الجامعة توقف مشاركة ليبيا.. ودول عربية تدين استخدام النظام للعنف.. وأخرى تلتزم الصمت

أمين مجلس التعاون الخليجي: الشعب الليبي «يتعرض لإبادة»

TT

نواكشوط: محمد الأمين كوالالمبور: جمال الدوبحي

* في خطوة غير مسبوقة، قررت جامعة الدول العربية وقف مشاركة وفود ليبيا، وذلك خلال الاجتماع الطارئ الذي عقدته أمس في القاهرة، لبحث الأوضاع المتدهورة في ليبيا.

في غضون ذلك، أعربت معظم الدول العربية عن رفضها أعمال العنف التي يستخدمها النظام الليبي ضد المتظاهرين المدنيين الداعين إلى إسقاط العقيد معمر القذافي الذي يحكم البلاد منذ عام 1969 بعد نجاحه في الانقلاب العسكري ضد الملك إدريس السنوسي.

وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية، أمس: إن الشعب الليبي «يتعرض لإبادة حقيقية» من قبل النظام، داعيا إلى «وقفة» عربية وإسلامية وعالمية عاجلة لنصرة هذا الشعب. وشجب العطية، في بيان نشرته وكالات الأنباء الخليجية «بشدة أعمال العنف التي يرتكبها النظام الليبي حاليا ضد أبناء الشعب الليبي العزل» معتبرها أعمالا تفتقر إلى «أبسط القيم الإنسانية وتتنافى مع الكرامة وحقوق الإنسان».

وناشد العطية المجتمع الدولي «إدانة تلك الأعمال المرفوضة جملة وتفصيلا من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال بلورة موقف يضع حدا لمثل هذه الانتهاكات البشعة».

وعبَّر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية محمد الكايد عن رفض الأردن استهداف المدنيين في ليبيا واستخدام الطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة ضدهم حسبما تتناقل وسائل الإعلام، مؤكدا أن إراقة دماء أبناء الشعب الليبي الشقيق يجب أن تتوقف فورا. وأضاف المتحدث في بيان صحافي أمس أن هذه الأعمال والوسائل والأساليب في التعامل مع المدنيين تشكل خروقا جسيمة لمنظومة القانون الإنساني الدولي مثلما تشكل انتهاكات بالغة لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

ودعا الكايد السلطات الليبية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع الأحداث الجارية في ليبيا وتغليب الحكمة والعقل في التعامل معها بما يحفظ ويصون حياة وأمن وأمان وكرامة المواطنين الليبيين وحرمة الدم الليبي وكذلك كل المقيمين في ليبيا، مؤكدا مسؤولية ليبيا الحفاظ على سلامتهم وبشكل يعيد الاستقرار إلى ليبيا.

وأدانت أحزاب المعارضة الأردنية ما وصفته بالمجازر «البشعة» التي ينفذها النظام الليبي بحق الشعب الذي انتفض ضد الديكتاتورية والقمع والاستبداد. وقالت المعارضة في بيان لها إن رد النظام الليبي على مطالب شعبه المشروعة بالحريات والعدالة غير مسبوق؛ حيث استخدم كل أدوات البطش والقتل والإرهاب والتدمير. ووجهت نداء إلى كل عربي ومسلم ولكل إنسان من أجل إنقاذ الشعب الليبي ودعم مطالبه بتغيير النظام.

وفي أول رد فعل شعبي أردني تظاهر نحو 150 شخصا أمام السفارة الليبية في عمان احتجاجا، وللتعبير عن تضامنهم مع الشعب الليبي. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها: «أوقفوا قتل أحرار ليبيا» و«تحية للشعب الليبي البطل»، كما رفعوا صورة كبيرة للزعيم التاريخي شيخ المجاهدين الشهيد عمر المختار مكتوبا عليها «سوف تأتي أجيال من بعدي تقتلكم.. أما أنا فحياتي سوف تكون أطول من حياة شانقي».

وأدانت الأمانة العامة لمؤتمر الأحزاب العربية، التي تتخذ من عمان مقرا لها وتضم في عضويتها نحو مائة حزب عربي، استخدام النظام الليبي السلاح ضد الانتفاضة الليبية، كما أدانت تهديدات سيف الإسلام القذافي لشعبه، وإقحامه المواطنين العرب المقيمين في ليبيا، وحملت النظام مسؤولية المساس بهم. وأعربت الأمانة عن تأييدها لمطالب الشعب الليبي الساعي إلى تغيير النظام، وحيت العاملين في المؤسسات العسكرية والأمنية والدبلوماسية الذين رفضوا المشاركة في قمع مواطنيهم وانضموا إلى مطالبهم.

