يوم الحبّ في لبنان: قيمته في قلوب المراهقين.. والوردة الحمراء نجمة هداياه

يصل سعر الوردة المزيّنة في هذه المناسبة الى 40 دولارا

في «يوم الحب» تنقلب الأجواء في لبنان رأساً على عقب مرتدية اللون الأحمر («الشرق الأوسط»)
TT

هو «يوم الحب» الذي يشغل بال المحبّين منذ اليوم الأوّل لشهر فبراير (شباط). تتبدّل الهدايا وتتغيّر لكن «اليوم» يظل نفسه بالنسبة لكل الأعمار في لبنان. بعضهم يقطع مسافات بين بلد وآخر ليكون بجانب الحبيب يوم 14 فبراير (شباط)، والبعض الآخر لا يجد أهمية لهذا «اليوم» وهو بجانب الحبيب انطلاقاً من وجهة النظر التي تقول أن الحب لا ينحصر فقط في هذه المناسبة. مهما اختلفت الآراء والتفسيرات يبقى الواقع أن يوم 14 فبراير هو المناسبة التي يصعب تجاهلها والتي تنقلب فيها الأجواء رأساً على عقب مرتدية اللون الأحمر. ولا يختلف اثنان من المراهقين على أن لـ«يوم الحب» اللبناني وقعه الذي لا يشبهه أي يوم آخر في السنة، وقد يجد البعض أنه مناسبة للتعبير عن ما يختلج القلب من عواطف. يقول علاء (17 سنة) «هذه هي السّنة الأولى التي أحتفل بها بهذا اليوم، وبالتالي أنتظره بفارغ الصبر. بدأت أبحث عن الهدية المناسبة منذ أسبوعين ... وكذلك أنتظر الهدية التي سأتلقاها. في السنوات الماضية كنت أشعر بالحزن في هذا اليوم وأشعر بالوحدة، ولذا لن أفوّت المناسبة هذا العام وسأحتفل بها على طريقتي الخاصة». من جهة أخرى، يعتبر من مرّت سنوات طويلة على زواجهم أن «يوم الحب» لا يعدو كونه مناسبة عادية استغلّها التّجار للربح. لكن هذا الرأي لا يمنع بعضهم من الاحتفال به أيضاً، لا سيما بعدما صار لزاماً عليهم مجاراة «الموضة» وتقديم الهدية على غرار الآخرين. وهنا تختلف هذه الاحتفالات بين المحبين. ففي حين يكتفي البعض بالوردة الحمراء وسهرة في أحد المطاعم التي تتسابق على تقديم أجمل السهرات والاغراءات في هذه المناسبة، يحرص البعض الآخر على تقديم هدية غالية الثمن لإظهار مدى حبّه للحبيب من دون الاستغناء عن الوردة الحمراء التي «لا يكتمل اليوم من دونها». تقول ندى «لقد مرّ على زواجي 10 سنوات، وفي البداية لم نكن نحتفل بهذا اليوم، لكن في السنوات الأخيرة، ورغم أن زوجي لا يحبّذ الفكرة كثيراً، صرنا نخرج في سهرة مع أصدقائنا المتزوجين ونحتفل معاً بالمناسبة». أما رنا، التي لم يمرّ على زواجها أكثر من 3 سنوات، فتغيّرت بالنسبة اليها معاني «يوم الحب» بمرور الأيام، وتغيّر وضعها الاجتماعي، معتبرة أنه قبل الزواج يبحث المحبون عن مناسبة للاحتفال بها معاً، وبالتالي يولون اهتماما أكبر لهذا اليوم، أما بعد الزواج فتكون هناك مناسبات كثيرة تجمع الطرفين ويحتفلان بها معاً، وبالتالي، يتقلّص اهتمامهم بها. ثم تقول «حين لم أكن مرتبطة كنت أشعر بما يشبه الحسرة في «يوم الحبّ»، لا سيما أنني كنت أرى صديقاتي منهمكات بالتحضير له. بل كنت، في بعض الأحيان، أتبادل الهدايا مع صديقاتي العازبات للتخفيف من وطأة الحسرة. ثم في فترة الخطوبة شعرت بلهفة الاحتفال بهذا اليوم وإفراغ كلّ ما في قلبي من عواطف بهدايا لهذه المناسبة واحتفالاتها. أما اليوم فيمكنني القول أن الوضع تغيّر كثيراً، ولم يعد يعني لي كما كان يعني من قبل، لكن هذا لا يعني انني لا أحتفل به، وكذلك أحرص على تقديم الهدية