مصر: اقتصاديون يرون أن ثورة الشباب ستتبعها ثورة اقتصادية

الخوف من المستقبل لا يراودهم... والسياسات المقبلة لا تقلقهم

الاسواق الدولية تتجاوب مع ثورة الشباب وترتفع بعد مغادرة مبارك (أ.ب)
TT

في الوقت الذي عجز فيه بعض الاقتصاديون في مصر عن وصف فرحتهم بعد تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم، وصف البعض ما حدث بـ«ثورة الشباب التي ستتبعها ثورة اقتصادية».

وقالوا إن مصر تستحق وضعا اقتصاديا أفضل بكثير مما هي الحال عليها الآن، فيكفي موقعها الجغرافي الذي يجلب لها الكثير، ولكنه لم يستغل بشكل أمثل، وأشاروا إلى أن الثورة لن تؤثر على الأوضاع الاقتصادية في البلاد، إلا بشكل مؤقت، لحين استقرار الأوضاع السياسية.

ولم يبد الخبراء تخوفهم من تأثر الاستثمارات المحلية والأجنبية في البلاد، مؤكدين أن المخاطر السياسية في مصر، هي ما كانت تحد من قدوم المستثمرين إلى البلاد، في ظل الفساد والقوانين الضعيفة التي كانت تتحكم في مجريات الأمور.

وبعد تنحي الرئيس مباشرة، انخفضت تكلفة التأمين على الدين السيادي المصري من العجز عن السداد أو إعادة الهيكلة، لمدة خمس سنوات بمقدار 25 نقطة أساس، ووفقا لبيانات من مجموعة «ماركيت» لخدمات المعلومات المالية العالمية، فإن تكلفة التأمين على الدين السيادي المصري تراجعت إلى 315 نقطة أساس، مقارنة مع 380 نقطة أساس في وقت سابق من اليوم، و340 نقطة أساس عند الإغلاق يوم الخميس.

وأدنى مستوى لتكلفة التأمين على الدين السيادي المصري منذ بداية العام الحالي هو 240 نقطة أساس، وسجل في بداية العام، تبعا لبيانات وكالة الأنباء «رويترز»، في حين أن أعلى مستوى هو 432 نقطة أساس، وسجل في 31 يناير (كانون الثاني).

وصعدت أسعار سندات الخزانة الأميركية بعد أن دفع نبأ تنحي مبارك عن منصبه المستثمرين القلقين بشأن التضخم إلى التماس الأمان في الدين الحكومي، وزاد سعر سند الخزانة القياسي الذي مدته عشر سنوات ليصبح عائده 3.65 في المائة، منخفضا 6 نقاط أساس عن مستواه عند الإغلاق يوم الخميس، في حين ارتفع سعر سند الخزانة الذي مدته عامان ليصبح عائده 0.83 في المائة، منخفضا نقطتي أساس عن مستواه يوم الخميس.

وتخلت أسعار الذهب عن خسائرها في أعقاب تنحي مبارك عن منصبه وصعدت في أواخر التعاملات أمس، لتسجل في نهاية جلسة التداول في لندن 1365.9 دولار للأوقية، مقارنة مع 1362.9 دولار في الإغلاق السابق في سوق نيويورك. وصعدت الأسهم الأوروبية في أواخر جلسة التعاملات أمس الجمعة في أعقاب ثلاث جلسات متتالية من الخسائر مدعومة بأنباء تنحي الرئيس حسني مبارك، وأغلق مؤشر «يوروفرست 300» لأسهم الشركات الكبرى في أوروبا مرتفعا 5.57 نقطة إلى 1174.88 نقطة بعد أن هبط في وقت سابق من الجلسة إلى 1159.86 نقطة.

وقالت بسنت فهمي، مستشار بنك «البركة» المصرفي: إنها متفائلة جدا بالمستقبل الاقتصادي لمصر، لأن البلاد لا تستحق ما كانت عليه، وكانت قياداتها تحجم نموها، ولم تكن لديها رؤية جيدة للمستقبل.

وأشارت بسنت إلى أن الفترة المقبلة، ستشهد مصر خلالها تنمية اقتصادية في كل قطاعاتها، بدلا من النمو الاقتصادي الذي كانت تتبناه الحكومة والذي لم ينعكس على أفراد الشعب، وكان يركز على قطاعات بعينها دون أخرى.

وقالت: «كنت أخشى من الأجيال المقبلة، واتضح أن هذا الجيل هو القادر على وضع مصر في مكانتها الحقيقية».

ولم تبد بسنت قلقا من تأثر الاستثمار في مصر خلال الفترة المقبلة، وقالت: «المستثمرون يعرفون كثيرا ماذا يعني سقوط هذا النظام، فكانت أكبر مخاوفهم منه، ومما قد ينتج عن تلك السياسات».

وتابعت: «القوانين المنظمة للحياة في مصر كانت تثير مخاوف المستثمرين، الفساد المنتشر كان ينفر الكثير منهم للجوء إلى مصر». وأشارت إلى أن التحول إلى الديمقراطية يعني أن مصر ستكون الوجهة الأولى، سواء للمستثمرين المحليين أو الأجانب». وقال خالد الجبلي، العضو المنتدب ببنك «باركليز مصر»: إنه متفائل بالتغيير، ونحن ملتزمون بقوانين الدولة، ولا نتدخل في السياسات، وهدفنا في النهاية هو دعم النمو الاقتصادي في مصر.

وقال إن مؤسسته دائما تعرف قيمة مصر الاقتصادية، ودائما متفائلة بقدرتها وأهميتها، وهذا ما يدفعنا دائما إلى ضخ المزيد من الاستثمارات. وأكد أن مصر لديها بعض المشكلات الاقتصادية، ولكنها تمتلك بنكا مركزيا وسياسة مصرفية قوية، سيساعدها على النهوض باقتصادها خلال الفترة المقبلة بشكل قوي وسريع.

وقال الدكتور مصطفى زكي، الخبير الاقتصادي، إن مستقبل البلاد بدأ يتشكل، ومتفائل بوضع أفضل تستحقه مصر، سينعكس كل ذلك على المواطنين.

وأضاف: «لم يكن يعرف أي فرد قيمة مصر، وتأثيرها على دول العالم، وعرفنا قيمتها بعد أحداث 25 يناير التي صاحبها تأثر سلبي كبير في اقتصاديات دول العالم الكبرى، فتراجعت البورصات العالمية، وارتفاع أسعار البترول، فكان العالم بكامله يراقب ما يحدث في مصر».

ويرى زكي أن قناة السويس وإيراداتها وتأثيرها على حركة التجارة في العالم تكفي مصر، فتجارة العالم كله كانت متوقفة على الأحداث في مصر، وتوقع استعادة مصر وضعها في العالم، ومكانتها القيادة، ولن يستغرق ذلك فترة كبيرة.