ميركل تصف خطاب القذافي بالمرعب وفرنسا تهدد: المجازر لن تمر دون عقاب

كاسترو يعتقد أن أميركا ستحتل ليبيا.. وواشنطن قلقة إزاء استخدام القوة المفرطة

TT

أعربت الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية عن قلقها العميق إزاء ما يحدث في ليبيا، لا سيما الاستخدام المفرط للعنف ضد المحتجين العزل، وخرجت فرنسا عن القاعدة لتهدد، على لسان وزير الشؤون الأوروبية، المسؤولين الليبيين عن «المجازر»، بأن هذه الأعمال «لا يمكن أن تفلت من العقاب». ووصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خطاب الزعيم الليبي معمر القذافي أمس بأنه «مخيف للغاية»، وقالت إنه أعلن الحرب على شعبه. وأضافت ميركل في مؤتمر صحافي أنه إذا لم يتوقف القذافي عن ممارسة العنف فستؤيد فرض عقوبات على ليبيا، أما وزير خارجيتها فقال إن استمرار العنف في ليبيا قد يؤدي إلى فرض المقاطعة الدولية عليها.

وفي أبوظبي، أعرب الأدميرال مايك مولن، رئيس أركان الجيوش الأميركية، عن قلقه إزاء أعمال القتل الجارية في ليبيا، مؤكدا أن التغيير لا بد أن يتم بطرق سلمية. وقال مولن للصحافيين، خلال زيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة في إطار جولة خليجية الهدف منها تأكيد العلاقات الاستراتيجية مع الحلفاء في المنطقة، الذين يواجهون تحديات التحركات الاحتجاجية: «نعم هناك قلق عميق إزاء الأرواح التي تزهق. ونحن جميعا متفقون على أن الوقت هو وقت التغيير الكبير، ولا بد من تحقيقه سلميا ودون إزهاق أرواح».

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن «سخطه» من المعلومات التي تحدثت عن استخدام النظام الليبي للطائرات الحربية وطائرات الهليكوبتر في إطلاق النار على المتظاهرين. وطالب الأمين العام الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في اتصال هاتفي بوقف فوري لأعمال العنف.

وقال المتحدث مارتن نيسيركي قبيل مشاركة بان في اجتماع بلوس أنجليس: «إن الأمين العام أعرب عن سخطه من المعلومات الصحافية التي تحدثت عن أن السلطات الليبية أطلقت النار على متظاهرين من طائرات حربية وهليكوبتر». وأضاف أن «مثل هذه الاعتداءات على مدنيين في حال تأكدت تشكل انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي وسوف يدينها الأمين العام بشدة».

ودعا المفوض السامي لحقوق الإنسان الدولية نافي بيللاي إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق في اعتداءات النظام الليبي على المحتجين العزل، مشيرا إلى أنها قد تصل إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية. ودعا بيللاي إلى وقف فوري لانتهاكات حقوق الإنسان، مدينا استخدام الأسلحة الرشاشة والطائرات الحربية ضد المتظاهرين.

واعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي استخدام الوسائل الحربية لقمع المطالبين بالتغيير «أمرا غير مقبول»، مضيفا أن الليبيين «لا يمارسون سوى حقهم الجوهري في التظاهر وحرية التعبير». وجدد الرئيس الفرنسي الدعوة إلى «الوقف الفوري» لأعمال العنف. ودعا إلى «حل سياسي يلبي توق الشعب الليبي إلى الحرية والديمقراطية» دون الإشارة بالاسم إلى القذافي ولا إلى من هو مقصود حقيقة بهذه الدعوة. ووصف وزير الشؤون الأوروبية في الحكومة الفرنسية لوران فوكييز تعاطي ليبيا مع المحتجين بأنه «معيب»، مضيفا أن بلده، كما العالم العربي، تشعر بالتأثر بسبب شدة القمع والآلام التي تنزل بالشعب الليبي. وفي تحذير واضح للمسؤولين عن «المجازر»، نبه فوكييز إلى أن هذه الأعمال «لا يمكن أن تفلت من العقاب».

