حكومة حماس أعلنته منطقة عسكرية.. ولا تسمح إلا لشاحنات الوقود والإسمنت المهربين بالوصول إليه

«الشرق الأوسط» تزور الشريط الحدودي بين مصر وغزة

TT

أخذت الشاحنات الكبيرة التي تحمل الحاويات الفارغة طريقها جنوبا على الشارع الذي يربط الأحياء الشرقية من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة بمعبر رفح. وباستثناء هذه الشاحنات، لم تكن هناك مركبات أخرى تسير على هذا الشارع الذي يلتف على مدينة رفح من الناحية الشرقية. وما إن تقترب الشاحنات من المعبر حتى تندفع غربا على طول الشريط الحدودي (محور فيلادلفي أو صلاح الدين) صوب أقصى الطرف الجنوبي الغربي من المدينة، حيث توجد تحديدا الأنفاق التي يتم من خلالها تهريب الوقود بمختلف أنواعه من مصر إلى قطاع غزة.

لا يسمح عناصر الأمن التابعين لحكومة غزة المقالة لغير هذه الشاحنات بالسير على الطريق المحاذي للحدود منذ أن اشتعلت الأحداث الأخيرة في مصر. ولكن بعد أخذ ورد سمحوا لنا - كصحافيين - بأن نسير، دون أن نتـــــوقف في هذا الشارع، الذي خلا تماما ليس فقط من السيارات الأخرى، بل من مشاهدة حتى شخص واحد، ليس في الشــــــــــــــــارع فحسب بل حتى في محيطه الذي يمتد على طول 14 كيلومترا وبعرض كيلومترين من الحدود، التي تفصل القطاع عن مصر. كان من السهل رؤية الجنود المصريين وهم يسارعون إلى منصــــــــــــات المراقبة المقامة على طول الحدود، في حين غابت خلف الجدار الحدودي الإسمنتي البيوت في الأحياء الشمالية من مدينة رفح المصرية، التي كان بالإمكان رؤيتها بوضوح قبل إقامة الجدار.

ويشعر من يتجول على طول الحدود بالفعل بإعلان حكومة غزة المقـــــــــــــــالة المنطقة منطقة عســـــــــــــكرية مغلقة، حيث خلت تماما من الناس، لدرجة أن خالد، صاحب إحدى الشاحنات، الذي يعمل في مجال نقل الوقود المهرب، لم يذكر وقتا خلت فيه هذه المنطقة من الناس كما هي عليه الآن، مشيرا إلى أن المنطقة بدت وكأنها تخضع لنظام حظر التجوال.

من الواضح أن صناع القرار في غزة غير معنيين تماما بأن يستغل بعض الناس، كما حدث في الماضي، ظروف مصر الحالية للانقضاض على الحدود، حتى لا يتحول إلى سلاح سياسي ضد حكومة هنية المقالة، من هنا كانت التعليمات صارمة وقاطعة تماما بعدم السماح بالاقتراب من الحدود.

وبخلاف التوقعات، لم يكن هناك ثمة جلبة كبيرة عند منطقة أنفاق الوقود، حيث اصطفت الشاحنات إلى جانب بعضها، ويتم إيصال خراطيم الوقود من داخل النفق إلى الحاويات، وبعد أن تمتلئ يتم توجيهها من قبل عناصر الأمن والحكومة للتوجه إلى منطقة محددة من غزة.

وقال أحد التجار الذين يعملون في مجال الوقود لـ«الشرق الأوسط» إنه حتى في أوج الأحداث في مصر، لم تتأثر إمـــــــــــــــــدادات الوقود كثيرا، عازيا الأزمة الأخيرة في الوقود إلى حالة الهلع التي أصابت الناس، الذين خافوا من أن تتأثر الإمدادات بالأحداث. وأضاف: «هذا ليس سيئا على الإطلاق، فقد تحسنت المداخيل من هذه التجارة بشكل واضح، إذ رفع سعر لتر البنزيـــــــــــــن العادي من 1.5 شيقل إلى 1.9 شيقل، في حين قفز سعر لتر البنزين السوبر من 2.8 إلى 3.5 شيقل».

وأكد أصحاب شاحنات تحدثت معهم «الشرق الأوسط» أيضا أن الأوضاع تسير على ما يرام. وإذا كانت أنفاق الوقود قد حفرت في المنطقة الغربية الرملية، فإن الأنفاق التي يتم تهريب الإســــــــــمنت عبرها توجد للشرق منها، حيث يجري ضخ كميات الإسمنت لصالح عدد من تجار مواد البناء.

ونقل تجار تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» انطباعات شركائهم الموجودين على الطرف الآخر من الحدود، عن الأوضاع. وأكدوا أن الأوضاع في منطقة شمال سيناء تتجه إلى الاستقرار حاليا، وإن كان هناك تفاوت في أقوالهم وتصوراتهم لما حدث هناك في بداية الأحداث.