أصيلة.. يتيمة كارثة جدة الأولى

ما زالت تعيش حالة نفسية صعبة نتيجة فقد أفراد أسرتها السبعة

الشابة أصيلة قبل سنوات («الشرق الأوسط»)
TT

فقدان أي شخص أيا كان ذكرا أو أنثى.. كبيرا أو صغيرا، أفراد أسرته التي عاش في كنفها فجأة.. أمر لا محالة، سيكون مسببا لعقد نفسية، ربما تقود للتفكير في الخلاص من هذه الحياة، بالانتحار أو بأي طريقة كانت.. المهم، أن تتوقف الحياة هربا من مواجهة ألم مفارقة الأهل والأحباب.

وأيا كانت أسباب مفارقة الأهل والأحباب للحياة، فأي حدث يشابه سيناريو إزهاق أرواحهم، بالتأكيد سيكون سببا لعيش ألم نفسي طالت الدنيا أم قصرت، فما تعيشه شابة سعودية من أهالي جدة، يؤكد حقيقة هذا الأمر، بعد فقدانها أسرتها كاملة في حادثة سيول جدة الأولى، العالم قبل الماضي.

وعادت أحداث جدة الأخيرة بالذاكرة على أهالي المنطقة، وكررت المشاهد الأليمة ذاتها، في مشهد لن يتكرر إلا عبر شريط الذكريات، الذي يشترك فيه جميع أهالي جدة ممن عانوا من الكارثة.

فما يتعلق بسيناريو الحادثة للشابة السعودية «أصيلة»، ذات الخمسة عشر ربيعا، لن يتكرر إلا في عينيها فقط، وهي التي كتب الله لها أن تفقد 7 أفراد من أسرتها مرة واحدة، في الكارثة الأولى التي حلت بعروس البحر الأحمر.

فمع الكارثة الثانية، عادت إلى مخيلة «أصيلة العتيبي» اللحظات ذاتها والسيناريو نفسه في الكارثة الأولى، التي أخذت منها جميع أفراد أسرتها، الذين لن يعوضوا، حتى إن بلغت أو فاقت التعويضات المادية ملايين الريالات.

فما تعاني منه الشابة من انطواء نفسي على ذاتها، بات يمنعها من لقاء الآخرين، قاد عمها لاحتوائها، وسعيه لعرضها على أطباء نفسيين، بعد تأزمها نفسيا عقب الكارثة الثانية، التي أعادت لذهنها مسلسل كارثة جدة الأولى، التي أخذت أسرتها وكانت سبب إزهاق أرواحهم.

«أصيلة» لم تستطع الحديث مع «الشرق الأوسط» وهو ما قاد عمها لتولي مهمة نقل ما تعاني منه نفسيا، بعد أن أصبحت «مليونيرة» كما يقول عمها مشهور العتيبي، في أعقاب تسلمها قرابة 7 ملايين ريال تعويضا من الدولة، وهو التعويض الذي خلق تساؤلا في نفس الرجل، عن إمكانية أن يعوضها المال وأن يضمد جراح فقدانها أسرتها.

مشهور العتيبي عم «المليونيرة» أصيلة، قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أعلنت خطوبتها من ابن عمها فلاح العتيبي، الذي يكبرها بسنتين، و«ستتزوج منه رغبة منها قريبا، ولم تجبر على ذلك، فو الله لو أشعر أنها لا ترغب الزواج منه ولو بنسبة واحد في المائة لأمنع هذا الزواج، فهي الآن عروس تبلغ من العمر الخامسة عشرة، ورغبة في تحقيق وصية والدها قبل وفاته، وقد تبرعت عنه وعن أسرتها كاملة بمبلغ مليون ريال لإنشاء مساجد ومشاريع خيرية».

منظر هطول الأمطار بالنسبة لأصيلة التي تدرس في الصف الرابع الابتدائي، بات مرعبا لها، فتولدت في ذاتها رغبة للصعود لقمة أي جبل في حال هطول الأمطار، خشية أن يتكرر مسلسل هلاك أسرتها، بما يعكس أزمة نفسية لا تعلم إلى متى سترافقها في حياتها، فصوت المطر بات بمثابة الشبح في نفسها يثير فزعها، وأي سحابة تحمل المطر، باتت إشارة تحمل بين طياتها، أن هناك دمارا وكارثة قد تعود لتقضى عليهم». وتعيد قصة «أصيلة» للواجهة، ضرورة تفعيل مطالبة بعض الخبراء النفسيين في أعقاب كارثة جدة الثانية بإخضاع الأطفال في جدة لمتابعة نفسيه، خشية إصابة البعض منهم بعقد قد تستمر معهم حتى بلوغهم سن متقدمة من العمر.