الغزيون لا يستجيبون لـ«يوم الغضب».. ومحلل سياسي يرجع ذلك للخوف والانقسام

ناشطو «فيس بوك»: لا نريد ورقة مصرية ولا وساطة قطرية ولا تدخلا أميركيا ولا سلطة إيرانية

TT

لم تلق دعوات ناشطين عبر شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، ووزراء في السلطة الفلسطينية، للانتفاضة على نظام حركة حماس في قطاع غزة، آذانا صاغية. ومر اليوم الذي كان يفترض أن يتحول إلى يوم غضب، بحسب هؤلاء الناشطين، بهدوء شديد، حتى إن مناصري حماس في المنتديات الخاصة علقوا ساخرين بالقول: «ولا صوص ابن يومين في الشارع».

كان هذا صحيحا، وحتى على صفحات «فيس بوك»، وجه شبان توبيخا شديدا للداعين ليوم الغضب في غزة، وكتب شخص اسمه أحمد على صفحة «ثورة الكرامة» يقول: «للأسف كلكم جبناء، كلكم بس تبعين كلام. بتقولوا إحنا هنطلع. إحنا مش خايفين، بس للأسف رحت ما لقيت ولا جبان منكم. انتو أبطال (فيس بوك) وأبطال الإيميلات. وعلى فكرة من اليوم وطالع مش لايم حماس بأي شيء بتعمله فينا، انتو مش أنا، بقصدكم انتو رضيتم بالخنوع والذل».

كان أحمد يعبر عن غضبه؛ لأنه ذهب إلى المواقع التي دعا ناشطون من فتح وغيرها للتجمع فيها ولم يجد أحدا، ومن بينها ساحة الجندي المجهول مقابل المجلس التشريعي في غزة، وساحة البلد في دير البلح، ومدخل معسكر البريج والقلعة في خان يونس، ومثله كتب آخرون في مواقع أخرى: «ذهبنا ولم نجد أحدا».

ويمكن القول إن «يوم الغضب» فشل تماما، على الرغم من أن الدعوة إليه كانت ناريه؛ إذ كتب الداعون إلى إطلاق ثورة ضد حماس: «إلى متى سنبقى مكتوفي الأيدي أمام ممارسات حكومة حماس الدموية في ظلمها وقمعها وبطشها والتلاعب في مشاعر ومستقبل الشعب الفلسطيني؟ إلى متى سيبقى الخوف من مواجهة هذه الحكومة الطاغية المستبدة؟ باتت الأوضاع في غزة في غاية في التدهور؛ فالفقر أصبح يمثل السمة الرئيسية لأهل غزة نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية والارتفاع الهائل في نسبة البطالة. آن الأوان لتعترف حماس أنها فشلت وفشلت وفشلت في إدارتها كحكومة في غزة، آن الأوان لتعلن حماس عن التراجع عن انقلابها الذي كان سببا لمعاناة المواطنين، وتسليم الحكم لمن هم أجدر منهم، لمن يعرفون أين تكمن مصلحة الشعب الفلسطيني».

وأضافت الدعوة: «من هذا المنطلق ندعو أهالي غزة من جميع الفئات مشاركتنا هذا الحملة (حملة كفى يا حماس.. لإسقاط الحكومة في غزة). يجب أن نتحرك فورا لوقف هذه الحكومة عن ممارساتها ونظامها الفاشل الذي أودى بحياتنا إلى الهاوية. لنكن يدا غزاوية واحدة أمام طغيان هذه الحكومة المستبدة».

كانت هذه الدعوة موجهة إلى الفلسطينيين للتحرك بعد صلاة الجمعة، أمس «للتحرر من السجانين الحمساويين». وعلى الرغم من ذلك، وعلى الرغم من دعم مسؤولين سياسيين لتنظيم مثل هذا اليوم، فإن أحدا لم يتظاهر ضد حماس. وكان مسؤولون فلسطينيون قد طلبوا من الجماهير الثورة على حماس، ومن بينهم وزير الأوقاف الدينية محمود الهباش الذي دعا أمس إلى دعوة الفلسطينيين إلى إنهاء الانقسام بأي طريقة كانت.

