أزمة محروقات حادة في لبنان يزكيها خلاف وزيري المالية والطاقة

وسط امتناع الشركات المستوردة تسليم البنزين للمحطات

TT

لاحت أزمة محروقات حادة في السوق اللبنانية على خلفية مزايدات متواصلة بين وزارتي الطاقة والمالية حول إمكانية وحجم إعادة النظر بجدول تركيب الأسعار وإعادة النظر في الضرائب المرتفعة المفروضة، لكن صدور الجدول الأسبوعي من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها «مؤقتا»، رغم أنه لم يحمل أي تعديل في الأسعار.

واضطرت نقابة أصحاب شركات المحروقات إلى إعلان موقف صريح، أمس، اعتبرت فيه أن ما يحصل حاليا في شأن أزمة المحروقات يعود إلى الأزمة السياسية والمزايدة بين وزير الطاقة ووزيرة المالية في شأن تخفيض الرسوم على صفيحة البنزين، مما أدى إلى لجوء أصحاب المحطات لبيع مخزونهم من مادة البنزين خوفا من الخسائر التي سوف يتكبدونها جراء التخفيض وعدم صدور جدول تركيب الأسعار الأسبوعي، مما أدى إلى امتناع الشركات المستوردة للنفط من تسليم المحطات مادة البنزين الذي أدى إلى نفاد كمية البنزين الموجودة في المحطات التي بعضها توقف عن التسليم إلى المواطنين والبعض الآخر سوف يتوقف خلال ساعات عن التسليم بسبب نفاد الكمية لديه.

وأملت من المسؤولين «الإسراع في إصدار جدول تركيب الأسعار لاستقرار السوق النفطية ورأفة بالمواطنين»، وقالت: «إلى حين صدور الجدول المنتظر نأمل من الشركات المستوردة للنفط تسليم مادة البنزين للمحطات رغم تحملها بعض الخسائر من أجل مصلحة الوطن والمواطن».

واختتمت قائلة: «يصادف 3 أيام إقفال للمؤسسات والإدارات الرسمية وتوقف أصحاب المحطات عن العمل مما يزيد في الأزمة».

وبالفعل وقع وزير الطاقة والمياه، جبران باسيل، جدول تركيب الأسعار العائد للمحروقات، وقد أبقى فيه على سعر البنزين 95 و98 أوكتان العائد للأسبوع الماضي دون إضافة مبلغ 100 ليرة لبنانية على صفيحة الـ98 أوكتان و200 ليرة لبنانية على صفيحة الـ95 أوكتان، كما هو مفترض باتباع القواعد المعمول بها في وضع الأسعار.

وأوضح بيان لوزارة الطاقة أن «الوزير قد قام بهذا الإجراء كتدبير مؤقت بانتظار تقيد المجلس الأعلى للجمارك بالقرار الصادر عن وزارة الطاقة والمياه بحسب المرسوم 12480 القاضي بخفض رسم الاستهلاك الداخلي على البنزين 95 و98، وهو الأمر الذي لم يتم العمل به حتى تاريخه من المجلس الأعلى للجمارك، التابع لوزارة المالية، وهو ما يعتبر مخالفة إدارية تستوجب ملاحقة قضائية وتدابير مانعة لها».

وأشارت إلى أن «من شأن هذا الأمر أن يسمح بتسليم مادة البنزين وبقية المحروقات إلى السوق وبيعها بالأسعار الصادرة عن الوزارة بانتظار خفضها، ويفرض على الشركات المستوردة والمحطات البائعة للمحروقات تسليم كل الكميات المتوفرة لديها، خصوصا في ظل سهر وزارة الاقتصاد ومصلحة حماية المستهلك على هذا الأمر».

وذكرت الوزارة مجددا أن هدفها «الوحيد هو خفض أسعار المحروقات التي لم يعد باستطاعة المواطنين تحملها، وأن السبيل الوحيد المتاح في الظرف الراهن لخفض أسعار المحروقات هو هذه الآلية القانونية المرتكزة على المرسوم 12480 الصادر بناء على القانون رقم 326 تاريخ 28 يونيو (حزيران) 2001. وقد وجه الوزير كتابين إلى المجلس الأعلى للجمارك بهذا الخصوص بتاريخ 25 و27 يناير (كانون الثاني) 2011، كما وجه كتابا إلى رئاسة الجمهورية بتاريخ 3 فبراير (شباط) 2011 مع نسخة عنه إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال ورئيس الحكومة المكلف ووزارة المالية والمجلس الأعلى للجمارك، طالبا فيه خفض الرسوم باعتماد الآلية الوحيدة المتوفرة راهنا وتحديد هذا الخفض بما يتناسب مع المصلحة العامة، كما تقدم بتاريخ 4 فبراير 2011 بمراجعة قضائية بهذا الخصوص. وبانتظار الأجوبة على كل هذه المراجعات، فإن وزارة الطاقة تهيب بالمسؤولين المعنيين القيام بما يلزم حفاظا على المصلحة العامة، وتحسسا مع ظلم اللبنانيين، تفاديا لأزمة محروقات كبرى».

من جهتها قالت وزيرة المال، ريّا الحسن، خلال مؤتمر صحافي، أمس، إن «مبلغ الثلاثة آلاف ليرة الذي عرضه وزير الطاقة جبران باسيل لتخفيض سعر صفيحة البنزين كان يجب أن يتقدم به قبل استقالة الحكومة وبطريقة قانونية لأن الطريقة التي تقدم بها غير قانونية».

ورأت الحسن أن «مبلغ ثلاثة آلاف لن يصمد لأن سعر البنزين في ارتفاع مستمر، فاقترحنا تخفيضه بنسبة خمسة آلاف ليرة رغم أنها خطوة صعبة ماليا على خزينة الدولة، إلا أنها مع وتيرة النمو يمكنها أن تصمد أكثر لنتمكن من مساعدة الناس اجتماعيا؛ وهذا هو الهدف».

وتابعت: «كنت قد أرسلت كتابا إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء طلبت فيه موافقة استثنائية من قبل رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال للمضي في خطوة خفض خمسة آلاف ليرة، وفي ظل عدم وجود مجلس للوزراء لا توجد طريقة أخرى يمكن أن نمضي بها إلا إذا أردنا انتظار تشكيل الحكومة الجديدة وصدور البيان الوزاري واجتماع مجلس الوزراء لاتخاذ هذه الخطوة بمعنى أن علينا أن ننتظر ربما نحو شهر أو شهرين، لذلك نعتقد أن الموافقة الاستثنائية هي الحل السريع اليوم». وسألت: «ماذا فعل وزير الطاقة؟ لم يصدر جدول الأسعار اليوم، فماذا استفدنا؟ لقد أبلغتني نقابة الشركات المستوردة للنفط أمس أن كمية البنزين يمكن أن تنفد خلال يوم أو يومين، وبالتالي على من يضغط الوزير باسيل؟ هو يضغط على رئيس الجمهورية، ويدخلنا في أزمة بنزين طويلة عريضة واستراتيجية، وهو يقطع البنزين عن الناس ولا يصل إلى نتيجة».