، قالت وزارة التشغيل في الحكومة المؤقتة إنها سترفع قيمة منحة البحث عن الشغل من 150 دينارا تونسيا (نحو 100 دولار)، إلى 250 دينارا، بعد أن احتج أصحاب الشهادات الجامعية العاطلين عن العمل، ورفضوا القدر المالي للمنحة المقررة.