واعتبر الناطق باسم السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة ما يجري في ليبيا شأنا داخليا، متمنيا للشعب الليبي «الأمن والاستقرار والسلام». ودعا أبو ردينة في بيان بثته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) الفلسطينيين المقيمين في ليبيا إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية الليبية.

والتزم المغرب بالصمت ولم يصدر عنه أي رد فعل رسمي بخصوص الاحتجاجات والأحداث الدامية في ليبيا، لكن وزارة الخارجية المغربية أعلنت عن تشكيل خلية أزمة لمتابعة أوضاع الجالية المغربية بليبيا. وقال يوسف العمراني، وكيل وزارة الخارجية في تصريح للصحافة: «كما كان الشأن في تونس ومصر فإن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون أنشأت خلية أزمة، تتابع تطورات أوضاع الجالية المغربية المقيمة في ليبيا». وأضاف أن «الوزارة اتخذت جميع الترتيبات اللازمة لحماية مصالح هذه الجالية».

لكن حزب التقدم والاشتراكية، المشارك في الحكومة، دعا إلى «الوقف الفوري لممارسات القمع والقتل والتنكيل، التي ذهب ضحيتها أعداد كبيرة من أفراد الشعب، والكف عن استخدام السلاح لإسكات صوت الجماهير». وأدان بشدة «الاستخدام المفرط للقوة والعنف لقمع انتفاضة شعبية سلمية». وعبر الحزب، في بيان له، عن تضامنه مع الشعب الليبي، وعن أمله في «أن يهتدي الفرقاء كلهم في ليبيا إلى طريق السلم والاستقرار، حفظا للأمن بالمنطقة المغاربية».

ولم يصدر عن سورية أي رد فعلي رسمي، لكن الحكومة سمحت لنحو 150 شخصا بالاعتصام أمام مقر السفارة الليبية في دمشق. ودعا المعتصمون إلى تنحي الرئيس الليبي معمر القذافي و«وقف حمام الدماء».

وطالبت تونس ليبيا بـ«الكف فورا عن استعمال القوة ضد المدنيين الأبرياء». وقالت إنها «تتابع بانشغال عميق وقلق كبير تدهور الأوضاع في ليبيا الشقيقة وارتفاع أعداد الضحايا جرَّاء الاستعمال المفرط للقوة ضد المواطنين العزل في عدة مناطق من البلاد». وقالت وزارة الخارجية التونسية في ثاني بيان تصدره بخصوص الأوضاع في ليبيا في غضون 24 ساعة: «إن تونس تعرب عن عميق حزنها وأساها للخسائر البشرية الجسيمة التي تكبدها الشعب الليبي الشقيق، وتطالب بالكف فورا عن استعمال القوة ضد المدنيين الأبرياء ووقف هذا النزيف الخطير والمؤلم الذي يهدد هذا البلد الشقيق في أغلى ما يملك من بشر ومكاسب». وأضافت الوزارة: «وتكريسا لتضامنها الكامل مع الشعب الليبي الشقيق، تؤكد تونس استعدادها لاستقبال الجرحى الليبيين للعلاج في أكبر مستشفياتها». وأعلنت عن «إطلاق حملة وطنية عامة للتبرع بالدم بإشراف الهلال الأحمر التونسي واتخاذ إجراءات فورية لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة التي يحتاجها الإخوة الليبيون في هذه الظروف الاستثنائية الصعبة التي يعيشونها». ولم يصدر موقف رسمي مباشر عن الحكومة الجزائرية، لكن جان بيار رافاران، رئيس وزراء فرنسا الأسبق ومبعوث الرئيس نيكولا ساركوزي إلى الجزائر لتذليل الصعاب التي تعوق تطبيع العلاقات الجزائرية - الفرنسية، أشار إلى أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة «أبلغني تحفظه الشديد على الطريقة التي تعامل بها القذافي مع الاحتجاجات الشعبية في المدن الليبية». ونقل عنه قوله إن الجزائر «تدين العنف الذي يجري بليبيا».

