إيران تهتز على إيقاع ثورة مصر

السلطات تضع كروبي تحت الإقامة الجبرية وتعتقل 10 إصلاحيين.. وتشوش على الأخبار

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد محاطا بعناصر حمايته وهو يحيي الإيرانيين بمناسبة الاحتفالات بذكرى اندلاع الثورة الإيرانية في طهران أمس (أ.ب)
TT

بينما أحيى الإيرانيون، أمس، الذكرى الـ32 لاندلاع الثورة الإسلامية في إيران، تتنامى مخاوف السلطات من انعكاسات المظاهرات في مصر، التي طالبت بإسقاط الرئيس المصري حسني مبارك على الأوضاع الداخلية في إيران، واندلاع مظاهرات مشابهة قد تدعو لإطاحة حكومة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والنظام الإسلامي، وفي هذا السياق قررت السلطات الإيرانية وضع مهدي كروبي، أحد أبرز قادة المعارضة تحت الإقامة الجبرية حتى 14 فبراير (شباط)، وهو الموعد الذي حددته المعارضة لانطلاق مظاهرات مؤيدة لمصر وتونس، كانت السلطات قد رفضت التصريح لها أصلا، كما وردت تقارير عن اعتقال 10 ناشطين، ويتزامن ذلك مع قيام السلطات بالتشويش على بث تلفزيون «بي بي سي» باللغة الفارسية، في محاولة لمنع تسرب أنباء الأحداث في مصر إلى الإيرانيين.

وأعلن الموقع الإلكتروني للرئيس السابق للبرلمان مهدي كروبي، الذي أصبح أبرز وجوه المعارضة الإصلاحية، مساء الخميس الماضي عن منعه من استقبال الزوار في منزله حتى 14 فبراير. وأوضح موقع «سهام نيوز»: «إن عناصر من الأمن (يحيطون بمنزل كروبي) منعوا هذا الصباح (الخميس الماضي) أحد أبناء كروبي من زيارة والده»، وأضاف «لقد قالوا إنه ليس مسموحا لأي من أفراد الأسرة، باستثناء الزوجة»، بزيارته حتى الموعد المحدد.

واعتبر الموقع أن هذا القرار على علاقة بطلب ترخيص للتظاهر يوم 14 فبراير تقدم به كروبي والوجه البارز الآخر في المعارضة الإصلاحية رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي. ويخضع المعارضان منذ عدة أشهر إلى ما يشبه الإقامة الجبرية، حيث تتم مراقبة تنقلاتهما، وكثيرا ما تقوم السلطات بالتضييق عليهما. غير أنه لم يكن واضحا ما إذا كان موسوي هو الآخر قد خضع للإقامة الجبرية أم لا.

وكان المعارضان قد طلبا من وزارة الداخلية ترخيصا للتظاهر في 14 فبراير، دعما للشعب المصري، غير أن السلطات أعلنت بوضوح أن هذا الطلب مرفوض، كباقي الطلبات التي قدمت منذ 18 شهرا. واعتبر الإصلاحيون أن رفض التصريح للمظاهرة نوع من «النفاق»، فإذا كانت السلطات الإيرانية تدعم المظاهرات في تونس ومصر، كما كان المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي قد أعلن في وقت سابق، فلماذا تخشى السلطات تنظيم مظاهرات في طهران لدعم المتظاهرين في البلدين العربيين. وشهدت إيران موجة من المظاهرات المناهضة للحكومة بعد إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في يونيو (حزيران) 2009. وتخلت المعارضة الإصلاحية منذ عام عن التظاهر من دون ترخيص، بهدف تجنيب أنصارها وقادتها التعرض للقمع، الذي خلف عشرات القتلى وآلاف الموقوفين، أدى الكثير منها إلى محاكمات قاسية.

وامتنعت السلطات حتى الآن عن توقيف موسوي وكروبي حتى لا يتحولان إلى «قديسين»، بحسب ما أوضحه هذا الأسبوع رئيس السلطة القضائية آية الله صادق لاريجاني.

وتم توقيف تقي رحماني، الوجه المعارض الجديد المقرب من كروبي مساء الأربعاء، بحسب ما أفاده موقع كروبي الخميس، دون المزيد من التفاصيل.

