اختبار مهم يلوح في مناطق نفوذ طالبان جنوب أفغانستان

السيطرة على ولاية قندهار أمر حاسم للجهود العسكرية الأميركية

TT

شهدت مدينة قندهار جنوب أفغانستان العام الماضي عمليات عسكرية كبيرة للقضاء على متمردي طالبان، إلا أن الاختبار الحقيقي لنجاح تلك العمليات لم يأت بعد. وتعتبر السيطرة على ولاية قندهار التي تعتبر مسقط رأس زعيم طالبان الملا محمد عمر والموطن الروحي للمتمردين، أمرا حاسما بالنسبة للجهود العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة للقضاء على التمرد الإسلامي وإنهاء أطول حرب أميركية. وتصاعدت التحديات الأمنية في قندهار أول من أمس عندما قتل 19 شخصا من بينهم 15 من رجال الشرطة ورجل استخبارات في سلسلة هجمات أعلنت طالبان مسؤوليتها عنها. وتأتي هذه الهجمات في إطار سلسلة تستهدف مسؤولين حكوميين موالين للرئيس حميد كرزاي. ومع غياب دعم السكان المحليين، يبرز السؤال الكبير حول ما إذا كانت المكاسب التي حققتها القوات الأميركية ستصمد أمام العنف الذي يتوقع أن يشتد في الربيع. وردا على سؤال عما سيحدث في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران)، قال الكولونيل ويليام غرايدون، قائد العمليات في القوة الدولية للمساعدة على إحلال الأمن في أفغانستان (إيساف) في قندهار «لا أعلم». وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية قائلا: «ولكن ما أعلمه هو أننا سنواصل الضغط طوال فصل الشتاء حتى لا تحدث ثغرة يمكن أن يعود منها المسلحون». وأضاف أن الوضع في الولايات يبرز كذلك حالة غموض حيال ما ستكون عليه أفغانستان بعد عام 2014 عندما تبدأ القوات الأفغانية في تولي السيطرة الأمنية ومدى مشاركة القوات الأجنبية في ذلك. وفي قندهار، قاد الجيش الأميركي عملية «هامكاري» ضد طالبان في الربيع الماضي بعد أن أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما بإرسال 30 ألف جندي إضافي بموجب استراتيجية عسكرية في أواخر 2009. وذكرت قوات الحلف الأطلسي أن مدينة قندهار والمناطق القريبة منها أصبحت أكثر أمانا الآن عقب القتال العنيف لطرد مسلحي طالبان منها والذي أسفر عن مقتل 99 شخصا على الأقل. لكن وبعد تسع سنوات من الإطاحة بنظام طالبان بقيادة الولايات المتحدة في عام، 2001 لا يزال مسؤولو الحكومة يتعرضون لهجمات منتظمة في مدينة قندهار، عاصمة الجنوب. وإضافة إلى هجوم الشرطة السبت، اغتيل نائب حاكم الولاية الشهر الماضي. وقال المحلل الأمني الأفغاني الجنرال هلال الدين هلال إنه تم إخراج متمردي أفغانستان من الكثير من مقارهم، إلا أنهم يشنون الآن هجمات محددة، خاصة في مدينة قندهار والمناطق المحيطة بها انتقاما لذلك. وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية قائلا: «بعد هزائمهم الكبيرة في قندهار، يركز متمردو طالبان حاليا على الهجمات على المسؤولين لمنع الناس من الانضمام إلى الحكومة». وقال غرايدون إن «فقاعة الأمن» امتدت إلى مناطق مجاورة هي إرغانداب وزهاري وبانجواي التي تسيطر حركة طالبان على أجزاء منها منذ التسعينات. ويضخ القادة الأموال في مشاريع «النقود مقابل العمل» لمحاولة منع السكان المحليين من جني المال عبر القتال لصالح طالبان في المناطق الزراعية الفقيرة التي يهيمن عليها البشتون، القبيلة التي يتحدر منها مقاتلو طالبان. إلا أن مخاوف لا تزال قائمة حول الفساد بين المسؤولين المدعومين من الغرب في قندهار. ويترأس أحمد والي كرزاي شقيق الرئيس الأفغاني مجلس ولاية قندهار، ويتهم بالتزوير والاتجار بالمخدرات، إلا أنه ينفي تلك التهم. ويقول الخبراء إن ما يحدث في قندهار له انعكاسات أوسع على الحرب في أنحاء أفغانستان. وجاء في تقرير الشهر الماضي أصدره معهد «دراسات الحرب والمشروع الأميركي»، أن «تحقيق النجاح في جنوب أفغانستان ضروري ولكنه ليس شرطا كافيا لنجاح مكافحة التمرد في أفغانستان بشكل عام». ومثل غيرها من المناطق الأكثر خطرا في أفغانستان، فإنه من غير المرجح أن تشهد قندهار أي انسحاب محدود للقوات الأجنبية والذي من المفترض أن يبدأ في يوليو (تموز). ويؤكد المسؤولون الآن بشكل متزايد على موعد انتقال المسؤوليات الأمنية في عام 2014 إلى القوات الأفغانية. وحذر القائد الأميركي في الميدان الجنرال ديفيد بترايوس الأسبوع الماضي من مزيد من سفك الدماء في الربيع إذا حاولت طالبان استعادة المناطق التي كانت تسيطر عليها. وكان العام الماضي الأكثر دموية بالنسبة للقوات الأجنبية في أفغانستان. ولكن بعد 2014 من غير الواضح ما هو الدور الذي سيلعبه الغرب في أفغانستان. وقال كرزاي هذا الأسبوع إنه يجري محادثات مع الولايات المتحدة حول إقامة قواعد عسكرية أميركية دائمة في البلاد. ويقول مسؤولون إن واشنطن ستحتفظ بعلاقات قوية مع كابل بعد 2014. ويترك ذلك الباب مفتوحا أمام احتمال قيام القوات الأميركية بتدريب القوات الأفغانية وإمكانية استخدامها لقواعد عسكرية أو حتى الإبقاء على قوة صغيرة العدد لأجل غير مسمى لمكافحة الإرهاب في أفغانستان حماية لمصالحها الأمنية القومية.