أما شعبيا، فقد نظم العشرات من الجزائريين مظاهرات أمام مبنى سفارة ليبيا، نددوا فيها بـ«الجرائم الوحشية المرتكبة ضد الشعب الليبي الأعزل، التي فاقت التصورات كلها». وشارك في المظاهرات رئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» أبو جرة سلطاني وبرلمانيون ورجال أعمال. وطالب المحتجون من السلطات الجزائرية «حكومة ورئاسة ومؤسسة عسكرية باتخاذ موقف مشرف والتدخل المباشر لحماية الشعب الليبي وإنقاذه من القذافي ومرتزقته».

وأدانت أحزاب سياسية موريتانية، أمس، أعمال النظام الليبي التي وصفتها بـ«الهمجية والإجرامية». وكانت الإدانة محل إجماع بين الموالاة والمعارضة في موريتانيا حيال ما يدور في المدن الليبية من قمع وتنكيل بالمتظاهرين في الشوارع، مطالبين بالتوقف عن استخدام القوة المفرطة لمواجهة المظاهرات الشعبية ذات الطابع السلمي، حسب بيانات الأحزاب.

ومزق محمد جميل منصور، النائب عن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، والنائبة لمات بنت مكيه، النائبة عن حزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية، الكتاب الأخضر خلال جلسة للبرلمان، احتجاجا على الأوضاع المتدهورة في ليبيا.

وأدان حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، بشدة، المجازر التي تُرتكب بحق الشعب الليبي، محذرا المعارضة من التغرير بالشعب الموريتاني وإلهاب مشاعره، والدفع به نحو ركوب موجة الحماس التي تغمر بعض البلدان العربية لإثارة الفتنة والشغب، والفوضى باسم الديمقراطية. ودعا البيان جميع الطيف السياسي إلى ضرورة العمل بكل مسؤولية وتجرد، والابتعاد عن الوقوع في فخ الطموحات الفردية الضيقة والأنانية، والأغراض السياسية غير المعلنة الهادفة إلى مصادرة خيار غالبية الموريتانيين.

وعززت مصر من وجودها على الحدود مع ليبيا، أمس، مع تدفق آلاف الفارين، بينما واصل آلاف الليبيين والمصريين تظاهرهم في مدن القاهرة والإسكندرية ومرسى مطروح والسلوم، تضامنا مع الانتفاضة الليبية، ورفعوا لافتات منددة بحكم القذافي. ودعا محتجون في مطروح والسلوم، المدينتين المصريتين الأقرب إلى الحدود الليبية، السلطات المصرية إلى التدخل لإنقاذ الشعب الليبي من القصف والإبادة، والسماح لمزيد من الأطباء بالعبور إلى الجانب الليبي لإسعاف آلاف الجرحى.

ودعا مثقفون عرب وأجانب المنظمات الدولية إلى «وقف المجزرة بحق المدنيين العزل، الدائرة منذ أيام في المدن الليبية»، ووقَّع أكثر من 100 مثقف عربي بينهم مصريون وسوريون وعراقيون ومغاربة وغيرهم بيانا أدانوا فيه «الإبادة الجماعية» للشعب الليبي، داعين المجتمع الدولي إلى التدخل «لوقف المذبحة».

وأهاب الموقعون على البيان بالأمين العام للأمم المتحدة وبالاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات الحقوقية والأهلية الدولية والعربية التدخل لوقف المجزرة بحق المدنيين العزل في المدن الليبية على أيدي التشكيلات العسكرية الليبية والميليشيات التابعة للنظام الديكتاتوري ومعها المرتزقة الذين استقدمهم من الجوار الأفريقي، على حد ما جاء في البيان.

وفي ميدان التحرير بوسط القاهرة هتف متظاهرون متضامنون مع «انتفاضة الشعب الليبي» ضد نظام العقيد القذافي، بينما شارك على مدى الأيام الثلاثة الأخيرة، وحتى أمس، ما يزيد على ألفي متظاهر أمام السفارة الليبية في شارع صالح أيوب بمنطقة الزمالك، كان من بينهم أعضاء الجاليات الليبية والمعارضون للحكم الليبي وفئات مختلفة من الشعب المصري، مرددين هتاف «مصر وليبيا إيد واحدة».