لزوجي». وحول مسألة انتقاء الهدايا، فهنا ايضاً لكل محب فلسفته الخاصة ونظرته لقيمة الهدية المادية والمعنوية. إذ يقول عبد الرحمن فوزي، وهو صاحب محلات «تذكار» للهدايا في بيروت، معلقاً «منذ اليوم الأول في شهر فبراير (شباط) نعدّ العدة لاستقبال هذا اليوم. ويأتي الضغط الأكبر يومي 13 و14 منه». ويضيف «في بداية الشهر يكون معظم زبائننا من الفتيات اللواتي يحتجن لوقت طويل قبل اختيار الهدية المناسبة، أما في اليومين الأخيرين فيأتي دور الشباب. مع العلم أنّ 80 في المئة من زبائننا هم من المراهقين الذين لا تتعدّى أعمارهم 25 سنة، و20 في المئة فقط من الأكبر سنا الذين يكتفون فقط ببطاقات المعايدة. أما اختيارات المراهقين فترتكز بشكل عام على الألعاب الصوفية المحشوة الحمراء اللون، بالإضافة طبعاً إلى الوردة الصناعية الحمراء المزيّنة بشكل مميز، نظراً الى أن الورد الطبيعي ترتفع أسعاره كثيراً في هذا اليوم، اضافة الى أكسسوارات أخرى مثل الأكواب المزينة والبالونات وغيرها». ومما لا شكّ فيه أن لمحلات الزهور في لبنان الحصة الأكبر في هذا «اليوم»، ويقول فادي، من محلات طقوش للأزهار، «كل الأعمار وكل الفئات الاجتماعية تحتفل بهذا اليوم، وتبقى الوردة الأساس الذي لا غنى عنه بالنسبة الى معظمهم. ومهما ارتفع ثمن الهدية لا يمكن تقديمها من دون وردة حمراء، وقد يكتفي البعض فقط بالوردة ولا سيما من هم مثلاً في مرحلة الخمسينات والستينات من عمرهم». ويشير فادي الى أنه قبل بضع سنوات لم يكن الكبار يهتمون كثيراً بهذه المناسبة وكانت الهدايا تقتصر على المراهقين وطلاب الجامعات، اما اليوم فالدائرة اتسّعت وصار الجميع معني بهذه المناسبة». وعن تكلفة الورد التي ترتفع في 14 فبراير من كلّ عام، يلفت فادي الى أن سعر الوردة الحمراء الواحدة يبقى كما هو بين دولارين و4 دولارات حسب نوعها، لكن ما يزيد سعرها في هذه المناسبة هو الكماليات التي تدخل عليها. إذ يعمل أصحاب المحلات على تزيينها بطريقة مختلفة مثل وضعها في سلّة أو مع ربطها مع لعبة معينة .. وهذه أمور تزيد من كلفتها، فيجعلها تصل في بعض الأحيان الى 40 دولاراً. ويتابع «بشكل العام، الأجانب يكتفون بتقديم وردة واحدة ويعتبرون أنها كافية في هذه المناسبة للتعبير عن الحب، أما اللبنانيون فيفضلون تقديم باقة كاملة، فبالنسبة اليهم كلما كان عدد الوردات أكثر كان الحب أكبر». من جهتها، تقول صاحبة محلات «بوكيه» في بيروت، «الجميع يولون أهمية ليوم الحبّ لكن بين المتزوجين، تهتم النساء أكثر من الرجال بهذه المناسبة. وتلفت الى أن المسافرين ايضاً لا يفوّتونها، وتضيف «نتلقى اتصالات كثيرة من الخارج لارسال الوردة الحمراء في يوم الحب الى الحبيب أو الحبيبة، وقد يدفعون أجرة التوصيل أكثر من ثمن الوردة نفسها». ولأن للمجوهرات حضورها ايضا، وان كانت تنحصر عند فئة معينة، يقول عماد، من محلات «آليانس» في بيروت «زبائننا من الرجال أكثر من الزبونات النساء، على اعتبار أن الجنس اللطيف يهتم أكثر بالمجوهرات. وهنا يرتكز الخيار على شكل القطعة التي تكون في معظم الأحيان عبارة عن قلب ماسي أو من قطعة من الذهب محفور عليها الاسم، ولكن بالتأكيد، تختلف الهدية تبعاً لقدرة الرجل المادية، وهي تتراوح عادة بين 200 أو 500 دولار وبين 20 ألف دولار أميركي».