تشويش إعلامي

مصطفى الآغا

TT

عندما اتفق العالم على أن الصحافة هي «السلطة الرابعة» بعد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.. كان هذا العالم يقصد الصحافة الحرة غير المتحيزة، والصادقة، والتي تستقي الحقائق من مصادرها، وتتأكد من الكلام الذي تكتبه قبل أن تنشره للملايين في مجتمع شفاف يتقبل الرأي والرأي الآخر، ولا يتعامل مع النقد والناقد على أنه حاقد وجاهل وناقم وموتور إذا خالفه الرأي.. وللأسف، فما زلت حتى الساعة أرى أن ثلاثة أرباع المسؤولين الرياضيين العرب يتحسسون من النقد ومن الرأي ومن أصحاب الرأي على الرغم من لجوء هؤلاء المسؤولين للإعلام لتبييض صفحاتهم و«بروظة» صورهم إلى درجة باتوا معها هم النجوم الأبرز على حساب اللاعبين والإداريين.

وفي ظل رواج نظريات المؤامرات، وللأسف ارتباط بعض «الإعلاميين» بسلطتي المال والقوة، باتت العملية النقدية عرضة للتسخيف والتقليل من شأن صاحبها حتى تصل في بعض الدول لدرجة تخوينه حتى ولو كان لهذا الناقد تاريخ طويل من العمل الإعلامي «الشريف والمفيد» ولكن يبدو أن وحدة القياس لدى بعض المسؤولين هي مدى مباركة هذا الصحافي أو الإعلامي ومساندته لكل القرارات التي اتخذها المسؤول ليصبح بالتالي إعلاميا طيبا مدجنا، ولكن فكرة التدجين باتت جدا مستبعدة في ظل ما نراه اليوم في العالم العربي من رفض للتضييق على الحرية الإعلامية وحرية التعبير، وهو ما أراه سينعكس إن عاجلا أم آجلا على آليات النقد الرياضي الذي كان يتحفظ في كثير من الأحيان على النفاذ إلى لب المشكلات، ويفضل الدوران حولها والإشارة إليها من بعيد، والكلام لا يستثني أي دولة عربية، خاصة أن الرياضة هي هم وطني بامتياز، ومجالات الاختلاف فيها أكبر من مجالات الاتفاق في ظل خصوصية مختلفة عن المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ذات النفس الطويل والثابت، بينما الرياضة متحولة ومتغيرة تبعا للنتائج التي تستوجب ردود فعل آنية، لهذا أنصح قياداتنا الرياضية قبل أن تستعد لجرعة نقدية أكبر من الموجات السابقة أن تبادر للاعتراف بالتقصير حيث يوجد، وبالخلل الذي يمكن تصويبه، وعدم المكابرة على الأخطاء، وتقبل الرأي الآخر على أنه للصالح العام وليس كرها بمن يقود الدفة.