كما اعتقل مساء الأربعاء أيضا وزير الشؤون الاجتماعية السابق محمد حسين شريف صادقان، العضو في حكومة الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي (1997 - 2005)، بحسب موقع كروبي. وشريف صادقان كان ناشطا في حملة موسوي خلال الانتخابات الرئاسية في يونيو 2009. بينما أشار موقع إيراني إلى اعتقال نحو 10 أعضاء من المعارضة الإيرانية في اليومين الماضيين.

وفي غضون ذلك، يتعرض تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية الناطق باللغة الفارسية في إيران، للتشويش منذ مساء الخميس، كما أعلنت الجمعة الشبكة البريطانية التي عزت هذا الانقطاع إلى التغطية التي تقوم بها للأزمة السياسية في مصر.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مدير «بي بي سي وورلد سرفيس» بيتر هوروكس، أن «هذا التشويش يجب أن يتوقف على الفور»، مؤكدا أن «وقائع الأحداث في مصر يتابعها العالم أجمع، ومن غير المقبول أن يحرم مشاهدونا الإيرانيون من معلومات غير منحازة».

وشدد على أن «(بي بي سي) لن تتوقف عن تغطية الوضع في مصر وستواصل البث للشعب الإيراني». وأوضحت «بي بي سي» أن سبب هذا التشويش قد يكون برنامجا تلفزيونيا أدلى بمداخلات هاتفية فيه مشاهدون مصريون وإيرانيون. إلا أن خدمة «بي بي سي» بالفارسية التي غالبا ما تتعرض للتشويش تواصل تغطيتها المباشرة على الإنترنت.

ومن جانبها، انتقدت الولايات المتحدة العقبات التي تضعها طهران أمام وسائل الإعلام الأجنبية التي تغطي أحداث مصر ومنها «بي بي سي». وقال تومي فياتور، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض: إن «الاعتقالات الأخيرة والتدابير لمنع تغطية الإعلام الدولي تدل على خبث النظام الإيراني».

وحول رفض منح الإصلاحيين الرخصة للتظاهر، قال فياتور: «على الحكومة الإيرانية أن تسمح للشعب الإيراني بأن يتمتع بحق التجمع والتظاهر والتواصل الذي يمارسه حاليا المتظاهرون في القاهرة»، منتقدا خطاب طهران «الفارغ»، وتابع «على الحكومات أن تحترم حقوق شعوبها وتلبي تطلعاتها». وتزامنت هذه الأحداث مع حلول الذكرى الـ32 للثورة الإسلامية في إيران التي وافقت أمس، وأحيا مئات الآلاف من الإيرانيين أمس الذكرى في تجمع حاشد، قالت المؤسسة الدينية في إيران إنه فرصة لإظهار التضامن مع المحتجين «الإسلاميين» في مصر.

وردد المشاركون شعارات مثل «الموت لأميركا» و«الموت لإسرائيل» في تكرار لهتافات الثورة الإسلامية، التي أطاحت بالشاه الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة عام 1979، ووصل رجال الدين بعدها إلى سدة الحكم في إيران.

وأكد نجاد وجهة نظر السلطات الإيرانية، وهي أن الثورة التونسية والانتفاضة في مصر ضد حكم الرئيس المصري حسني مبارك تمثلان «صحوة إسلامية» تشبه ثورة إيران.

وقال أحمدي نجاد أمام الحشد في كلمة بميدان أزادي وتعني الحرية في طهران أن «النصر وشيك.. اقتربت القوى المتغطرسة من النهاية.. أمتنا تدعم اختياركم»، وردد المحتشدون هتافا قالوا فيه «مبارك نهنئك بانتفاضة المصريين».

وتوقع الرئيس الإيراني أيضا سقوط «القوى المتغطرسة»، ودعاها إلى «تفكيك النظام الصهيوني (إسرائيل)، وهو السبب الرئيسي لكل الجرائم»، وأضاف في كلمته التي نقلها التلفزيون الحكومي على الهواء مباشرة «سينشأ شرق أوسط جديد قريبا.. شرق أوسط ليس به مكان للقوى المتغطرسة»، وتابع «عليكم تفكيك النظام الصهيوني لأنكم.. أنتم الذين فرضتموه». ولوح المحتجون في الميدان بالأعلام وحملوا صور الزعيم الراحل للثورة الإيرانية آية الله روح الله الخميني وصور خليفته الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي. وزعم التلفزيون الحكومي أن «عشرات الملايين» احتشدوا لتأييد الثورة في أنحاء البلاد.