جاء ذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها في مسجد التشريفات في غزة، بوجود الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال الهباش: «إن ما ارتكبته حماس في انقلابها على الشرعية الفلسطينية جريمة بحق الدين والوطن والشعب». وأضاف: «يجب علينا أن نجبر حماس على التراجع عن الانقلاب، وإنهاء الانقسام بأي طريقة كانت». وأردف: «إن الانقلاب فتنة، والانقسام جريمة يجب إنهاؤها بسرعة».

وفي إشارة مباشرة إلى تبنيه دعوات الثورة ضد حماس، قال الهباش: «إن شعبنا حر، صاحب إرادة قوية، ولن يسكت طويلا على الوضع الذي نشهده من انقسام». ووجه وزير الأوقاف دعوة لأهالي غزة بإنهاء الانقسام، وإجبار حماس على «العودة إلى الشرعية» عبر انتخابات حرة.

وأضاف: «إن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) سبق أن طلب من حماس العودة للشرعية الوطنية عبر انتخابات ديمقراطية حرة، ومن دون مصالحة أو اتفاقات أو أي شيء، بل العودة إلى الشعب صاحب الإرادة الحقيقية في تقرير مصيره، إلا أن حماس رفضت إجراء أي انتخابات.. إنها تريد إقامة دولة ظلامية في غزة، على حساب أبناء شعبنا، لكن لن نسمح بهذا، وشبعنا لن يرضى بهذا نهائيا».

واتهم الهباش حماس بالارتهان إلى الموقف الأميركي، وقال: إن الفلسطينيين وقعوا ضحية الفتنه التي أرجعت القضية إلى الوراء «من أجل عيون إيران وغيرها، الذين ينادون أبناء الأمة العربية إلى الخروج في الشوارع ضد أوطانهم ليحرقوا ما بنته أيديهم».

وقال المحلل السياسي طلال عوكل لـ«الشرق الأوسط»: إن عدة أسباب وظروف منعت الاستجابة لمثل هذه التظاهرات «أولها: أن الظرف غير مناسب؛ إذ إن الإعلام الذي يعتبر المحرك الأول لمثل هذا الحراك الشعبي منشغل في الحدث المصري الضخم، وثانيها: أن الوضع الفلسطيني يختلف عن العرب؛ إذ لا تنحصر هموم الفلسطينيين في الأوضاع الداخلية الصعبة بل هناك الاحتلال، وفي ظل وجود الاحتلال هناك حذر شديد من توقع انتفاضات داخلية، وثالثها: الخوف الذي ولده الانقسام الذي خلق ظروفا غير ديمقراطية تعتمد على الأمن والقسوة والقمع في التعامل مع الآخر، ورابعها: عدم وجود اتفاق بين الأحزاب، بعكس ما يحدث في مصر».

كانت حماس قد نفت سابقا أن لديها قلقا من «يوم غضب»، معتبرة ذلك مجرد فرقعات إعلامية، وإن كانت قد اعتقلت ناشطين مجتمعيين وحذرتهم.

لكن في المقابل هناك من يدعو إلى التظاهر ضد حماس وفتح معا، وليس ضد فصيل بعينه، وعلى صفحات «فيس بوك» نفسها، يتجمع نحو 400 ناشط مرشحين للازدياد طبعا، وشعارهم «لا نريد ورقة مصرية، لا نريد وساطة قطرية، لا نريد تدخلا أميركيا، لا نريد سلطة إيرانية.. نريد وحدة وطنية فلسطينية خالصة، بجهود فلسطينية. والدعوة إلى جميع الفلسطينيين في الشتات والوطن للخروج بالمسيرات التي تطلب شيئا واحدا: وحدة الوطن، وإنهاء الانقسام».