رئيس الوزراء الفرنسي يبدأ جولة تشمل السعودية والإمارات

المباحثات تشمل مصر ولبنان وعملية السلام

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون يتحدث في لقاء حول التصدير في باريس أمس (رويترز)
TT

يصل رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون ليلا إلى جدة، في أول جولة له في منطقة الخليج، تقوده تباعا إلى المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة، ويلتقي خلالها كبار المسؤولين في البلدين.

وقالت مصادر رئاسة الحكومة في عرضها للزيارة أمس إنها تتم «في ظرف إقليمي حساس سبب قلقا في منطقة الخليج» لجهة تداعياته وانعكاساته على الاستقرار في المنطقة، مشيرة إلى ثلاثة عوامل رئيسية هي: تفاعلات الوضع في مصر، القلق في لبنان بعد إسقاط حكومة سعد الحريري وتداعيات المحكمة الدولية، وأخيرا الطريق المسدود الذي آلت إليه الجهود الأميركية لتحريك المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

ويبدأ فيون زيارته إلى السعودية من جدة، حيث توجد حاملة الطائرات شارل ديغول ذات الدفع في مياهها، مع مجموعة القطع المرافقة لها، ومنها غواصة هجومية وفرقاطة لمحاربة الغواصات وأخرى للدفاع الجوي وسفينة تزود بالوقود وطوافات. ويشهد فيون عمليات إقلاع وهبوط من وعلى الحاملة. هذه المجموعة هي في طريق عودتها من مهمة دعم جوي لقوات الحلفاء في أفغانستان بدأت قبل ثلاثة أشهر ونصف الشهر، وتنتهي بعودة المجموعة إلى مرفأ طولون بعد أسبوعين. وستقوم القوة الفرنسية بعمل تدريب مشترك مع قوة جوية - بحرية سعودية تحت مسمى «وايت شارك» في عرض جدة.

وقالت المصادر الفرنسية إن زيارة فيون، الذي سيلتقي في الرياض الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، والأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني وزير الداخلية، تستهدف ثلاثة أغراض، أولها التشاور بشأن الأوضاع الإقليمية وتطوراتها، والتعرف على «رؤية» المملكة لما هو حاصل في لبنان والعراق ومصر وملف المفاوضات، والحرب على الإرهاب و«القاعدة» في اليمن وخلافها، ومشاركة السعودية في قمة العشرين الاقتصادية التي ستعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم في مدينة كان الفرنسية، ومن بين مواضيعها تثبيت أسعار المواد الأولية وأولها النفط. والهدف الثاني تأكيد تمسك فرنسا باستقرار السعودية التي وصفتها بـ«الحليف الموثوق» والتداول بشأن المشاريع المشتركة الدفاعية والأمنية، ومنها المشتريات الدفاعية، مع الإعراب عن استعداد باريس للاستجابة للحاجات السعودية في هذين الميدانين. وقدمت فرنسا ثلاثة عروض للسلطات السعودية تتناول تجديد الأسطول البحري للقوات السعودية، وتحديث أنظمة الدفاع الجوي، وتوفير قمر صناعي لأغراض الرقابة الفضائية.

أما في الميدان الاقتصادي والتجاري، فإن مصادر رئيس الحكومة الفرنسية عبرت عن ارتياحها لنمو المبدلات التجارية بنسبة 75 في المائة في السنوات الأخيرة. وسيؤكد فيون للمسؤولين السعوديين استعداد ورغبة فرنسا في «مواكبة» الاقتصاد السعودي والمساعدة على «تنويعه». ومن المشاريع قيد المناقشة التوقيع على اتفاق للتعاون في ميدان النووي المدني، وسعي فرنسا للفوز بمشروع بناء خط حديد سريع بين جدة ومكة والمدينة المنورة يبلغ طوله 450 كم. وتتنافس مجموعة مختلطة فرنسية - سعودية مع مجموعة إسبانية - سعودية للفوز بالمشروع. ووفق مصادر متابعة، فإن «عيب» العرض الفرنسي هو كلفته المرتفعة قياسا بالعرض الإسباني. وأخيرا تناول الجانبان توثيق التعاون في البحث العلمي والابتعاث الجامعي للطلاب السعوديين إلى فرنسا الذين تضاعف عددهم عشر مرات في السنوات الأخيرة.

وكان الرئيس ساركوزي زار السعودية ثلاث مرات منذ انتخابه في ربيع عام 2007، كما عاد العاهل السعودي لدى وجوده للاستشفاء في نيويورك.

وأشارت مصادر رئيس الحكومة إلى «توافق» وجهات النظر السعودية - الفرنسية بشأن لبنان لجهة التمسك باستقلاله وسيادته وحرص البلدين على احترام لبنان لتعهداته الدولية بشأن المحكمة الدولية وانتظار ما سيصدر عن حكومة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي «للحكم عليها». ولا تريد باريس «حكما متعجلا»، بل تريد أن تنظر إلى «الأفعال» أولا. وحتى تاريخه، لم يحصل اتصال رسمي بين ميقاتي والسلطات الفرنسية التي تنتظر تشكيل حكومته. لكن باريس أوصلت رأيها لميقاتي الذي قالت مصادر واسعة الاطلاع إنها «تحثه» على تشكيل حكومة جامعة، وعلى الامتناع عن أي بادرة لتنصل لبنان من التزاماته الدولية.

وفي الإمارات التي يصلها ليل السبت - الأحد، يلتقي فيون الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء. ويدشن فيون الأحد المباني الجديدة لجامعة السوربون - أبوظبي التي هي ثمرة تعاون بين الجانبين وكانت قد أطلقت في عام 2006. كما يزور فيون القاعدة العسكرية الفرنسية في أبوظبي (2008) للأسلحة الثلاثة، وقاعدة الشيخ زايد العسكرية.

وتعد الإمارات أول شريك تجاري لفرنسا في الخليج، كما أنها شريك عسكري أساسي لها، ويربط الجانبين اتفاق دفاعي جدد في عام 2009. وتعتبر باريس أن زيارة فيون اليوم تأتي في «مناخ» مناسب بعد الاتفاق على منح «الخطوط الجوية الإماراتية» مزيدا من الأذونات للهبوط في المطارات الفرنسية. وستقوم باريس التي تترأس مجموعة العشرين بدعوة رئيس دولة الإمارات إلى المشاركة في قمة العشرين الاقتصادية بصفتها رئيسة مجلس التعاون الخليجي حاليا. وعلى الصعيد العسكري، عاد البلدان إلى فتح ملف شراء الإمارات 60 طائرة «رافال» تحل محل طائرات «ميراج – 9» التي تملكها الإمارات. وهذا الملف عرف نكسات فرنسية منذ بدء التداول فيه أيام الرئيس شيراك.

وقالت مصادر رئيس الحكومة إن باريس تريد «تعميق الحوار» مع أبوظبي حول مشكلات المنطقة وأولاها الملف الإيراني الذي «يقلق» المسؤولين الإماراتيين بحسب المصادر المشار إليها. وتريد أبوظبي شراء قمر اصطناعي للرقابة الفضائية، فيما تطمح باريس في الحصول على عقد نووي سلمي معها رغم الفشل الذي منيت به شركاتها في وجه المنافسة الكورية. واقتصاديا، سيحث فيون الصناديق الاستثمارية الإماراتية على المجيء إلى فرنسا.