وفي لندن، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن هناك ما يشير إلى أن هياكل الدولة تتداعى في ليبيا. وأضاف في حديث للصحافيين أن هناك «مؤشرات كثيرة على أن هياكل الدولة تنهار بأكثر من صورة في ليبيا». وتابع: «استقالة هذا العدد الكبير من السفراء والدبلوماسيين، والأنباء بأن الوزراء غيروا ولاءهم داخل ليبيا، تظهر أن النظام في حالة أزمة شديدة». وأدانت اليونان، على لسان وزير خارجيتها ديمتريس دروتساس، العنف في ليبيا. وذكر حزب اليسار الديمقراطي، من جانبه، في بيان رسمي، أن أفضل شيء يمكن أن يقدمه العقيد القذافي لشعبه هو أن يحذو حذو الرئيس المصري السابق حسني مبارك ويعلن استقالته. كما حث الحزب اليوناني المجتمع الدولي على أن يتدخل مباشرة بكل الوسائل المتاحة له لوقف إراقة الدماء، ولإطلاق التحول الديمقراطي وعودة الحياة الطبيعية هناك، لمنع الحرب الأهلية.

أما وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي فقال إن استمرار العنف في ليبيا قد يؤدي إلى فرض المقاطعة الدولية عليها، دون أي يحدد ماهية هذه العقوبات. وطالب فسترفيلي القذافي بوضوح بالتنحي، وقال: «عائلة حاكمة تهدد شعبها بحرب أهلية تكون قد وصلت إلى نهايتها».

وفي بروكسل، شدد الاتحاد الأوروبي، أمس، على ضرورة أن يوقف الجيش الليبي إطلاق النار على مواطنيه في حملة صارمة «وحشية» و«غير متكافئة». وقالت مايا كوسييانسيتش، المتحدثة باسم مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد كاثرين آشتون: «ندين الاستخدام الوحشي وغير المتكافئ لاستخدام القوة ضد المتظاهرين، وندعو الجيش الليبي إلى الإحجام عن استخدام العنف ضد مواطنيه».

وأعربت الصين عن قلقها إزاء الموقف السياسي المضطرب في ليبيا، وتعهدت بحماية مواطنيها ومصالحها التجارية هناك. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» عن المتحدث باسم وزارة الخارجية ما تشاو شيوى القول: «الصين تأمل في أن تستعيد البلاد الاستقرار الاجتماعي والسياسي في أقرب وقت ممكن». وقال ما تشاو شيوى: إن المواطنين الصينيين والشركات الصينية في ليبيا يتعرضون لهجمات منذ اندلاع الاضطرابات في 16 فبراير «شباط» الحالي.

وأضاف ما تشاو شيوى: «إن الحكومة الصينية تولي اهتماما كبيرا للموقف، وأصدرت أوامرها للسفارة الصينية في ليبيا أن تتخذ كل الخطوات الضرورية لضمان سلامة المواطنين والشركات الصينية العاملة في ليبيا».

من جانبه، أعرب الزعيم الكوبي فيدل كاسترو عن اعتقاده أن الولايات المتحدة، بمساعدة حلف شمال الأطلسي «الناتو»، ستحتل ليبيا. وفي تعليق مكتوب نشرته وسائل الإعلام المحلية، أمس، قال كاسترو، الرئيس الكوبي السابق الذي تربطه صداقة قديمة بالقذافي: «من الواضح تماما بالنسبة لي أن الولايات المتحدة لا يعنيها إحلال السلام في ليبيا». وأضاف أن الولايات المتحدة «لن تتردد في إصدار الأمر لـ(الناتو) بالتدخل العسكري في هذا البلد الغني، ربما خلال ساعات أو أيام». وقال كاسترو: من الممكن أن تتفق أو تختلف مع القذافي، لكن الكشف عن حقيقة الاضطرابات في ليبيا سيستغرق وقتا. وأكد أنه لا يستطيع أن يتخيل أن القذافي فر من بلاده لكي يهرب من المسؤولية، مشيرا إلى أن «أي إنسان شريف سيظل واقفا قبالة الظلم الذي يمارس ضد أي شعب في العالم».